ناجي عبيد في ذكراه الثالثة وثنائية التراث والمعاصرة

الثورة-أديب مخزوم:

تمر في 14 آذار 2022 الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الفنان ناجي عبيد، الذي طرح في لوحاته في سنوات حياته التي أمتدت الى المئة عام ونيف، عناصر تاريخية تراثية بصياغات فنية حديثة، أهتمت بإبراز العفوية في معالجة الزخارف والعناصر الشعبية والفولكلورية والمعمارية والحروفية وغيرها، فاللوحة بالنسبة إليه بدت بمثابة محطة حوارية بين الماضي والحاضر، وثنائية التراث والمعاصرة ، حيث كان يستعيد الكثير من الرموز التاريخية والأسطورية والشعبية، المقروءة في الأشكال الإنسانية والطيور والزهور المحورة بتلقائية شاعرية وفطرية أحيانا ( مثل موضوعات عبلة وعنترة وأبو زيد الهلالي والزير سالم وغيرها من موضوعات القصص الشعبية القادمة من عمق التاريخ والأزمنة ) والتي ذهب من خلالها إلى إضفاء مناخية لونية متقاربة في بعض الأحيان. وأبرز قيمة التشكيلات في الحساسية الخطية واللونية المتمادية في التشكيل الحديث، إلى درجة تجاوز البعد الثالث أحيانا ،والتعبير ببعض الإشارات والرموز التاريخية والمساحات المسطحة الأقرب إلى مشاعره وأحاسيسه الداخلية.
وتتميز المرأة في لوحاته بعيونها الكحيلة بشكل أساسي، ووجهها يتجاور أو يتداخل مع الزخارف والخطوط والكتابات ويبتعد عن المباشرة الخطابية، في تقديم المناخ التشكيلي الخاص، القائم على ألوان هادئة ومتقاربة وغير صاخبة . كما برزت في تجربته الفنية الطويلة مظاهر التنويع الأسلوبي والتقني، وقدم لوحات واقعية ورمزية لمواضيع الطبيعة والزهور والرسم الأيقوني وغير ذلك، وكل ماكان يبحث عنه زوار محترفه في سوق المهن اليدوية.
فالتشكيل الزخرفي والشعبي المجاور والمتداخل مع وجه المرأة، بعيونها الواسعة والمحاطة بالسواد دائماً، هو نقطة الارتكاز الأساسية في أعمال الفنان الراحل ناجي عبيد، ولقد اتخذه في خطوات الوصول إلى لوحة تشكيلية معاصرة مثلته ومنحته خصوصية غنية بالعناصر والرموز والاشارات المحلية، وذهب أحياناً أخرى إلى بعض الاتجاهات الواقعية والرمزية، مروراً بإضفاء بعض اللمسات الفطرية على أجواء بعض لوحاته، رغم محافظته على تدرجات الظل والنور في أماكن متفرقة من اللوحة وخاصة في تجسيد وجه المرأة، وإبراز البعد الثالث.
ومن الناحية التقنية تعامل مع الألوان من خلال إبراز سماكاتها وتضاريسها وخشونتها ودلالاتها المرتبطة بالحداثة التشكيلية . وأبرز تنويعات التداخل الجمالي بين وجه المرأة والإشارات والرموز الحضارية، وهنا تجلت حركة الإشارات الشعبية، في عودته الدائمة إلى منابع الحضارات القديمة، لصوغ الرؤى التشكيلية المحدثة والجديدة .
فالبحث عن مناخات بصرية لتكاوين الأشكال الإنسانية والزخرفية والعناصر الأخرى، شكل في لوحاته هواجس لاختبار الإيقاعات التشكيلية المتداولة في الفن الحديث، والقائمة على إلغاء الثرثرة التفصيلية ،وإعطاء أهمية قصوى للإيقاع اللوني، والإبقاء على جوهر الحركة في تكاوينه التعبيرية والرمزية ،وضمن معطيات المناخية المشرقية، مع التركيز لإظهار الجوانب التشكيلية الهندسية العفوية ، فنجد الزخرفة المتحررة من التناظر الهندسي تطل في مجمل لوحاته ، والتي عمل فيها أيضاً على تخطي صفاء المساحة، بإيجاد حركات وملامس خشنة، وهذه التقنية تعمل على كسر أناقة المساحة وتبعدها مسافات عن الإبهار الصالوني والتزييني .
وهذا لم يمنعه من التركيز لإظهار نعومة الملامس في لوحات أخرى أو في أماكن أخرى في اللوحة الواحدة . والشيء البارز في صياغاته الخطية واللونية يكمن في ابتعاده عن العبثية والعشوائية، إذ إن التكوين العام للوحاتة كان يأتي مدروساً وملطفاً، في خطوات الوصول إلى فسحات بصرية مريحة للعين ، تؤكد مدى ارتباطه بالتاريخ السوري القديم بمعطياته وبرموزه وإشاراته المختلفة.
وهو بذلك كان يعمل لإيجاد نوع من الموازنة والمواءمة بين الجانب التشكيلي الحديث ، والجانب القديم المتمثل باستعادة عناصر التاريخ ، وفي لوحاته لم يكتف باستعادة معطيات التاريخ ، بل عمل على تفكيكه وتحويله إلى ما يشبه القطع الزخرفي البانورامي الذي يسعى – كما أشرنا – إلى تحقيق رغبة بارزة في إطلاق التكوين التشكيلي ،نحو السرد الحكائي في لوحات التراث الشعبي القصصي .
يذكر أن ناجي عبيد من مواليد سورية عام 1918 ، ولقد أقام مجموعة واسعة من المعارض الفردية، إلى جانب مشاركاته في العديد من المعارض الجماعية في الداخل والخارج، وهو من مؤسسي نقابة الفنون الجميلة، ومن أوائل المنتسبين لها بهوية رقم 4 ولقد حاز على العديد من الجوائز وشهادات التقدير من جهات رسمية داخل سورية وخارجها، ولم يتوقف عن الإنتاج والعرض حتى رحيله في 14/ 3 / 2019 .

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا