ثورة أون لاين:
شرم الشيخ/سانا… الجميع في قلب الخطر ومستهدف.. ولابدّ من موقف حاسم .. نحن معنيون بالعراق أخلاقياً وقومياً ومعنوياً ومادياً .. المطلوب عدم إعطاء أية تسهيلات للحرب الأميركية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية ما سأقوله اليوم ليس خطاباً، بل مداخلة فيها عدد من الأفكار المتعلقة بالقضية العراقية أو ربما هو خطاب يخلو من المقدمات والمجاملات ويدخل إلى صلب الموضوع بشكل مباشر. أحياناً يشعر المرء بالخطر ويرى أن هذا الخطر المحدق به كبير، وعندما يلامس هذا الخطر أو عندما يصيبه، يشعر بأن هذا الخطر كان أكبر بكثير مما توقعه.. اليوم نحن جميعاً نشعر بالخطر المحدق بالمنطقة وبالعراق، ولكن باعتقادي نحن لا نشعر بحجم الخطر بالمقدار الحقيقي. البعض يعتقد أن هذا الخطر سيؤثر عليه بشكل غير مباشر والبعض يعتقد أن هذا الخطرسوف يقترب من حدوده، والبعض يعتقد بأنه سيتوقف عند الحدود، وربما البعض الآخر يعتقد بأن بعض المسايرات تبعد هذا الخطر إما إلى الأبد أو إلى أجل طويل. في الحقيقة، الجميع سيكون في قلب هذا الخطر وسيكون مستهدفاً، ربما ليس مباشرة ومن المرحلة الأولى ولكن على مراحل. باعتقادي أن الكثير من الأمور التي حصلت في الماضي لم نشعر بخطرها بالمقدار الصحيح في ذلك الوقت (سايكس ـ بيكو، وعد بلفور، إنشاء دولة «إسرائيل»، واليوم قضية العراق). هذه القمة هي قمة عادية بالتسمية لكنها استثنائية بالظروف. القمة الاستثنائية بحاجة الى شيئين: بحاجة إلى ظروف استثنائية وبحاجة لقادة استثنائيين، والقادة الاستثنائيون يعطون قرارات استثنائية طبعاً وباعتقادي إن كل انسان يريد أن يكون استثنائياً ومتميزاً. الاستثنائية اليوم هي جرأة، هي موضوعية، هي ابتعاد عن الأحقاد ذات الطابع الشخصي، وهي في الوقت نفسه السعي لتحقيق مصالحنا وليس لتحقيق مصالح الآخرين، ومن الخطير اليوم أن نأخذ قرارات عادية في مثل هذه الظروف. اننا نعتقد بأن ظرف اليوم يختلف كثيراً عن الظرف في عام 1990. في ذلك الوقت التقى العرب في قمة 8 آب عام 1990، كانت هناك حالة من الذهول والضياع والانقسام، واليوم الوضع لا يختلف كثيراً. ربما كان الانقسام في ذلك الوقت أوضح، ومع ذلك كانت هناك قمة وكانت هناك قرارات جريئة لاستعادة سيادة الكويت. طبعاً هناك من سيقول ان من قام بهذا التعامل هو التحالف الدولي. هذا صحيح. كان المطلوب من العرب في ذلك الوقت إعطاء الشرعية وتقديم التسهيلات. واليوم لو أراد العرب أن يساهموا في حرب ضد العراق، لن تسمح لهم الولايات المتحدة، أي أنه غير مسموح لهم التدخل. المطلوب إعطاء الشرعية وتقديم التسهيلات. ما يحصل اليوم هو امتداد لتلك المرحلة. لا يوجد فاصل أبداً بين الحالتين، مآسٍ تكبر وتصغر وتستمر ومخطط بياني، الذُرا فيه تدل على ذروة استهداف العرب والحضيض فيه يدل على الحضيض في الأداء وفي الواقع العربي. الفرق الوحيد بين ذلك الوقت وهذا الوقت هو انه في عام 1990 كان الكويت محتلاً، أما العراق فغير محتل لأي أرض ولا يهدد أية دولة، لا جارة ولا غير جارة، ونحن دولة جارة ويحق لنا الحديث كما يحق للآخرين حول هذه النقطة. أنطلق من القول بأنني لا أعرف الرئيس صدام حسين، لم ألتق به أبداً ولم أتحدث معه حتى على الهاتف، وربما في ظروف سنوات مضت كان هناك خلاف شديد وقاسٍ بيننا وبين الاخوة العراقيين لأكثر من عقد من الزمن. أقول هذا الشيء لكي لا أُتَّهم بالحديث الرومانسي أو العاطفي. في حديثي الآن لا توجد عاطفة حب ولا انفعال الكره. يوجد عقل وفقط عقل. أنطلق فقط من العقل. يحق لنا أن نحب شخصاً أو لا نحب شخصاً. يحق لنا أن نتفق مع سياسة مسؤول أو لا نتفق معه. يحق لنا أن نُعجب بسياسة أو بأداء رئيس أو لا نعجب، هذا موضوع شخصي. لا يهم إن اتفقنا أو اختلفنا حول هذا الموضوع، لكن هناك سؤال بسيط، هل يحق لنا أن نختلف حول العراق؟ هل نحب العراق أو لا نحب العراق؟ هل نختلف على ضرب العراق أو لا نختلف على ضرب العراق؟ إذا كان يحق لنا هذا الشيء فلماذا الحديث عن جامعة الدول العربية وعن التضامن العربي الذي يتحول عندئذ إلى اسم من دون مسمى. البعض يصور أن المشكلة هي إما في رئيس العراق أو في النظام العراقي. لا أقصد أن أتحدث عن البعض من الأجانب. أنا أقصد البعض من المسؤولين العرب. لو كانت القضية فعلاً هي بهذا الشكل، وكان هناك أشخاص مسؤولون يهددون كيان العراق، أو يهددون كيان المنطقة، فأنا أرى أن من واجبنا الآن أن نرسل وفداً ليقول لهم ضحوا بطريقة ما. قدموا تضحية لكي تنقذوا الوطن والمنطقة بشكل عام وهذا سيسجل كعمل وطني وقومي، لكن كلنا نعرف أن هذا ليس هو القضية. كلنا نعرف ما هي الأقنعة التي استخدمت. في البداية طرحت الولايات المتحدة موضوع عودة المفتشين، ولاحقاً تحدثت عن تطبيق قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، ثم تبعتها في الحديث عن أسلحة الدمار الشامل، ولحقها الحديث عن المشكلة في وجود النظام، ومن ثم بدؤوا يتحفونا بالحديث عن الديمقراطية، ومن ثم حقوق الانسان، والآن يبشرون بالتنمية. التنمية التي ستحل في العراق وفي منطقتنا بشكل عام بعد هذه الحرب. ولا نستغرب أن يصدر مصطلح كالمصطلحات الأميركية الجوفاء التي نسمعها دائماً، مصطلح يسمى الحرب التنموية أو التنمية بطريقة الحرب. كل هذه الأمور التي طُرحت هي عبارة عن أقنعة استخدمتها الولايات المتحدة لكي تخدع العالم، لكن باعتقادي لا يوجد في كل هذا العالم أحد خُدع بهذه الطروحات. على ما يبدو ملَّ هؤلاء المسؤولون في وقت لاحق من لبس هذه الأقنعة وقرروا خلعها. قالوا ليست القضية كل هذه الأمور. القضية هي موضوع السيطرة. السيطرة على العالم، على المنطقة، كل هذه الأمور واحد. القضية هي النفط، والنفط هو احدى الأدوات للسيطرة على العالم. القضية هي إعادة رسم الخريطة بالشكل الذي يناسبهم ويناسب طبعاً «إسرائيل»، وهذا جانب آخر من الموضوع. القضية هي تدمير البنية التحتية للعراق وعلى رأسها العلماء، ولا أقصد بالبنية التحتية، لا المعامل ولا الصواريخ ولا الأمور التي يتحدثون عنها. هم يريدون شعباً قلبه ينبض وعقله لا يعمل، هذا مطلوب من كل العرب، أي كمن يعيش في حالة السبات وفقط تتحرك العقول عندما يريدون وبالشكل الذي يريدونه. طبعاً ما لم يقولوه هو الجانب المتعلق ب«إسرائيل»، وأعتقد بأنه ليس خافياً على أحد. بالنسبة للمفتشين هم أول من رفض عودة المفتشين عندما وافق العراق. بالنسبة لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لا أعتقد بأن هناك بلداً في العالم يخرق هذه القرارات كما تفعل الولايات المتحدة. أما بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل فلو كانت هذه الأسلحة فعلاً موجهة ضد الدول العربية لطالبوا بزيادتها بدلاً من إنقاصها. هم يدّعون الخوف علينا. كيف يخافون علينا من العراق ولا يخافون علينا من «إسرائيل»؟. من يقوم بقتل العرب؟ هل العراق أم «إسرائيل»؟ من يقتل يومياً الفلسطينيين؟ اليوم أصبح القتل بالعشرات. بكل تأكيد كل ما يوجد من سلاح في العالم العربي لا يهدد الولايات المتحدة ولا أية قارة أخرى، لكن هم لو كان باستطاعتهم نزع السلاح الفردي في الوطن العربي فلن يترددوا لكي تبقى «إسرائيل» تصول وتجول في أجوائنا وفي أراضينا تقتل متى تشاء ومن تشاء. أما الديمقراطية فلو قام أي واحد منا بسجن 100 ألف من المواطنين الذين تظاهروا ضد سياسة الولايات المتحدة لأصبح زعيماً ديمقراطياً في العالم العربي وفي المنطقة، أما من يسجن شخصاً مخطئاً يوالي الولايات المتحدة فهو ضد الديمقراطية ومعتد على حقوق الإنسان. وأما إذا استطاع أي شخص أن يقوم بحرمان مواطن فلسطيني من أبسط حقوقه، فهو سوف يتحول الى داعية سلام وداعية ديمقراطية وداعية حقوق إنسان وكل هذا الكلام والألقاب التي لا قيمة لها. أعني نحن نظلم الولايات المتحدة عندما نتحدث عن المعايير المزدوجة. المعيار المزدوج يعني معيارين. هم لديهم ألف معيار لألف حالة وربما أكثر. المهم أنهم أرادوا أن يخلعوا هذه الأقنعة ويقولوا القضية ليست هذه الأقنعة التي لبسناها وإنما هي موضوع السيطرة. ابتدأ البعض منا يتحرك ويقول لا. أبقوا هذه الأقنعة. هم يقولون قضية سيطرة ونحن نقول لهم إن القضية هي النظام. هم يخلعون القناع ونحن نلبسهم إياه. ما أريد أن أصل إليه، هو أنه علينا ألا نخلط بين قضية شخص أو أشخاص وقضية وطن. لا يوجد شخص في العالم يستطيع أن يختصر أي وطن مهما يكن هذا الشخص. هذا من جانب. ومن جانب آخر لا يجوز الخلط بين الحالة الكويتيةـ العراقية والقضية العراقية. صحيح، كما قلت أنا، ما يحصل اليوم هو امتداد لما حصل في عام 1990 لكنه ابتدأ باتجاه وانحرف باتجاه آخر أو حُرّف باتجاه آخر لكي نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم. ربما لا يرضي هذا الكلام البعض من الإخوة العرب، لكن القناعات يجب ان تُقال كما هي ومن دون تجميل. في عام 1990 وقفنا مع الكويت ضد الموقف العراقي وليس ضد العراق، واليوم نقف مع العراق ونقف مع الكويت ولكن سنقف ضد أي طرح يؤدي أو يهدف إلى تدمير العراق. الآن سأطرح صورة مبالغة بسيطة. لنفترض أن البعض ضد النظام والبعض ضد العراق أو غير مهتم بتدمير العراق. دعونا نأخذ قراراً في هذه القمة. قراراً واضحاً بإسقاط النظام وبتدمير العراق ونبلّغ هذا الشيء للآخرين. هذا أفضل. هذا يعني على الأقل اننا إذا قمنا بهذا العمل فسنكون أكثر رحمة من الأجانب بهذا الشيء. لماذا أطرح هذه الصورة المبالغة. طبعاً الجواب سيكون لا. هذا الكلام مرفوض. هذا الشيء بديهي. لكن هنا تظهر المفارقة الشديدة بين ما ندّعيه أو ما نقوله دائماً