عبد السلام العجيلي.. في ذكرى رحيله: الطب زوجتي.. والأدب عشيقتي..

الثورة:
الكاتب والطبيب والسياسي والمقاتل في جيش الإنقاذ عبد السلام العجيلي… اختر ما شئت من الألقاب التي تريد.
واحد من رواد الرواية العربية ترك بصمة لاتمحى في المشهد الثقافي لاسيما في المنتديات والصالونات الأدبية التي كانت مزدهرة في العاصمة دمشق.
رحل عن هذا العالم في نيسان عام ٢٠٠٦م تاركا وراءه إرثاً ثقافياً وإبداعياً، وتجربة حياتية اجتماعية كانت بمثابة حجر الرحى في مدينة الرقة التي ولد ونشأ فيها ثم استقر فيها فيما بعد
لتكون عيادته صالوناً أدبياً واجتماعياً.
يقول عنه الأديب فيصل خرتش:
الطبيب والرحّالة والشاعر السوري يجمع مقالاته في الأدب الساخر، ورسالة لنزار قباني حول المقامات.
عبد السلام العجيلي، طبيب وكاتب ورحّالة وشاعر ومحاضر وسياسي ومقاتل في حرب فلسطين عام 1948، وفي كل فضاء من هذه الفضاءات، كان نسراً محلقاً، مثلما كان حمامة وديعة وحرفاً عذباً وأغنية آسرة، موجود دائماً على المفارق التاريخية الفنية العربية الحديثة.
ولد عبد السلام العجيلي عام 1918، في مدينة الرقة السورية، المدينة الفراتية الصحراوية التي تجمع بين الماء والغبار، بين الرقة وقساوة البادية، فكان ثمرة طيبة وناضجة لهذا التزاوج بين الاضداد المتآلفة للطبيعة والبشر، فكان في نتاجه كما في شخصه، متسقاً مع قناعاته التي هي في نفسه، مثلما هو مع «مراجعيه» المتطببين ومع شخصيات قصصه ورواياته أو مع البشر الذين صادفهم في رحلاته وربما هو مع الشخصيات الأدبية والثقافية التي قرأ عنها أو كتب، كما يقول عنه محمد كامل الخطيب في تقديمه له.
نشر أولى مجموعاته القصصية «بنت الساحرة» عام 1948، فأعلنت المجموعة عن ميلاد معلم للقص والحكاية، ثم نشر «الليالي والنجوم» عام 1951، وهو ديوان شعر يحمل كل رقة العجيلي وصفائه، وجاء كتابه الممتع «حكايات عن الرحلات» 1954، ليعلن عن ذلك البعد الشخصي المحبّب من شخصيته، وأظهرت رواية «باسمة بين الدموع» عام 1959، الجانب المدني من شخصيته، وبعدها أتت «أحاديث العشيات» 1965، التي هي عبارة عن محاضرة تحوّلت إلى حديث أو حكاية مليئة بالمعلومات أو المفارقات القصصية.
كتب العجيلي المحاضرة أو ألقاها بأسلوب القصة وسردها الحكائي، وهذا ما منح «أحاديثه» نكهة خاصة لا تُنسى، فنشر «ذكريات أيام السياسة» 2002، وبين هذه الكتب نشر الكثير من الكتب الأخرى متعمّقاً في عالمه القصصي والروائي، وساحراً المستمعين بحلو محاضراته وعذب حضوره.
«المقامات»، «معارضة ساخرة»، لفن المقامة، لكن بطريقة حديثة وعبر موضوعات ورسائل «إخوانية» أشبه بالمداعبة والمزاح بين الأصدقاء، وهي فن مبني بتقانة عالية، ما بين فن المقامة وفن القص، وهي عند العجيلي على فنيتها وعذوبتها أشبه ببوح الأصدقاء، أو هدية مودة.
