الرئيس الأسد في حديث شامل لصحيفة السفير..المصالحات العربية لا تزال في البداية ..وحربا تموز وغزة غيرتا الخريطة في المنطقة..وأصبح المواطن العربي أكثر تمسكا بأرضه
ثورة أون لاين:
دمشق-سانا أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن المصالحات العربية لم تحقق قفزة بعد وأنها لاتزال في البداية والوضع العربي مازال غير جيد حتى نصل إلى قمة الدوحة.. مشيراً إلى أن الأمور أفضل الآن.
والشيء الجيد ليس فقط المصالحات.. وإنما هو بداية وعي عربي للدروس التي تعلمناها مما حصل خلال الست سنوات الماضية.
وقال الرئيس الأسد في حديث شامل لصحيفة السفير اللبنانية إنه من المبكر الحكم على الإدارة الأميركية الجديدة في موضوع السلام لأنها بحالة وضع تصورات وعلينا الانتظار قبل أن نحكم.
وفي تقييمه للتجربة السورية في لبنان أوضح الرئيس الأسد أن هذه التجربة كانت لها أهداف واضحة وهي حماية لبنان وعودة الاستقرار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.. وهذه الأهداف تحققت جميعها مؤكداً أن أبواب سورية مفتوحة أمام أي مسؤول لبناني يؤمن بلبنان عربي.. وبأن إسرائيل عدو.. ويدعم المقاومة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن حرب تموز غيرت الخريطة في المنطقة وأيضا حرب غزة كانت نقطة من النقاط الأساسية.. وهما سيؤثران على أي عمل سياسي يتعلق بعملية السلام في المستقبل.
وأوضح الرئيس الأسد أن المشهد العربي بعد احتلال العراق تغير من خلال تغير الأجيال وأصبح المواطن العربي أكثر تمسكا بأرضه بعد حرب تموز وغزة.. وأصبحت هناك أيضا فكرة المقاومة والاستعداد لدفع الثمن مقابل أن يدفع العدو الثمن.. وفي الشأن العراقي أكد الرئيس الأسد أن ما يهم سورية هو أن يكون العراق موحداً وعربياً.
وفيما يلي النص الكامل لحديث السيد الرئيس ..
سؤال: السيد الرئيس ..الملف اللبناني لم يفتح بعد بالكامل وهو مهم جداً وحساس ودقيق..ونتمنى أن نتوسع فيه تفصيلاً بعد أن نسمع منكم قراءة للمشهد العربي انطلاقاً من العراق.
العرب تعلموا الدروس من حرب تموز 2006
الرئيس الأسد: بالنسبة للعراق، ما قلته للأميركيين هو نفسه ما قلته لصحيفة السفير في المقابلة الأخيرة معكم قبل ست سنوات.. قلنا لهم ستربحون الحرب وتغرقون في الرمال وستنطلق المقاومة..وانطلقت المقاومة.
طبعاً كان الجميع يتوقع أن يستمر القتال على الأقل أشهراً وليس أسابيع.. وكان ذلك مفاجئاً للجميع بمن فيهم العراقيون أنفسهم، طبعاً هذه هي الحرب.. لكن الرؤية كانت واضحة تماماً..هناك إقرار في العالم أنه لا يمكن لأميركا أن تبقى في العراق وهي مرتاحة.
لا شك أن المشهد العربي قبل الاحتلال تغير من خلال تغير الأجيال..العرب تعلموا الدروس من حرب تموز 2006.. الهجرات كانت محدودة نسبة لأي حرب سبقتها.. والمواطن أصبح أكثر تمسكاً بأرضه.
في غزة.. الناس أكثر تمسكاً بأرضهم وفي الضفة وكذلك أيام جنين.
أصبحت هناك فكرة التمسك بالأرض.. وأصبحت هناك أيضاً فكرة المقاومة والاستعداد لدفع الثمن مقابل أن يدفع العدو الثمن.. أي في كل الأحوال أنت ستدفع الثمن لو لم تواجه.
هذا هو الشيء الأساسي المتعلق بالأجيال.
المصالحات العربية مازالت في البداية
أما الوضع العربي فلا شك أنه بعد كل معركة هناك انهيارات.. وكانت آخر الانهيارات خلال مرحلة غزة.
لا أستطيع أن أقول بأننا حققنا قفزة بالمصالحات العربية الأخيرة .. بدأت المصالحات وما زالت في البداية.
أقلعت الطائرة وتكون مرحلة الإقلاع عادة مرحلة حرجة إن تم تخفيف قوة المحركات تنهار الطائرة ويسقط كل شيء.
فنحن الآن في مرحلة إقلاع وصعود في هذه الطائرة.. ولكن مازال الوضع العربي غير جيد..على الأقل حتى نصل إلى قمة الدوحة ونرى بأن الأمور أفضل.
بداية وعي عربي للدروس التي تعلمناها مما حصل خلال الست سنوات الماضية
الشيء الجيد ليس فقط المصالحات.. ولكن الأهم هو بداية وعي عربي للدروس التي تعلمناها مما حصل خلال الست سنوات الماضية.. الصورة أصبحت أكثر وضوحاً.
سؤال: ندخل إلى الموضوع اللبناني.. عملياً منذ عام 1975-1976 تم تفويض سورية بالشأن اللبناني وتولت مسؤولية الوضع في لبنان منذ عام 1976 حتى عام 2005.
هل قمتم بإعادة نظر نقدية لهذه التجربة لأن الظروف التي رافقت خروج سورية كانت مانعة لأي حوار جدي حول كيف جرى ما جرى.. ولماذا جرى ما جرى..ومن المسؤول عما جرى.. هل نستطيع اليوم إعادة فتح لكل تلك الملفات.. لكل تلك التجربة في وحي ما استفدتموه منها كتجربة غنية جداً ومؤلمة جداً بنتائجها.. هل نستطيع الدخول إلى الملف كاملا.
سورية نجحت في الحفاظ على وحدة لبنان واستقراره وتحرير الجنوب
الرئيس الأسد: لا شك.. أي تجربة يجب أن تحدد أهدافها أولا كي تقيمها.. لا يمكنك تقييمها دون أن تحدد ما هي الأهداف.. لكن حتى لو تحققت الأهداف هناك دائماً خلال الممارسة للوصول لهذه الأهداف إيجابيات وسلبيات.
التجربة السورية كانت لها أهداف واضحة.. حماية لبنان من التفتيت.. توحيده وعودة الاستقرار إليه.. حتى التسعين نجحت التجربة وعندما خرجت سورية من لبنان كان موحدا ففي هذا المجال نجحت سورية.
حصل التحرير عام 2000.
لسورية دور أساسي في هذا الموضوع.. إذن تحققت أهداف التحرير والتوحيد.. لكن عندما أعلنت أنا الخروج من لبنان في آذار عام 2005.. قلت إنه حصلت أخطاء.. كنت واضحاً في هذا الكلام.. طبعاً حصل تقييم في سورية.. والحقيقة التقييم بدأ قبل تغير الظروف.. عندما كان هناك سؤال في سورية لدى الكثير من السوريين الذين كانوا على احتكاك مع اللبنانيين ويسمعون الانتقادات التي تحصل تجاه سورية.. فكان السؤال دائماً لماذا نبقى في لبنان… أو إلى متى نبقى… بعد الخروج وما حصل بالنسبة للعلاقات السورية اللبنانية.. كان هناك نقد وتحليل بهذا الاتجاه ولكن الأخطاء التي نتكلم عنها هي أخطاء مرتبطة بأشخاص وليس بالسياسات.. أي طالما تحققت الأهداف في وحدة لبنان وتحريره.. فالسياسات كجوهر وكمبدأ صحيحة.
أما الخطأ فكان في التعاطي مع الوضع الداخلي اللبناني.. وهنا توجد تفاصيل كثيرة.
سؤال: منذ عام 2003 متى أحسستم ان الجو الدولي.. واستطراداً العربي.. انقلب إزاء الوجود السوري في لبنان.. وبدأ تحويل هذا الوجود.. دعنا نقول.. إلى مطعن لسورية وضرب للعلاقات اللبنانية السورية.
الرئيس الأسد: مباشرة مع الحرب.
سؤال: مع غزو العراق ..
التهديدات لسورية بدأت قبل حرب العراق
الرئيس الأسد: التهديدات لسورية بدأت قبل الحرب.
إذا لم تسيروا معنا في الحرب فسوف تدفعون الثمن. كان الكلام واضحاً وكان جوابنا واضحاً نحن مستعدون لدفع الثمن.. ولكن إذا سرنا معكم بموضوع الحرب فسندفع ثمناً أكبر.. الفرق هو دخول فرنسا على الخط بعد حرب العراق.
كان المطلوب من سورية أن تقدم الثمن للمصالحة الفرنسية الأميركية.. وهذا ما رفضناه.. وهنا بدأ الانقلاب الذي قادته فرنسا في الحقيقة وليس الولايات المتحدة.. ولكن الولايات المتحدة كانت سعيدة..
الولايات المتحدة أساساً انقلبت على سورية قبل الحرب.. وأتى الالتقاء الفرنسي الأميركي لكي تكتمل الصورة وتتوسع دائرة الانقلاب.
سؤال: لماذا فعلت فرنسا ذلك.
الرئيس الأسد: أرادت فرنسا أن تصالح أميركا.. فالمطلوب منها ثمن .. طبعاً لديها جوانب لبنانية في الموضوع مرتبطة بموضوع باريس /2/.. وقد حصل صراع حول موضوع الخصخصة.. وكان المطلوب من سورية أن تكون جزءاً من هذا الصراع.
رفضت.. وقلت..نحن لن نكون جزءاً من هذا الصراع.. توجد مصالح وأموال هذه ليست قضيتنا.. نحن يمكن أن ندعم أي خطوة في لبنان إذا كان لها جانب سياسي.. إذا كانت بحاجة لغطاء سياسي.. أما أن ندخل في التفاصيل التقنية.. أي شركة ستباع… وكيف وآلية البيع وما شابه… رفضنا أن ندخل في ذلك. الجانب الآخر له علاقة بشركات النفط في سورية.. كان المطلوب أن تأتي شركات النفط وتأخذ عقوداً في سورية بشكل نحن نرفضه بالشكل والمضمون.. أي مضمون العقد الذي هو فعلياً نسب التقاسم.. وهو يضر بمصالح سورية.. وقد رفضناه. لكن أتى الشيء الأكبر وهو موضوع المصالحة الفرنسية الأميركية …
سؤال: في حزيران 2004 أم قبل الرئيس الأسد.. لا.. موضوع باريس 2 بدأ عام 2002 ولاحقاً عام 2003 بدأ موضوع النفط وما شابه ذلك.. وفي 2004 من خلال لقاء شيراك مع بوش في أوروبا.. لا أذكر في أي مناسبة.. لكن هو مذكور بشكل واضح في كتاب لابيفيير..عندها بدأ الانقلاب الفعلي من خلال هذا اللقاء.
سؤال: قرروا أن سورية يجب أن تخرج من لبنان.
الرئيس الأسد: تماما
سؤال: أي القرار1559 .
الرئيس الاسد: القرار 1559 كان في عام 2004…
سؤال: والرد عليه كان بقرار التمديد للرئيس لحود
القرار 1559 كان نتيجة اللقاء بين شيراك وبوش
الرئيس الأسد: لا.. لم يكن رداً أبداً. القرار1559 كان نتيجة للقاء بين شيراك وبوش . كان الآلية القانونية الدولية ليحشدوا دول العالم ضد لبنان وسورية.. وكانوا يعتقدون أن 1559 سيؤدي إلى إسقاط النظام السوري.. وأن سورية الدولة بلا لبنان وبلا وجود الجيش السوري فيه ستسقط.. هكذا كانت المخيلة لديهم.
لكن بالنسبة لهم فإن 1559 كان الهدف منه داخليا لبنانيا أيضاً.
قضية التمديد.. لم تكن أساساً مطروحة. وفي حوارنا مع القوى اللبنانية لم يكن هناك من يطرح التمديد.. ولم يكن في تصورنا التمديد.. والرئيس رفيق الحريري سألني هذا السؤال في إحدى المرات.. وقلت له إنه لا يوجد تمديد.. ولم أسمع من أحد أنه يرغب بالتمديد في لبنان.
هذا قبل أن يظهر القرار 1559.. هذا الكلام في ربيع 2004 تقريباً. بدأت تظهر بوادر 1559 في شهر حزيران تقريباً.. وبدأنا نسمع عن شيء يحضر في مجلس الأمن.. وفعلياً أغلب القوى الصديقة لنا في الغرب لم تكن تعلم بهذا الشيء .
كانت خطة 1559 تعتبر أن سورية ستطرح أحد المرشحين الواردة أسماءهم على الساحة في ذلك الوقت.. وأي مرشح منهم.. بغض النظر عن أي مرشح سيكون.. سيقال بأنه تدخل سوري. وكان هناك مرشح حتى الآن لم نعلن من هو.. لبناني بديل.. ستطرح سورية مع الحلفاء اللبنانيين اسماً ما.. فستبدأ نفس المعركة من أجل المرشح البديل.. وستأتي المساومة بأن القرار 1559 مقابل منع تدخل سورية في مرشحين لبنانيين. لم يكن 1559 له علاقة بالتمديد..
وأساساً لم يكن وارداً في بالهم التمديد.. بالنسبة لهم كانوا يعرفون بأن سورية لا تريد التمديد.. فكان وضع هذا القرار من أجل لعبة أخرى.. وأي مرشح آخر.. وكان هناك مرشح بديل.. سيفترضون أن سورية ستقف ضد هذا المرشح فسيكون 1559 هو الرد على سورية .
سؤال: من هو المرشح.. ومتى تعلنون اسمه…
الرئيس الأسد: في الوقت المناسب..نحن نعرف بالتفاصيل ما الذي كان يحصل.. وعرفناه بعد 1559. عندما حصل 1559 كنا نعرف المبدأ العام.. ولكن لم نعرف الشخص بدقة إلا بعد صدور القرار بشهر واحد.. عرفنا من هو الاسم من الدول المشاركة في الموضوع.. قالوا لنا كل التفاصيل.
فهذه هي قضية القرار 1559.. كان محضراً بشكل بديهي.. بغض النظر عن التمديد.. لم يكن هناك تمديد. السؤال لماذا واجهت سورية العالم بالتمديد… لا توجد علاقة .
عندما توضحت بوادر المعركة كان لبنان وسورية بحاجة لشخص للمواجهة.. وهو الرئيس لحود.
سؤال: أي أن التمديد كان هجوماً … الرئيس الأسد..لا.. التمديد حدث لأن الرئيس لحود بالأساس جرب وطنياً في مراحل.. أعتقد أنه الآن بدأ يتحدث عنها في مذكراته وفي مقابلاته.. ولكنهم جربوا مع الرئيس لحود منذ استلم الرئاسة.. أن يدخلوا في قضايا معينة.. هي إبعاد لبنان عن سورية.. وإبعاد الرئيس لحود عن المقاومة.. فرفض.
