عوامل الصمود وجبهات المواجهة المفتوحة

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
تستنبط المنعطفات التاريخية في حياة الشعوب واللحظات الفاصلة المزيد من أدوات التواصل، وتُملي حضوراً أوسعَ لِطَيفٍ جديدٍ من قنوات التفعيل للإمكانات والطاقات والقدرات الكامنة في مفاهيم العمل الجماهيري،

وعلاقته الظرفية والمكانية بما يجري في العلن كما هو في الكواليس، وهي تستعيد الكثير من المفردات والمصطلحات التي خيّل للبعض أنها باتت من الماضي.. القريب منه والبعيد.‏

ولعلّ الحدث السوري حين يقف أمام مرآة التاريخ، وعلى جبهات المواجهة المفتوحة، يستطيع أن يسهب في شرح عملية صد أشرس هجمات عرفتها البشرية على مرّ العصور، رغم أنها تتحصّن خلف متاريس من التشويش المتعمّد ووراء مصدّات من المصطلحات الهجينة.‏

على هذه القاعدة ثمة تقاطعات كثيرة يمكن الركون إليها لتحديد معالم الصمود وإبراز عوامل النهوض والتفاعل، وبالتالي البناء على مفرزات التجربة وانعطافاتها للوصول إلى تحديد دقيق لمفاهيم العمل وإعادة ترتيب مباشر لأوراق القوة التي تعرضت في كثير من المراحل التاريخية للتحييد والإهمال في ظل تزاحم الأحداث وتطوراتها.‏

وفي التجارب التاريخية -رغم الفارق في المعطيات والظروف- كانت الإرادة الشعبية والمفهوم الجماهيري في جانبيه التنظيري والواقعي على حد سواء أهم تلك الأوراق، وفي الحدث السوري كان المنطق يُملي في أغلب الأحيان بحثاً متواصلاً في التفاصيل التي تفسّر ما هو أبعد من العناوين المباشرة على قاعدة الاصطلاح في التسميات السياسية وتداولها كمقدمة لتوضيح تلك العناوين.‏

على النقيض منه، كانت عملية تغييب قسري لعوامل نهوض الأمة قد بدأت في بعض تفاصيلها منذ سنوات وربما عقود، ومارست نوعاً من الإقامة الجبرية على مفردات الوجود وأدوات النهوض ولم تتردد في فرض حالة من التيئيس المبني على ظواهر آنية خادعة، وكانت الإضافات المتواترة عليها جزءاً من محاولة الإنكار لذلك الوجود، وهي تمتلك المبررات الشكلية القائمة على الافتراض المتخم بحالة من السطو المسبق على مقدرات الأمة.‏

وحين جاء الحدث السوري ضاغطاً وصانعاً في الآن ذاته، بدا الحديث عن الصمود قد تجاوز الترف السياسي، وهو محكوم بعوامل الحاجة، كما تمليه ضرورات الوجود التي تواجه سيلاً من التهديد بالاقتلاع والانزواء، بعد أن تجذّرت أدواتها في بعض المراحل التاريخية، لتصل إلى مفهوم الخلط بين عوامل التراجع القائمة وبين مصطلحات خلقت حالة من النفور المتبادل.‏

وهذا ما يدفع إلى الجزم بأن استعادة المصطلحات تبدو الخطوة الأولى الضرورية في تفعيل الصمود السوري واستنهاض مقدرات الجماهير والإرادة الشعبية، التي تبرز في الحالة السورية جزءاً من منظومة عمل لا تقتصر على الجانب السياسي والميداني، بل تمتد عميقاً في جذر الحاجات الاجتماعية والفكرية والتنظيمية، وبالضرورة الثقافية بعناوينها الكبرى، من منظور الحاجة إلى التجديد بالاتكاء على مخزون البعث وما يحمله من تجربة تتفاعل في جوانب الحياة وتمهد الطريق نحو جملة من المتغيّرات.‏

الفارق اليوم أنها في سورية تنطلق من منظور الريادة في الطرح التي تبدو سابقة لحالة الأطر السياسية والقيادية، حين تجد نفسها وسط الجماهير وتعبّر عن فهم دقيق لاحتياجاتها، وهي التوّاقة عملياً لمن يفهم دوافعها تلك ويعبّر عن تطلعاتها، بل تتقاطع معها على أساس الإحساس المتزايد بالحاجة لهذه المواكبة، بحيث تكون الريادة فعلاً دائماً وقائماً على اجتراع الحلول والمبادرات وخلق الفرص وصنع الأفق بعد أن ساد جو من الإحساس بالانكفاء لسنوات خَلَت.‏

والفارق أيضاً أن من يحمل المبادرة هو ذاته الذي يقود حالة الاستنهاض ويعزز عوامل الصمود، وهي من الحالات الاستثنائية في العمل الحزبي بالتوازي مع التفرّد القائم في حال الأمة وحاجاتها، وبالتالي ليس الطرح هنا فقط لاستعادة المصطلحات بقدر ما يعني بالدرجة الأولى التسليم بصوابية وجودها بحكم التجربة وجردات الحساب سواء كانت أولية أم نهائية.‏

وفي نهاية المطاف فإن المتغيّر الحقيقي ليس في هذا التلاقي فقط، بقدر ما هو في تجذّر الفهم المتبادل، ما يعطي اندفاعة في العمل ويؤسس لمرحلة مواجهة حقيقية تكون فيها الجماهير أداة لصدّ العدوان وإبطال مفاعيل التفخيخ ومواجهة الإرهاب والتطرّف، ويكون القائد بوصلة أمان يسبق في الكثير من خطواته الزمن والظروف، ويحاكي من منطلق الإيمان بدور الجماهير كل ما تحتاجه لعودة استنهاض القدرات.‏

وبذلك نستعيد وجودها كما كانت, لتكون الورقة الرابحة في المعركة التي تدير جبهاتها إرادة شعب، وتحصّن خطوط المواجهة المتعددة فيها هذه الريادة في العمل الجماهيري المتسق والمنسجم مع متطلبات الصمود.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
أردوغان: إسرائيل تزرع الانقسامات في سوريا وتهدد استقرار المنطقة ترحيب واسع بمحادثات مسقط ترامب متفائل والبيت الأبيض يصفها بالبناءة برمجيات خبيثة تتسلل للهواتف الذكية.. "أمن المعلومات" يحذر: Crocodilus تسرق بياناتك إلغاء جمركة الموبايلات يفتح التكهنات باتجاه التحوّل الرقمي والحكومة الإلكترونية المباشرة بتنفيذ شبكات المياه في قرية دبلان بدير الزور الذكاء الاصطناعي" ومكافحة حرائق الغابات بالتعاون مع الجمعية الطبية الألمانية.."نبضنا واحد" تدريبات طبية متقدمة في مستشفى حماة شو "الأمانة السورية " ذراع أسماء الأسد المخربة.. مشروعها في التكية السليمانية كارثيٌّ العمل مستمر لإصلاح الأعطال الكهربائية في مصياف البسطات في منطقة الريجي باللاذقية تعوق حركة المرور تأهيل وتجميل جسر الحرية بدمشق مستمر حلب.. حملة لإزالة آثار النظام البائد من شعارات ورسومات "أكساد" شريك رئيس في معرض سوريا الدولي الثالث "آغرو سيريا" "كهرباء اللاذقية".. تركيب محولة في الحفة وإصلاح الأعطال في المدينة خدمات صحية متكاملة في صافيتا جهود مستمرة لتأمين الكهرباء في جبلة مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