الثورة – هفاف ميهوب:
هبيني قليلاً من دفءِ روحك، أذوّب بعض حنيني إليكِ، وضمّي أناي بكلِّ حروفك، تلاشيتُ بحثاً عنّيَ فيكِ..
أستدعي مفرداتك، لتصبّر ضجري الحيّ.. تتوالى حكاياتك، تسردهم دمعة عينيّ..
ألوبُ بحثاً عنكِ، هل حقّاً حلميَ صرتِ؟!.. هل باردٌ ليل شتائك، كشتائي الذي فقدكِ؟…
يحنو التراب مريمتي، والناسُ قساةٌ فهل كنتِ، تدرين بؤس المرحلة، فتحذّرينا قائلة:
“اتّقوا الحبّ ياأبنائي، وكونوا مثلي بولائي.. لأرضِ وطني سوريّة.. اتّحدوا.. هذي الوصيّة”..
أمّي.. لم يتّحدوا أبدا، وقد أماتوا الحبّ كمدا.. مزّقوا صورة إنسانك، فبتُّ ألملم أحزانك..
حزنٌ دفنته في قلبي، وحزن أبعدته عن دربي.. رأيت آخر يهواني، أشحتُ فضيّع عنواني.
هو عهدك لي وأقول: ابنتكِ ياأمّ الأصول.. أعشق أرضي ففيها أنتِ.. وفوحكِ فيها عطري الأبدي.. سأتيكِ يوماً وأروي ذنوب، من خانوا الوطن المحبوب.. من قتلوا الوالد والمولود، وطني وإنسانه والوجود.. من خضّبوا ريحان يديك، بدماءِ حتماً تعنيكِ.. أحالوا الفرح إلى مأتم، وبدل الورد أهدوا ألم.
وسأروي عن الشهداء، صانوا الأرض بدماء.. قدّست الحقّ فتقدّس، شرف الحياة ومايحدث.. يتوالى فيه موتنا، دُفِنّا حتى في ذاتنا…
اليوم عيدك مريمتي، أفيقي واملأي محبرتي.. أحن لحبركِ يكتبني، وبأناملك يعمّدني.. حبرُ الحاضر يا أماه، لا يكتب إلا بهواه..
ضميرٌه جُرَّ فجرَّ الكلّ، نحو فضاءٍ جلب الذلّ.. ينعزلُ الإنسان فيه، حتى عن معانيه.. وحدها نار الحكايا، تحرقنا بغولِ النوايا.. ماأعظم حكمتكِ لمّا، رفعتِنا عن ذلّ الأمّة.. جعلتِ الوطن فينا نذور، فصرنا فوحكِ البخور…