إذن فالرئيس لحود هو إنسان مجرب وطنياً. فكان لا بد من الدخول في معركة والتمديد كان هو الرد. سؤال: قلتم في بداية الحديث إنه كانت لديكم مهمة في لبنان.. هي الحفاظ عليه دون تفتيت أو تقسيم.. ولكن ألا تظنون أنه بعد 30 سنة من وجودكم في لبنان كان من الممكن أن تبنوا صداقات أكثر عمقاً.. لا أن تتغير مع تغير الأحوال.. أي أن تبنوا جسورا اقتصادية واجتماعية وثقافية تكون أمتن بين دولتين شقيقتين…
الرئيس الاسد: كلام صحيح.. وهذا يتوافق مع ما قلته أنا في خطابي بأنه كانت هناك أخطاء.. وهذا أحد الأخطاء.
سؤال: ولكن هذه الأخطاء ورطت لبنان وسورية في علاقات متوترة اليوم تنعكس على البلدين .
الرئيس الأسد: أنت لا تستطيعين أن تنسي أن الجانب الآخر من الأخطاء هو لبناني.. أنا تحدثت عن الجانب السوري.. ولكن إذا أردنا أن نتحدث بشكل موضوعي فالمشكلة لبنانية سورية.. وهناك طرف في لبنان.. بكل الأحوال.. ربط نفسه بسورية ربطاً مصلحياً وليس ربطاً مبدئياً.. لم يرتبط بسورية عبر الوطنية اللبنانية..
وإنما ارتبط بسورية عبر مصالحه الضيقة ويتحمل المسؤولية.
سؤال: ولكن ألم تختبروا هؤلاء الأصدقاء… هل صدمتم بهم… الرئيس الأسد.. لا.. لم نصدم.. لأنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها تحولات في العلاقات في لبنان .
سؤال: كان لديكم حلفاء أشداء.. فجأة أصبحوا خصوماً أشداء… الرئيس الأسد.. لا ..كانوا خصوماً أشداء.. وفي عام 2000 كان هناك هجوم على سورية.. ومحاولات تدخل في الشأن الداخلي السوري.. وعادت الأمور مع بعض الأشخاص تتذبذب في اتجاهات مختلفة.. وكنا نعرف أن البعض منهم في مراحل معينة كان يتحدث في الدوائر المغلقة بكلام سيئء جداً عن سورية .
سؤال: من.
الرئيس الأسد: أنا لا أتعامل الآن مع أسماء …
سؤال: البعض ممن كان يفترض أنهم من اصدقائكم أو حلفائكم في لبنان… الرئيس الأسد.. بالتأكيد.. فإن حلفاء كلمة كبيرة.. دعينا نقول ولكي أكون دقيقاً.. من كان يدعي صداقته لسورية كان في الدوائر المغلقة يتحدث بالعكس.. ولكن في السياسة تتعاطين مع الواقع أحياناً.. لذلك أنا لا أقول إنه لا توجد أخطاء.. ولكن بنفس الوقت لا نستطيع أن نقول إن سورية كانت مخطئة ولبنان.. أو قوى لبنانية كانت تسير بالاتجاه الصحيح .
أنا قلت كانت هناك أخطاء.. من في لبنان قال إنه كانت هناك أخطاء… يجب أن يكون هناك من يمتلك الجرأة ليقول هذا الكلام.
سؤال: تقولون ان التمديد حصل لأن العماد لحود كان مجربا.. ولكن ما أخذ عليكم أنه حكماً توجد في لبنان شخصيات وطنية.. مجربة وصديقة لكم وتهمها مصلحة البلد.. وكان من الممكن أن تتولى الرئاسة.. وبالتالي تجنب كل المشكلة التي خلقها التمديد.
الرئيس الأسد: صحيح.. هذا الكلام جميل من الناحية النظرية.. لكن عندما تدخلين في المعركة.. والمعركة طويلة ولم تبدأ بالقرار1559. لو أن المعركة بدأت بهذا القرار.. لكان هذا الكلام صحيحاً .. لكن المعركة بدأت قبل سنوات.. والرئيس لحود كان جزءاً من المعركة. أي شخص قد يكون لا يقل عن الرئيس لحود وطنية وصلابة وبكل المواصفات.. ولكن من يبدأ المعركة قبلا هو الأقدر على الاستمرار فيها.. الرئيس لحود بدأ قبلا.. والمعركة قبلا لم تكن معلنة.. ولكن كنا نراها ونخوضها.
