الثورة- منهل إبراهيم:
أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ عملية ميدانية في بيت جن بذرائع واهية، في انتهاك واضح للقوانين والأعراف الدولية، وقام بارتكاب انتهاكات إنسانية على نحو تعسفي وغير مبرر يزيد من تعكير صفو الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة.
ووثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير حقوقي صدر اليوم الأربعاء، تفاصيل عملية ميدانية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر يوم الخميس 12 حزيران الجاري في بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، ووصفتها بأنها “انتهاك خطير للقانون الدولي”، نفذت تحت ذرائع غير مثبتة بالأدلة.
وأفاد التقرير، الذي استند إلى شهادات ميدانية من سكان البلدة وناشطين محليين، بأن قوة عسكرية إسرائيلية مدعومة بوحدات من لواء “ألكسندروني” التابع للفرقة 210، توغلت في أحياء سكنية داخل بيت جن، وأسفرت العملية عن قتل الشاب المدني محمد حمادة واعتقال سبعة مدنيين آخرين، معظمهم من عائلة واحدة، دون إبراز مذكرات توقيف أو عرضهم على أي جهة قضائية.
ولفت التقرير، الذي أورده تلفزيون سوريا، إلى أن المعتقلين نُقلوا إلى جهة غير معلومة، ما يجعل العملية مصنفة ضمن “الاعتقال التعسفي” و”الإخفاء القسري”، وفقاً لمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، زعم عبر حساباته الرسمية أن العملية استهدفت “مخربين تابعين لحركة حماس”، مدعياً ضبط أسلحة وذخائر خلال المداهمة، وهو ما نفاه السكان المحليون، مؤكدين أن جميع المعتقلين يعملون في الزراعة ورعي الأغنام، ولا تربطهم صلات بأي تنظيم مسلح.
ودعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في ختام تقريرها، إلى فتح تحقيق دولي مستقل حول الحادثة، ومحاسبة المسؤولين عن قتل المدني محمد حمادة واحتجاز المدنيين الآخرين، مؤكدة ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي في جميع مناطق النفوذ داخل الأراضي السورية.
وأدانت الحكومة السورية، عبر وزارة الداخلية، العملية العسكرية الإسرائيلية، ووصفتها بأنها “عدوان سافر على السيادة السورية”، وأكدت أنها تتابع حيثيات الحادثة وتوثق الانتهاكات المرتكبة، فيما أصدرت وزارة الخارجية بياناً مماثلاً اعتبرت فيه التوغل “خرقاً للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وقالت وزارة الداخلية في بيان الإدانة: “في ظلّ استمرار الانتهاكات المتكرّرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، أقدمت قواتٌ عسكريةٌ تابعةٌ له، ومؤلَّفة من دبابات وناقلات جند وآليات راجلة، بمرافقة طيران استطلاع مُسيَّر على التوغّل في قرية بيت جن التابعة لمنطقة قطنا بريف دمشق”.
وأكدت الوزارة في حينها أن هذه الاستفزازات المتكرّرة تشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة الجمهورية العربية السورية، وخرقاً فاضحاً للقوانين والمواثيق الدولية، وهي ممارسات لا يمكن أن تقود المنطقة إلى الاستقرار، ولن تجرّ إلا المزيد من التوتر والاضطراب.
ونظم العشرات من أبناء مدينة بيت جن بريف دمشق الغربي، يوم الجمعة 13 حزيران، وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج الفوري عن الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال توغلها في البلدة، حيث وصل المتظاهرون إلى منطقة نبع الفوار واعتصموا أمام مركز الأمم المتحدة .
وترى تقارير محلية ودولية أن هذه العمليات الإسرائيلية تأتي في سياق حملة متواصلة لمنع أي استقرار مستدام في الجنوب السوري، وإفشال جهود الحكومة السورية الجديدة في بسط السيادة على الجنوب السوري، خصوصا بعد تصاعد الغارات التي طالت مواقع عسكرية في دمشق ودرعا والقنيطرة في 3 حزيران، بذريعة الرد على سقوط صاروخين في الجولان المحتل لم يوقعا أي خسائر، في محاولة واضحة من الاحتلال لفرض واقع أمني جديد يتعارض مع السيادة السورية، ويعرقل عملية إعادة بناء الدولة بعد سقوط نظام الأسد.
وتؤكد الحكومة السورية الجديدة، التزامها باستعادة الأمن في الجنوب السوري دون مواجهة مباشرة مع “إسرائيل”، مع الاستمرار بتطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974، والعمل على توسيع سيطرة الدولة السورية وبسط القانون، رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتكرار استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية.
وتتكرر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأراضي السورية، في ظل غياب أي رد دولي حاسم، ما يزيد من التحديات التي تواجهها دمشق في مسارها نحو البناء، ما يتطلب موقفا دوليا حازما وسريعا يردع الاحتلال عن الانتهاكات، التي تعرقل مسيرة النهوض في سوريا نحو الأمن والاستقرار.