الثورة – عامر ياغي:
فتح باب التعامل بالقطع الأجنبي على مصراعيه أمام المصارف العامة الستة: “التجاري، العقاري، الزراعي، التعاوني، الصناعي، التسليف الشعبي، التوفير”، هو خطوة ذهبية بكل ما للكلمة من معنى، وسيكون لذلك القرار في حال صدوره أو تبنيه وقعه الإيجابي الكبير وصداه المؤثر لجهة تعزيز الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي، بالشكل الذي يمكن معه وبه توفير السيولة النقدية الأجنبية، وتسهيل العمليات التجارية، وتخفيف الضغط على الليرة السورية.
دعم التعافي
وفي هذا السياق أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور يحيى السيد عمر في حديث خاص لصحيفة الثورة، أن السماح للمصارف العاملة في سوريا بالتعامل بالعملات الأجنبية يُعدّ خطوة بالغة الأهمية في سياق دعم التعافي الاقتصادي وتنشيط البيئة الاستثمارية، ولاسيما في مرحلةٍ تتطلب سياسات مالية مرنة وقادرة على دعم عملية التعافي الاقتصادي.
لكن اقتصار هذه الصلاحية على المصرفين العقاري والتجاري، يُعدّ قيداً كبيراً يَحُدّ من كفاءة القطاع المصرفي، ويُعطّل دوره الحيوي في تحفيز النمو الاقتصادي.
في حين أن السماح للمصارف الأخرى، كالمصرف الصناعي والزراعي والتسليف الشعبي ومصرف التوفير، بالعمل بالعملات الأجنبية من شأنه أن يُحدِث أثراً مباشراً في تنشيط قطاعات حيوية مرتبطة بالإنتاج والاستثمار الحقيقي.
زيادة الصادرات
المصرف الصناعي على سبيل المثال يعد جهة تمويل أساسية للمشاريع الإنتاجية، وتقييده بعدم التعامل بالعملات الأجنبية يُفقده المرونة في تمويل مشاريع تستورد مواد أولية أو معدات من الخارج.
وكذلك الحال بالنسبة للمصرف الزراعي، الذي يدعم قطاعاً واسعاً من الإنتاج الزراعي والغذائي، ورفع هذه القيود يمكن أن يسهم في تحسين قدراته التمويلية وتعزيز الاستثمارات في القطاع الزراعي الذي يُعدّ بالغ الأهمية لناحية تنشيط الاقتصاد وزيادة الصادرات وتوفير فرص عمل.
كما أن لمصرف التوفير والتسليف الشعبي دوراً اجتماعياً واقتصادياً هاماً، ويمكن أن تتحسن كفاءته عبر السماح له باستيعاب التحويلات الخارجية بالعملات الأجنبية، أو تقديم خدمات ادخار وتمويل تتماشى مع احتياجات المغتربين والعمال في الخارج.
كفاءة النظام المصرفي تمثل عنصراً محورياً في إعادة بناء الثقة بالاقتصاد الوطني، وهي من المحددات الأساسية لأيّ قرار استثماري يتخذه المستثمرون، ومن المعروف أن القيود المفروضة على تعامل المصارف السورية بالعملات الأجنبية تعد من العوامل الطاردة للاستثمار، وتضعف قدرة النظام المالي على أداء وظائفه.
في المقابل، تحرير هذا المجال سيتيح خلق مناخ أكثر استقراراً وجاذبية للاستثمارات، ويوفر أدوات تمويل متنوعة تلبّي متطلبات المشاريع الكبيرة والمتوسطة، كما يعزّز من قدرة البلاد على جذب التحويلات من الخارج، والتي تشكّل أحد الروافد الحيوية للنقد الأجنبي.
من هنا، فإن فتح باب التعامل بالعملات الأجنبية أمام جميع المصارف، يُعدّ خطوة ضرورية لدعم التعافي والنمو الاقتصادي المستدام.