سؤال: هل كنتم تخشون أنه لو حصلت انتخابات لما تم انتخاب الشخص الذي…
الرئيس الأسد: أبداً..أبداً..القرار 1559 كان محضراً تماماً.. وهذا الأمر موجود في وثائق.. أي أنه أصبح موجوداً في كتب.. والغرب يعرف هذا الشيء. لماذا نريد أن نفترض أشياء لم تكن موجودة.. ال1559 كان موجوداً واللعبة كانت واضحة.
الآن هناك واقع.. هناك معركة خضناها.. وبالمحصلة تمكنا من خوض هذه المعركة بغض النظر عن بقاء سورية في لبنان.. أي المعركة كانت أهدافها أكبر.
سؤال: خسرتم لبنان نتيجة هذه المعركة…
الرئيس الأسد: لا.. لم نخسر لبنان بسبب تمديد أو بسبب القرار 1559.. خسرنا لبنان بسبب الأخطاء التي تمت في صياغة العلاقة مع لبنان خاصة بعد عام 1990. قبل ال90 كانت هناك حرب أهلية.. كان الوضع مختلفاً.. لكن بعد 1990 أنا أعتقد أننا تأخرنا في القيام ببعض الخطوات وخاصة بعد 1998 تحديداً عندما اكتمل بناء الجيش وانتقل الرئيس لحود من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية.
هنا بدأت الأخطاء تتراكم أو تظهر مفاعيلها بشكل أكبر.
سؤال: أي أنه كان يجب أن يبدأ الانسحاب السوري منذ تلك اللحظة بشكل أبرز…
الرئيس الأسد: هو بدأ فعلياً عام 1998 وكانت أول خطوة في 98 أو99 عندما بدأت القوات السورية تنسحب باتجاه راشيا ومناطق جبل الشيخ.. وكانت هناك ضجة في إسرائيل بأن الهدف من هذا الانسحاب هو الهجوم على إسرائيل.. ولكن الحقيقة.. كان الهدف منه هو الاقتراب من الحدود السورية كمرحلة أولى.. واستمر.
وفعلياً عندما صدر القرار 1559.. كان قد انسحب 63 بالمئة من القوات السورية.. فإذن نحن لدينا تصور بأنه لا بد من الانسحاب.
لكن أنا لا أركز على موضوع الجيش الذي كان قد بدأ بالانسحاب.
أنا أركز أكثر على التعاطي مع الوضع السياسي الداخلي.. هنا كانت الأخطاء تتراكم.
نحن بنينا علاقتنا مع قوى محلية وخسرنا قوى كبرى لأجل قوى أصغر.. يعني الإحباط المسيحي كان موجهاً ضد سورية في جانب منه.. وكنا نخسر المسيحيين بشكل عام مقابل قوى سياسية معينة.
سؤال: حتى اليوم يأخذ عليكم البعض ان تدخلكم أو علاقاتكم تكون مع أطراف وقوى وأحزاب في لبنان.. في وقت تتعاطى الدول من دولة الى دولة.
الرئيس الأسد: لا ..هذه تؤخذ على لبنان وليس علينا.
لان البلد هو الذي يحدد كيف تكون علاقاته.
مثلاً.. هل علاقاتكم مع فرنسا هي فقط عبر الحكومة… ام لديكم علاقات.. أي شخص منكم حر لفتح علاقة مع فرنسا.. فإذا كنتم لا تريدون علاقة إلا مع الدولة.. فيجب على الدولة اللبنانية أن تتخذ قراراً وأن تقول بانه يمنع على اي جهة لبنانية.. حزب أو جهة أو شخص أن يبني علاقة خارج إطار الدولة اللبنانية..
