منحة الكهرباء تعيد البنك الدولي إلى سوريا.. وزير المالية: فرصة لإعادة بناء الحياة
الثورة – جاك وهبه:
في خطوة لافتة تأتي بعد انقطاع دام لأربعة عقود، وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي، على منحة بقيمة 146 مليون دولار أميركي من المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)، بهدف مساعدة سوريا على استعادة إمدادات كهرباء موثوقة وبأسعار ميسورة، والمساهمة في دعم جهود التعافي الاقتصادي في البلاد.
ووفقاً لما ورد في بيان رسمي نُشر على الموقع الإلكتروني للبنك الدولي، يندرج هذا التمويل ضمن إطار “المشروع الطارئ للكهرباء في سوريا” (Syria Emergency Electricity Project – SEEP)، والذي يهدف إلى إعادة تأهيل خطوط النقل الكهربائية والمحطات الفرعية المتضررة، وتقديم الدعم الفني اللازم لتطوير قطاع الكهرباء وتعزيز قدراته المؤسسية.
شبكة مدمّرة وأزمة طاقة خانقة
وأوضح البيان أن سنوات الصراع في سوريا تسببت بشلل شبه كامل في الشبكة الوطنية للكهرباء، ما أسفر عن تقليص ساعات الإمداد إلى ما بين ساعتين وأربع ساعات فقط يومياً، وأثّر ذلك سلباً على قطاعات حيوية مثل المياه والرعاية الصحية والإسكان والزراعة الغذائية.
كما أبرز التقرير الصعوبات التي تواجه قطاع الكهرباء منذ أكثر من خمس سنوات في تلبية الطلب المتزايد، وهو ما أدى إلى حالة انعدام أمن طاقي طالت شرائح واسعة من السكان، إضافة إلى معاناة البنية التحتية من هدر وخسائر فنية هائلة جراء التدمير ونقص الصيانة والاستثمارات.
الكهرباء أولوية للتعافي
المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، صرّح أن “إعادة تأهيل قطاع الكهرباء تبرز كأولوية ملحّة لتحسين الظروف المعيشية للسكان، ودعم عودة اللاجئين والنازحين، وتمكين الخدمات الأساسية مثل المياه والرعاية الصحية، والمساهمة في دفع عجلة التعافي الاقتصادي”.
وأضاف: إن المشروع يمثل الخطوة الأولى نحو توسيع دعم البنك الدولي لسوريا في مرحلة التعافي والتنمية، مشيراً إلى الأثر المتوقع للمشروع في استعادة البنية التحتية الحيوية وتشغيل الخدمات العامة المتوقفة.
ويشمل المشروع إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي، بما في ذلك خطي ربط إقليمي بطاقة 400 ك.ف. كانا قد تعرضا لأضرار جسيمة خلال الصراع، بهدف استعادة الاتصال الكهربائي مع الأردن وتركيا.
كما سيشمل إصلاح المحطات الفرعية المتضررة، خاصة في المناطق التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين والعائدين، بالإضافة إلى توفير قطع الغيار ومستلزمات الصيانة، وتقديم الدعم الفني والمؤسساتي لإعداد استراتيجيات إصلاح شاملة في قطاع الكهرباء، سواء على مستوى السياسات أم الخطط الاستثمارية.
خطوة فارقة
وزير المالية محمد يسر برنية، اعتبر في تصريح أورده البيان أن “الاستثمار في قطاع الكهرباء هو أساس لتحقيق التقدم الاقتصادي وتحسين سبل العيش”، مضيفاً: “هذا المشروع هو الأول من نوعه للبنك الدولي في سوريا منذ نحو أربعين عاماً، ونأمل أن يمهّد الطريق لبرنامج دعم شامل يساعد البلاد على المضي قُدماً نحو التعافي والتنمية طويلة الأمد”.
وبحسب البيان، ستتولى المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء تنفيذ المشروع، على أن تُستكمل أنشطته بجهود إعادة الإعمار القائمة في قطاع الكهرباء، ولاسيما مبادرات المؤسسة في مجال التوزيع، وكذلك الشراكات مع جهات دولية لتوفير الوقود وإعادة تأهيل محطات التوليد.
ومن المقرر أن تُتعاقد شركة استشارية دولية لتؤدي دور “المهندس المالك”، وستقدم دعماً فنياً وإشرافاً ميدانياً، بالإضافة إلى تغطية الجوانب البيئية والاجتماعية والصحية، وإدارة السلامة والتمويل وفق معايير البنك الدولي.
كما سيُكلّف طرف ثالث مستقل بمراقبة تنفيذ المشروع، لتعزيز الشفافية والرقابة على النفقات، وضمان الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية، وتقديم دعم ميداني واسع لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تنفيذ المشروع بنجاح.
ويعد هذا المشروع مؤشراً لعودة تدريجية للبنك الدولي إلى العمل في سوريا، وسط تحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية والخدمات العامة والاحتياجات الإنسانية.