مع كل موجة غلاء جديدة، تكتسب الأسرة السورية مهارة جديدة في إعادة ترتيب الأولويات، وإلغاء العديد من الاحتياجات وتحويلها الى احتياج ثانوي وربما الى رفاه.
تنطبق هذه الخبرة على الغذاء وعلى خدمات المنزل الأخرى، فكم من ربة منزل امتنعت عن إصلاح الغسالة مثلاً لتكلفة إصلاحها المرتفعة بالنسبة لدخلها، واعتبرت تنظيف الملابس رفاهاً تستغني عنه وواست نفسها بأن الكهرباء أيضاً غير متوفرة بما يكفي.
الدفء أثناء موجة البرد الأخيرة تراجع عن قائمة الأولويات، بعد أن وصل سعر عشرين ليتراً من المازوت إلى مئة ألف ليرة، فاختار صاحب البيت في حال توفرها أن يشتري بها طعاماً لأبنائه.
اليوم مع شهر رمضان ووصول الأسعار إلى درجة جعلت حتى بعض أنواع الطعام يقترب من درجة الرفاه حسب تدبير الأسر لدخلها، أصبحت الكثير من العناصر الغذائية مستبعدة، طبق السلطة استبعدت منه البندورة، طبق الفتوش استبعدت منه البقلة، وكان قد سبق البندورة والبقلة اللحم والدجاج، وزيت الزيتون.
الاستبعاد أيضاً يشمل الدواء، وفي أحد الأمثلة دخل مريض قلب إلى الصيدلية المجاورة وسأل الصيدلانية أي الأدوية من هذه الوصفة أكثر أهمية؟ فأجابته: كلها مهمة وأنها تنتظره ليسدد ثمنها متى توفر معه المال، رفض وقال أعطني ما هو ضروري.
لم نعد نستطيع تصنيف الأسر بذات الدخل المحدود، أو الأسرة المتوسطة، لأن الغالبية العظمى أصبحت من تصنيف الأسرة الأشد احتياجاً.
يسعى الناس في مسيرة حياتهم إلى اكتساب خبرات ومهارات لإدارة شؤونهم ويومياتهم، للانتقال الى الأفضل، ونحن اليوم نتمايل للانتقال من السيئ الى الأسوأ، لكن ليس طوعاً، إننا مجبرون .
عين المجتمع -لينا ديوب