ونصرّح به ونعلنه من رفضنا للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية ومن رفضنا لضرب العراق ومن الأداء لدى البعض الذي يسير مع الحرب ومع الضرب ومع التدخل في الشؤون الداخلية والاختباء وراء مواقف الولايات المتحدة. إذا كنا مع فكرة معينة، دعونا نتبناها نحن في هذه الجامعة. إذا كنا ضد الفكرة دعونا نقف في وجه من سيقوم بها بدل الاختباء وراء مواقف الآخرين لأنه لم يعد بالامكان في هذه الظروف ان نقف في الوسط: رجل في هذا المكان ورجل في المكان الآخر. يجب أن نحسم مواقفنا. في العالم اليوم ثلاثة عناصر تؤثر في موضوع الحرب سلباً وايجاباً: عنصر دولي، عنصر إقليمي، وعنصر عراقي محلي. دون تدخل في العنصر المحلي، العنصر الدولي يستند الى العنصر الإقليمي. إذا ضعف العنصر الإقليمي فسوف يشتد الجانب الداعي للحرب في العنصر الدولي والعكس صحيح. وإذا قوي العنصر الاقليمي فأيضا العكس يكون صحيحاً. العنصر الدولي قوته سياسية، أما العنصر الإقليمي فقوّته سياسية ميدانية، بكل ماتحويه كلمة ميدانية من معان: المعنى الجغرافي، المعنى السكاني، المعنى العسكري… إلخ. هذا العنصر الميداني هو نقطة قوة لنا إن استخدمناه بشكل صحيح لمنع الحرب وهو نقطة ضعف لنا إن تركنا الحرب تمر ونحن موجودون في الميدان لأننا سنكون في قلب الحرب هدفاً ولن نكون غير ذلك. إن لم نفهم هذه المعادلة بدقة وبوضوح فسوف نتحمل مسؤولية مضاعفة في المستقبل. حتى الآن العامل الدولي أفضل أداء منا جميعاً. نحن حتى الآن لم نقم بسوى إعطاء التصريحات. حتى الآن لايوجد عمل عربي وحيد باتجاه منع الحرب المفترضة. نحن معنيون بهذه الحرب وبالعراق أخلاقياً وقومياً ومعنوياً ومادياً فلابد من القيام بعمل ما لكي يتماشى مع العنصر الدولي الذي يعادي الحرب ولكي يدعمه. عدا عن ذلك، علينا أن نقول، أن نعلن، أن اجتماعنا أو عدمه واحد لأننا دول لاحول ولاقوة لها. ماهو المطلوب؟ أنا لن أطالب بتطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترك. وفي الوقت نفسه لن أطالب بسحب القوات الاجنبية أو القواعد الاجنبية. هذا موضوع سيادي، كل دولة تدعو من تشاء اليها، طبعا لا احد يرتاح لموضوع القواعد الأجنبية. لكن لن نتدخل، وهي ليست قضيتنا. ربما بعض الدول لديها مصالح، ربما بعض الدول لديها هواجس. المهم في الموضوع أنه لايحق لأية دولة أن يخرج تأثير هذه القوات خارج حدودها سواء كانت قوات صديقة او شقيقة أو قوات وطنية. أي تأثير لهذه القوات يخرج خارج حدود هذه الدولة تصبح هذه الدولة دولة معتدية وعندها عليها أن تُحمَّل المسؤولية كاملة. فإذاً المطلوب هو عدم إعطاء أية تسهيلات لهذه الحرب. هذا البند هو الأساس الذي يجب أن نستند اليه في هذه القمة وهو الذي يحدد دورنا في الحاضر وفي المستقبل وهو الذي يحدد دور الآخرين في قضايانا، وهو الحد الأدنى الذي إن لم نقم به فسوف يقال ان هذه القمة كانت قمة لتبرئة الذمم أمام الشعوب العربية أو قمة الهروب من المسؤولية أمام العرب أو أمام الآخرين، مايعني نحن نُحمَّل المسؤولية من قبل المواطنين العرب وحتى من قبل الأجانب. بعض المسؤولين مع كل أسف قال لي وقال لغيري نحن لانستطيع أن نتحمل أو لانستطيع أن نفرض هذا الشيء. من يقول لا أستطيع يعني انه لايمتلك القرار. ومن لايمتلك القرار لايمتلك السيادة. عن أي تضامن نتحدث إن كان هناك قراران الأول عربي والثاني غير عربي. نسميه تضامناً عربياً. إنه تضامن لكنه غير عربي. التضامن هو تضامن قرارين لامسؤولين. إذا كان التضامن تضامن المسؤولين فنحن علاقاتنا جيدة وربما هواياتنا مشتركة، لكن إذا كان مطلوباً من قراري أن يتضامن مع قرار غير عربي فأنا لست بحاجة للواسطة. نستطيع أن نتضامن مع الأجنبي بشكل مباشر. اليوم نحن بحاجة لقرار وقرار بالاجماع بالنسبة لهذه النقطة. البعض طرح موضوع إرسال وفد الى العراق. هذا يطرح عدداً من الأسئلة. هل سيذهب الوفد الى العراق فقط أم سيذهب أيضا الى الولايات المتحدة أيضاً. لأننا إذا لم نقم بذلك وذهب الوفد الى العراق فقط فهذا يعني ان المشكلة في العراق وليست في الولايات المتحدة التي تسعى للحرب بسبب ومن دون سبب. بذلك نعطي رسالة بأن المشكلة هي العراق وليس تطبيق قرارات مجلس الأمن. نعطي رسالة بأن المشكلة هي في العراق وليست في العدوان على العراق. ثانياً، إذا ذهب هذا الوفد الى العراق ما الذي يمكن أن يطلبه هذا الوفد؟ هل سيطلب التعاون، تعاون العراق مع الأمم المتحدة؟ إذا طلب هذا التعاون هل سيطلب الشيء نفسه من واشنطن التي لاتتعاون ولا بشكل من الأشكال وتحاول عرقلة أي قرار يبعد الحرب؟. ماهو مدى التعاون؟ نحن نعرف أن الولايات المتحدة دائما تطلب طلباً وراء طلب، وكلما قدم الطرف شيئاً تطلب منه التتمة. عندما يصل التنازل الى رقم مئة تقول له أين التنازل رقم واحد. هذا ماحصل مع اخواننا الفلسطينيين في المفاوضات، تنازل وراء تنازل ودائماً يقولون لهم لم تقدموا ولم تقدموا وهذا ما أوصلنا الى ماوصلنا إليه اليوم. طبعاً نحن نريد من العراق أن يتعاون، لكن يجب أن نعرف ماهو مدى التعاون. الآن نردد مايقوله الآخرون بهدف مختلف ونصبح كمن يسير معهم من دون أن يدري الى أين يذهب. علينا أن نعرّف ماهو هذا التعاون. ماهو المدى المطلوب من العراق أن يتعاون به ولم يقم. عندها نستطيع نحن كدول عربية أن نشكل مجموعة تذهب الى العراق بشكل ما وتناقش معه كل هذه المواضيع. فإذاً يجب أن نحدد ماهو مدى هذا التعاون، بنفس الوقت، هل سنرحب بالتعاون الذي أبداه. أي عندما تقول الولايات المتحدة العراق لم يتعاون لذلك سنحارب. نقول نحن للعراق: تعاون. وعندما يقول المفتشون ان العراق تعاون وان هذه النتائج التي حصلوا عليها ليست مبرراً للحرب نصمت. فأنا أرى أن علينا أن نرى الجانب الإيجابي وهو الأكبر في ما قام به العراق. أما إذا كانت هناك ثغرات وتفاصيل، فنحن كلنا اخوان عرب ونستطيع أن نتحدث مع بعضنا البعض بكل صراحة ومن دون حواجز. الجانب الآخر في الموضوع العراقي هو أن هذه القضية لاتنفصل اليوم عن القضية الفلسطينية. فشلنا في معالجة القضية العراقية يعني فشلنا في معالجة القضية الفلسطينية. لايمكن أن نفصل بين القضيتين اليوم. هذه الحرب إن حصلت فسوف تكون تغطية على الجرائم الإسرائيلية، وأنا لا أقول الجرائم الشارونية، لأنني قلت منذ زمن طويل ـ منذ قمتين على ماأعتقد ـ كل إسرائيلي هو شارون. واليوم هذا الشيء قد ثبت. كل الإسرائيليين يقتلون الفلسطينيين بشكل مستمر ومتصاعد يوميا. هذه الحرب سوف تكون غطاء على هذه الجرائم الإسرائيلية، سوف تكون التفافا على الانتفاضة وعلى المقاومة، وسوف تؤدي بالنتيجة النهائية الى السلام بالصيغة الإسرائيلية التي نرفضها جميعا وربما ستؤدي الى تقسيم العراق بهدف أن تصبح «اسرائيل» دولة شرعية. ف«اسرائيل» التي تدعي الديمقراطية دولة ذات لون واحد، تصبح شرعية عندما يصبح حولها دويلات مشابهة تكسب الشرعية السياسية والاجتماعية. ونحن نتحدث عن الموضوع العراقي لاننسى طبعاً إخواننا في فلسطين ولاننسى التأكيد على حقوقنا المشروعة في سورية ولبنان وفي فلسطين وعلى كل القرارات التي أقرّها مجلس الأمن المتعلقة بعودة جميع الحقوق، خاصة العودة الى حدود عام 1967 وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، ولاننسى أن نؤكد على تأييدنا المطلق للمقاومة بالشكل والصيغة التي يراها المقاومون. وبكل تأكيد لن ننسى أن نؤكد كما هي العادة على المطالبة بقطع سائر أشكال التعاون مع «اسرائيل»، وبكل تأكيد سنبقى دائماً نطالب بهذا الشيء حتى تلتزم «اسرائيل» بالسلام. ولكن حتى هذه الحتّى لانراها الآن. أقترح بعد أن أرحب بما قدمه العراق من تعاون ونرحب أيضاً باستمرار هذا التعاون، أقترح بالتأكيد على بند قرار عدم إعطاء أية تسهيلات للحرب. النقطة الثانية إذا اتفقنا حول هذه النقطة فلايكفي أن نعود وأن نكون مرتاحين لما حققناه. لابد من الحركة التي تلي هذا القرار فأقترح تشكيل مجموعة عربية تقوم بنقل هذه القرارات وربما البيان للدول الخمس دائمة العضوية، ولدول أخرى ذات اهمية أو معنية بالقضية العراقية، ومن الممكن أن تكون هذه اللجنة برئاسة الدول رئيسة القمم الثلاث الحالية والسابقة واللاحقة، أي البحرين ولبنان وتونس إذا وافقت تلك الدول على ذلك، وفي حال ارتأت القمة وارتأى القادة العرب أن تقوم هذه المجموعة لاحقاً بزيارة العراق لمناقشة القضية العراقية مع الإخوة العراقيين هذا يصبح تحصيل حاصل ويأخذ الشكل المتوازن. أختم كلمتي بالقول أمامنا ثلاثة احتمالات: الأول، وهو الأسوأ، أن نتفق مع الحرب وطبعا هذا لن يحصل. الثاني هو ألاّ نتفق وبالتالي نعطي رسالة لدعاة الحرب في العالم لكي يشنّوا الحرب، الاحتمال الثالث وهو الاحتمال الجيد وهو أن نتفق حول القيام بكل التدابير التي نستطيع لمنع الحرب. وبكل تأكيد نحن قادرون بالرغم من وجود اليائسين والميئَسين والميئِسين في عالمنا، فنحن قادرون ولو لم يكن ذلك لما كان هناك داع لهذا الاجتماع. وما دمنا قد اجتمعنا فهذا يعني أن لدينا الإمكانيات لأن نقوم بعمل ما. أي خيار آخر نأخذه سندفع ثمنه للمستقبل البعيد وليس القصير. وأخشى في تلك الحالة أن تقرأ الأجيال المقبلة أن بغداد دمرت أول مرة في عام 1258 عندما اجتاحها هولاكو على خلفية ضعف الدولة العباسية العربية وتم اجتياحها في بداية القرن الحادي والعشرين على خلفية ضعف النظام العربي أو فشل قمة عربية ولكنها في هذه المرّة لن تكون وحدها بل ستكون معها دول عربية عديدة. أتمنى لي ولكم ولهذه القمة التوفيق وأشكر جلالة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وشكراً لكم