يقول العجيلي عن مقاماته:
«بدأ الأمر فيها منذ سنين بعيدة، ألهية على مقاعد الدرس، عندما يكون الذهن منصرفاً عن متابعة ما يلقيه الأستاذ على تلاميذه، ويكون المقعد منزوياً عن أنظار الأستاذ في منبره، ويكون الأستاذ منشغلاً عن مراقبة الطلاب في مقاعدهم، كنت أتناول دفتر أقرب رفيق إليّ مجلساً فأزجي الوقت بكتابة جمل مسجعة على جلده أتناول فيها المدرسة والدروس، والمعلمين والتلاميذ بالمزح والتندّر والسخرية، ولا يزال كثير من الزملاء في تجهيز حلب، أو في جامعة دمشق يحتفظون بالدفاتر التي سجلت على جلودها، بطريقة السجع والازدواج، صفحات ساخرة ضاحكة على أنفسنا وعلى من حولنا وعلى الجو الذي كنا نعيش فيه في تلك الأيام الخوالي..».
ولم يكن يخطر ببالي في تلك الأيام أني أكتب مقامات، فلم يكن فنّ المقامات قريباً من إدراكي الفني قرب الشعر أو الدراسات الأدبية، بل لم يكن عدد ما قرأته منها يتعدى مقامتين أو ثلاثاً مما كان المؤلفون المدرسيون يختارونه في كتبهم للهمذاني والحريري، وغير حديث عيسى بن هشام للمويلحي، الذي اعتمد في تأليفه له على هذا الضرب من الكتابة. إلا أن هذا الطراز من الكتابة الساخرة، كان قد راق لمزاجي الفني على ما يبدو، إذ وجدتني في ذات يوم أنسج على منواله حين أردت أن أصف في أسلوب لاذع بعض مظاهر جو الدراسة الطبية كما كنا نتلقاها في المعهد الطبي العربي، وهو ما سمّي في ما بعد بكلية الطب في جامعة دمشق.
وهكذا جاءت المقامة الطبية الأولى، التي كتبتها لتنشر في عدد خاص من مجلة «الصباح» الدمشقية، أصدرته الرابطة الثقافية في المعهد الطبي العربي عام 1942.
الطب زوجتي والأدب عشيقتي
(ورغم شهرته في الأدب لم يترك مهنة الطب، ما جعل بعض محاوريه يسألونه لماذا لم يتفرّغ للأدب، فكانت إجابته التي تكررت في بعض المحاورات:

“كثيراً ما أُردِّد كلمة تشيخوف على من يسألني هذا السؤال، حين قال: “الطب زوجتي والأدب عشيقتي”، وهو ما يعني أن الطب هو الواجب والمستقر، بينما الأدب هو المتعة واللذة النفسية. وأضيف للذين يُطالبونني بالتوقف عن ممارسة الطب لأتفرّغ للأدب: إنكم بهذا تُفضلون متعكم الشخصية على الوفاء بحاجة من يحتاجون إلى خدماتي الطبية، هذا من ناحية، ثم ماذا تريدون مني أكثر من إنتاج خمس روايات كبيرة، وثلاث عشرة مجموعة قصصية، وخمس مجموعات من المحاضرات، وثلاثة كتب على هامش نشاطي الطبي، وثلاثة كتب عن أسفاري، وغير هذا من الكتب المتنوعة؟ ثم إن قيمة الأديب لا تُقاس بالكثرة، فديوان المتنبي يفوق قيمة أبي العلاء المعري الذي ألّف عشرات الكتب، و”أزهار الشر” لبودلير أكثر أهمية من كتب فيكتور هوجو التي تملأ الرفوف”
وحينما يسأله سائل سؤالاً مستفزاً عن الأدب والطب: أيهما يحتل المكانة الأولى في حياته، وأيهما يحتل المكانة الثانية، لا يجد مفراً من الإجابة:
“أعتبر نفسي طبيباً، ووقتي مشغول كله بالطب، ولا سيما أنني أعيش في بلدتي “الرقة” على ضفاف الفرات حيث عدد الأطباء لا يزال قليلاً، كنت أشعر ـ ولا أزال ـ بضرورة مُعالجة الناس. لكن الأدب بهالته المتسعة وجاذبيته الآسرة يُغطِّي أحياناً على نشاطي الطبي… الأدب يأتي في المقام الثاني، وقد بدأتُ هاوياً، ولا أزال أعتبر نفسي أديباً هاوياً”.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق