هشاشة اقتصاديات الغرب

بالكاد دخلت الحرب الأوكرانية شهرها الثاني وسط الجنون الأميركي – الغربي المستمر الذي بدأ بإعلان حرب العقوبات الاقتصادية الهمجية ضد روسيا، ويتواصل على التوازي مع محاولة شن حروب أخرى مادتها الأساسية التلفيق والكذب سعياً لشيطنة موسكو وتعبئة العالم لزيادة الضغط عليها وعزلها وسحق اقتصادها، غير أن النتائج الأولية خلال شهر واحد تشير بوضوح إلى سلسلة أزمات نشأت في الطرف الآخر، تتعمق يوماً بعد آخر.

على الرغم من أن روسيا لم توقف إمدادات الطاقة إلى أوروبا، بل فرضت فقط على الدول غير الصديقة أن تكون الدفوعات مقابل إمدادات الغاز والنفط بالروبل، إلا أن هشاشة اقتصادات دول أوروبية كبرى انكشفت فوراً: ارتفاع بمعدلات التضخم، تراجع بمعدلات النمو، ارتفاع أسعار، فقدان مواد غذائية، ودعوات هستيرية للصمود والتقشف!.

الرئيس الألماني يتحدث عن أيام صعبة تنتظر شعبه، يدعوه للصمود والتقشف بالتوازي مع دعوات وزراء في الحكومة الألمانية للتقليل من تناول اللحوم والطعام واختصار الوجبات اليومية، الأمر الذي يذكر بدعوة أنجيلا ميركل أثناء الأزمة المالية العالمية ٢٠٠٨ الشعوب الأخرى غير الغربية للتخلي عن تناول وجبتي الإفطار والعشاء والاكتفاء بوجبة واحدة كي لا تضغط على رفاهية مجتمعات الغرب!.

هولندا، فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، إيطاليا، الهلع يضرب مجتمعاتها فيما تعاني دول أخرى كاليونان وسواها، وصولاً حتى إلى اليابان من نقص في المواد الغذائية وصلت إلى حدود خلو المتاجر من السلع التي يفرض التقنين على بيعها، بينما تتجه الولايات المتحدة إلى فرض زيادة كبيرة وقياسية بالضرائب على الأثرياء.

إذا كانت ارتدادات حرب العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بلغت هذه المستويات التي كشفت اقتصادات أوروبية بهذه السرعة، فما معنى الاستمرار بها التحاقاً بواشنطن التي تبيع الوهم للقارة العجوز؟ وأي خطة تلك التي حملها جو بايدن إلى الغرب ويعلق عليها آماله في التخلي عن الغاز الروسي واستبداله بالأميركي، في الوقت الذي ستكون فيه التبعات الاقتصادية الحالية قد جعلت اقتصاديات البلدان الأوروبية على شفا انهيار لطالما تتحدث خطة التخلي إياها عن وقف الاعتماد على الغاز الروسي بحلول ٢٠٢٧؟! وكيف ستصمد خلال هذه السنوات إذا كانت قد بدت في شهر واحد بلا أدنى حماية؟.

تحرك المظاهرات في فرنسا وإسبانيا وبلدان أوروبية أخرى احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وفقدان المواد، من المتوقع أن يتصاعد مع تفاقم أزمات اليوم التي ستنتج أزمات أخرى، ما يعني أن سلاح الضغط على مجتمع الأعمال الروسي بالعقوبات ومصادرة الأموال سيفقد معناه والجدوى مع تحرك المظاهرات في أوروبا اليوم، وغداً عندما تستغلها وتركب موجتها أحزاب المعارضة وحركاتها.

لا شيء سوى الحماقة واستيقاظ كل أحقاد الماضي، مرة واحدة، دفعة واحدة، يجعلان ما تقوم به واشنطن والعواصم الغربية مفهوماً في سياق حربهما الهمجية ضد روسيا، العقوبات أولاً، ثم طردها من مجموعة السبع، والتهديد بطردها من مجموعة العشرين. ولا شيء سوى هذه الأحقاد القديمة تفسر كيف للغرب وأميركا أن يخوضا هذه المعركة الاقتصادية رغم ارتداداتها الكارثية عليهما!.

لا شك أن حرب العقوبات الاقتصادية ستخلق المشكلات لروسيا وستلحق الأضرار بها، إلا أن حجم الأضرار التي ستلحق باقتصادات الدول الغربية التي ظهرت هشاشتها سريعاً لا يقارن، هذا ما يؤكد أهمية روسيا للعالم أجمع – وليس للغرب فقط – الذي ينقسم بهذه الأثناء ويميل إلى جانب روسيا.

بقي أن نقول لشعبنا الصامد الذي تعرض خلال عقد كامل لأبشع الحروب وأقسى العقوبات الظالمة، لكم أن تفاخروا بصلابة بنيان سورية التي إذا كان صحيحاً أنها تضررت بمعدلات نموها وتطورها، إلا أنها لم تخضع، بل من صمودها الأسطوري تستلهم الدروس على امتداد العالم، ومن انتصاراتها الناجزة بمواجهة الإرهاب العالمي المنظم، والعقوبات، تستكمل المعركة اليوم على أوسع نطاق للإجهاز على الهيمنة الأميركية ولطي صفحة القطبية الأحادية المتوحشة.

معاً على الطريق -علي نصر الله

آخر الأخبار
أكثر من 95 بالمئة منها أغلقت في حلب.. مجدداً مطالبات لإنقاذ صناعة الأحذية سوريا والسعودية توقعان اتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمار الأمم المتحدة: 780 ألف لاجئ سوري عادوا إلى وطنهم منذ سقوط النظام المخلوع فضل عبد الغني: مبدأ تقرير المصير بين الحق القانوني والقيود الدولية لصون سيادة الدول الولايات المتحدة تراقب السفن الصينية قرب ألاسكا إعلان دمج جامعة حلب الحرة مع جامعة حلب الأم.. خطوة لترسيخ وحدة التعليم العالي امتحانات تعويضية لإنصاف طلاب الانتقالي الأساسي والثانوي ساعتا وصل مقابل أربع ساعات قطع بكل المحافظات وزير الطاقة: الغاز الأذربيجاني يرفع إنتاج الكهرباء ويحس... صيف السوريين اللاهب.. قلة وصل بالكهرباء.. والماء ندرة في زمن العطش الخارجية السورية: المفاوضات مع "قسد" مستمرة في الداخل واجتماعات باريس ملغاة 40 ألف طن إنتاج درعا من البطيخ الأحمر خاصة الخضار الموسمية.. ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية بحلب عصام غريواتي: استئناف خدمات غوغل الإعلانية بمثابة إعادة اندماج تحديد إلزامية إبراز الثمن الفعلي في عقود البيع العقاري في سوق العطش.. للتجار كلمة الفصل تضاعف أسعار خزانات المياه حاكم "المركزي ": قطر شريك أساسي وداعم فاعل للسوريين وللاقتصاد الوطني نهاية موسم وتبدل سعر الصرف.. ارتفاع ملحوظ بأسعار الخضار والفواكه وزير المالية يعلن إصدار قرارين لتسهيل الإجراءات المالية متابعة أعمال ترميم المدارس في خان شيخون والقرى المحيطة افتتاح قسم "الطبقي المحوري" في مستشفى جاسم الوطني