الثورة – فاتن أحمد دعبول:
يجمعهم دفء الشعر ومعاني الكلمة السامية، ورغم برودة الطقس وقسوته، استطاعت كلماتهم أن تعيد للقلب نبضه، وللحظات معنى أن تكون أكثر حفاوة بطقوس الشعر في محرابه الوجداني المقدس.
احتضنهم مركز ثقافي العدوي في ملتقى “أجنحة الربيع” فسجلوا معا صفحات مضيئة في أجندة يوم الشعر العالمي، وكانت البداية عند الشاعرة رنا محمود التي قدمت للأمسية الشعرية بقصيدتها:
لله درك يا دمشق القضية والقصيدة والمعنى العصي
رغم الجرح، ورغم انكسار الدوارق، تبقين مدللتي في سمر الليالي وغزل الغوالي
يا شاغلة الكون، يا مدينة العشاق والسحر والخفايا، أحبك يا شام
أحبك حتى تصيح مآذن الكون، حي على صلاة الشام، آمين.
جابر الطويل: قصيدة أزلية
ورأى الشاعر جابر الطويل أن الشعر هو منبع السعادة، والاحتفاء به لا يقتصر على يوم محدد، فالشاعر يعيش العيد كل يوم، يقتفي أثره أينما كان، فللشعر يومه الأبدي وسيرورته وقصيدته الأزلية.
وقصائده تحكي الحب والوطن وتقترب من الإنسان وتحتل الصوفية مكانتها في قصائده، يقول في قصيدته” أنحني ليمر حزنك”:
للريح ما طحن الزمان من السنابل، لم يعد، في الحقل غير الملح
قد سقطت قلاع الشمس في بئر السواد، ونحن صرنا خارج الأزهار
أين تسافر الآن الجبال، وأين تجهض قلبها؟ آه على قبري، وعينيك المسافرتين حول مداره
عيناك يمطر كونها، في حقل روحي نجمة، فتمدني أفقا خصيبا
آه يا أمي، قد احترقت مدائنك الجميلة فيّ، أركض في الدخان، وراء صوتك، فهو يكفي كي أغني، ثم أبكي.
عباس حيروقة: ثقافة الجمال والخير
ويؤمن الشاعر عباس حيروقة بدور الشعر في الارتقاء بالمستوى المجتمعي، وعلى الشعراء والكتاب تقع مسؤولية تعزيز ثقافة المحبة، وثقافة الجمال والخير، وخصوصا في ظل ما نعانيه اليوم من صراع القبح والموات.
ويرى من الأهمية بمكان الهروب من القبح إلى عالم أكثر ألقا وجمالا، والشعراء لا شك يمتلكون من الجمال ما يضفي على الكون نضارة وجمالا.
ونوه بدوره إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للشعر، هو فكرة عربية، يطل الشاعر من نوافذها على الذات الحقيقية، وقيم الخير والحب والجمال.
ويهدي قصيدته إلى شهداء سورية، لأنهم الأكثر وفاء في الحب والتضحية والانتماء للوطن، يقول في قصيدته” أنثى الماء”
ما أسعد الخمر كم من كأسها رشفا، وكم تسامى إلى لميائها وهفا؟
وكم تأنق في جيد فعتقه، أشهى الثمار التي ضاقت بمن قطفا
خمر يراقص أنثى الماء في قدحي، يا سعده الضوء كم أوتارها عزفا!
خمر يناغي كما الأطفال رعشتها، للنور سرب بقدس النهد قد خلقا
وكم تسلل نشوانا لسرتها، نحو البقيع ففاض النهر وارتجفا.
وائل أبو يزبك: تنمية الفكر والمقاومة
ويؤكد الشاعر وائل أبو يزبك دور الشعر في تنمية الروح وتنمية الفكر والمقاومة، ودور الشعر يتنامى منذ فجر التاريخ، فما أكثر الغزاة الذين نالوا من هذه الأمة واندحروا، وسيندحرون بإذن الله، ويبقى الشعر هو الهاجس الأول، يهفو إليه كل مواطن ليسمع قصيدة في الحب والغزل أو الوطن، ولا فرق بين المرأة والوطن، الوطن هو المرأة والمرأة هي الوطن، يقول في قصيدته” نبي الشعر”
أطوف في دمشق كأن فيها، نبي الشعر مبسوط الجناح
كأن ملائكا تسري إليه، بآيات وألسنة فصاح
ألا يا شام يا أم البرايا، ويا طوف الحجيج بكل ساح
فكم من شاعر لسن فصيح، أراق على مغانيك الأضاحي
بكل قصيدة يا شام لحن، ترجع من بكاء أو صداح
تسيل دماؤه فيها فيهوي، كما هوت النجوم على البطاح
يحيى محي الدين: حضور الكلمة
والشعر كما يراه الشاعر يحيى محي الدين هو نقطة ضوء على جبين الحياة أولا، وهو يعمل في حضوره المستمر على استبعاد ما قدمه بعض ساسة العالم من القبح وتشييء الأشياء الجميلة، فحضور الشعر يعني حضور الكلمة وحضور الإنسان الذي يؤكد قدسية الحياة، وهذا دور يضطلع به الشعر كان ومازال وسيبقى.
ومن قصيدته” السوريات” نقتطف هذه الأبيات:
أميرات ذاك الشذى، من لهن، إذا اعترف الفن، يوما بفيض أصابعنا، واعترانا شتاء الحنين
بنيات حبر البداية، من مثلهن يدون ورد الحواس، ويصغي لسرد الكناية في كتب العابرين
رسولات ميس التنائي، إذا ما تدانى الوجيب، تواردن أسراب حلم، على شرفة العاشقين
سليلات كيد الندى، إذ يداعبن غيم الصبا، كم أعرن المدى شهقة الياسمين.