الثورة – تعليق ريم صالح:
كيف يمكن أن نقرأ تطورات المشهد الميداني في أوكرانيا؟، وماذا يمكن أن نقول عن تدفق مئات الإرهابيين والمرتزقة المأجورين من إرهابيي جبهة النصرة، وداعش، ومستنسخاتهم الإرهابية بإيعازات أمريكية مباشرة وتسهيلات أوكرانية، وتركية، وبولندية إلى كييف؟، ولعل الأهم من ذلك كله، والسؤال الأبرز هنا إلى أين تريد الإدارة الأمريكية أن تصل بحماقاتها، وسيناريوهاتها المعادية لموسكو؟.
اللافت هنا أن أمريكا لم تكتف بالإيعاز لإرهابييها من جبهة النصرة، ولدواعشها في قاعدة التنف غير الشرعية على الأراضي السورية، للانتقال فوراً إلى الأراضي الأوكرانية، بل إنها تدخلت سريعاً عبر كل من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (اف.بي.آي) على خط الحرب في أوكرانيا، وقامت عبر أذرعها الإجرامية، ومنهم عناصر بلاك ووتر الإرهابيين بقتل المدنيين الأبرياء، وكل من يندد من المواطنين الأوكرانيين بسياسات النظام الأوكراني، ويفضحها، ويقول كلمة حق بأن التدخل الروسي إنما كان من أجل حمايتهم، لا أكثر ولا أقل، وبأن الخطر، والقتل، والإبادة، إنما تأتيهم من نظام بلادهم، ومن أمريكا، ومن لف لفيفها.
ما نقوله ليس مجرد كلام وإنما هي معلومات موثقة بالأرقام، وبالصور، والوثائق، وبحسب مصادر عسكرية فإن نحو 450 إرهابياً من جنسيات عربية وأجنبية، معظمهم من تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وصلوا إلى أوكرانيا، قادمين من إدلب، وريف حلب، للمشاركة في القتال في أوكرانيا، وذلك بعد أقل من 3 أيام فقط على مغادرتهم الأراضي السورية، مروراً بالأراضي التركية، بعد أن جندهم النظام الأوكراني والتركي، ودفع لهم إغراءات مالية، دون أن ننسى أن ذلك لم يكن ليتم لولا إيعازات مباشرة من البيت الأبيض، فهو مشغلهم الأول والأخير.
قاعدة “التنف” التي تحتلها القوات الأمريكية في سورية، باتت هي الأخرى معسكراً لتدريب إرهابيي “داعش”، قبل إرسالهم إلى دونباس شرق أوكرانيا لمؤازرة النازيين الجدد، والكلام هنا للاستخبارات الروسية، التي أوضحت أن الولايات المتحدة تواصل تشكيل زمر جديدة من الإرهابيين، وتعتزم إرسالهم إلى أوكرانيا عبر بولندا، وأن الاستخبارات المركزية الأمريكية، وقيادة العمليات الخاصة التابعة للقوات المسلحة الأمريكية تواصل حشد “وحدات إرهابية داعشية جديدة” في الشرق الأوسط والدول الإفريقية.
وبحسب معلومات تستند إلى اتصالات لاسلكية فإن مرتزقة أمريكيين ينسقون، ويتولّون قيادة عمليات حرب عصابات، شرق أوكرانيا ضد المواطنين الأوكرانيين الموالين لروسيا في محيط جيب سلافيانسك.
هذا وكانت مجلة “تايم” البريطانية قد أشارت إلى أن مؤسس الشركة العسكرية الأمريكية للأعمال الإجرامية “بلاك ووتر” إريك برنس، عرض صفقات عدوانية وتآمرية واسعة النطاق على أوكرانيا، لافتة إلى أن أحد المقترحات إنشاء شركة عسكرية خاصة جديدة من شأنها تجنيد أفراد عسكريين من بين قدامى المحاربين في الحرب المستمرة شرق أوكرانيا، هذا وكانت العديد من المصادر قد تحدثت مؤخراً عن وجود أكثر من 400 إرهابي من إرهابيي شركة بلاك ووتر المعروفة حالياً باسم شركة “أكاديمي” ينشطون على الأراضي الأوكرانية، ويعيثون فيها قتلاً وإجراماً.
أما السلطات الأوكرانية فقد غاصت أكثر وأكثر في الدور القذر المرسوم لها أمريكياً، فشكلت ما سمته فيلق الأجانب الذي ما هو إلا عبارة عن حشد من الإرهابيين، والمجرمين، والقتلة المأجورين، كما أنها منحت حق اللجوء للإرهابيين الدوليين، بمن فيهم إرهابيو النصرة وداعش القادمين من سورية، ووفق خبراء، فإنَّ أراضي أوكرانيا تُستخدَم حالياً ملاذاً لأكثر من 1000 إرهابي ينتمون إلى عدة تنظيمات إرهابية ومتطرفة، ومن بينهم إرهابيين قدموا من الأراضي السورية.
بعض المحللين اعتبروا القرار الأوكراني غطاءً لتدخل الشركات الأمنية الغربية في أوكرانيا، التي سيُكلَّف أفرادها بتشغيل الأسلحة المتطورة المقدمة من الدول الغربية إلى كييف في ظل عدم قدرة الجيش الأوكراني على تشغيلها، بسبب عدم التدرب عليها سابقاً، بينما صور الناشط الكندي جاي واتس الوضع بدقة متناهية عندما قال: “إذا أردت تحديد أكثر الفظائع التي ستَنتُج عن هذه الحرب، فسيكون أحدها وضع مرتزقة طليقين يترجمون تخيلاتهم العنيفة والمنحرفة داخل أوكرانيا”.
والجدير ذكره هنا أنه ليست الولايات المتحدة، والنظام الأوكراني والتركي وحدهم من يستثمرون بالأوراق الإرهابية، بل هناك أيضاً وبحسب تسجيلات صوتية موثقة دول حلف “الناتو”، والتي تقوم عبر أجهزتها الاستخباراتية بنقل مسلَّحين إرهابيين إلى أوكرانيا، ليس هذا فحسب بل إن كلَّ هجمات المرتزقة الأجانب في أوكرانيا تُنفَّذ بمساعدة أسلحةٍ قدَّمها الغرب إلى الإرهابيين المسلَّحين في أوكرانيا.