ونحن نلتزم.. ولكن لم تأخذ الدولة اللبنانية هذا القرار .
سؤال: أنتم تشجعون على مثل هذه العلاقات … الرئيس الأسد.. كيف نشجع… أين شجعنا… العلاقات بين كل الدول في العالم لا ترتبط بالدولة.. نحن علاقاتنا مع أي بلد في العالم لا ترتبط بالدولة.
أي سوري يفتح علاقة مع أي جهة ما عدا العدو الإسرائيلي طبعاً. يذهب إلى أميركا نفسها التي كانت على خصومة مع سورية لسنوات.
لا يوجد شيء يمنع من العلاقات.. ولا يوجد مبدأ سياسي او دولي أو قانوني يقول بهذا الكلام فاذا كان لديكم مثل هذا المبدأ .. أعلنوه لا توجد لدينا مشكلة .
سؤال: ولكن حتى في الشكل.. يقارن البعض بين استقبالكم للجنرال عون واحتفائكم به.. واستقبالكم لفخامة الرئيس ميشال سليمان.. في حين مثلاً استقبلته فرنسا في الأمس القريب.. استقبال رؤساء الدول في زيارة دولة.. ويقال إنكم ميزتم بين اللقاءين.
الرئيس الأسد: أولاً لا تجوز المقارنة..الرئيس..أي رئيس أو أي مسؤول.. رئيس جمهورية.. رئيس وزراء.. وزير.. هناك بروتوكولات تحكم الزيارة.
الرئيس ميشال سليمان لم يأتِ إلى سورية زيارة دولة.
أنا عندما زرت زيارة دولة في فرنسا.. استقبلوني بنفس الطريقة التفصيلية التي استقبل بها العماد ميشال سليمان.. لأن هناك تفاصيل.. يزور مجلس الشعب.. يزور البلدية.. تفاصيل معروفة ليس لها علاقة بالحفاوة.. لها علاقة بالاتفاق بين الدولتين.. ما هو مستوى الزيارة.. زيارة دولة… زيارة رسمية… زيارة عمل… أما العماد ميشال عون فلم يأت بصفته مسؤولاً لبنانياً رسمياً في الدولة..هو عضو مجلس نواب.. ولكن بنفس الوقت هو زعيم معارضة..والأهم من ذلك الإشارة التي أرادت سورية أن ترسلها لأن هذا الشخص كان له دور أساسي في اتفاق الدوحة.. لأن المعروف أن العماد ميشال عون وافق وكان أساساً في الموافقة على ما حصل في اتفاق الدوحة.. وفي مقدمته مجيء الرئيس ميشال سليمان.
فهذا ليس حالة سائدة في السياسة اللبنانية أن يقوم شخص بالتخلي عن مصالحه الشخصية لصالح المصلحة الوطنية.. فعلينا أن نقدر دور العماد ميشال عون في اتفاق الدوحة.. هو قام بشيء وطني ولولاه لما كان مر اتفاق الدوحة.. وعلينا أن نقر بهذا الشيء.. فكان التكريم من هذا الجانب.
أما الجانب الثاني.. فهو قد أتى كزعيم مسيحي مشرقي.. وهو أعلن نفسه زعيماً مسيحياً مشرقياً..
إذا عدت إلى حفاوة الاستقبال فقد كانت لها علاقة بهذا الجانب المسيحي المشرقي.. أما لو كان رئيس جمهورية.. فلم يكن ليقوم بجولة على الكنائس في سورية.
أردنا نحن في سورية أن نظهر بأننا نتعامل مع شخصية عندما خاصمت سورية خاصمتها بوضوح.. وعندما صادقت سورية صادقتها بوضوح.. وهذا كان محل تقدير الشعب السوري.. وإذا لاحظت الحفاوة التي كانت موجودة.. كانت حفاوة شعبية غير منظمة.. تستطيعين أن تأتي بالأشخاص إلى الشارع.. لكن هل تستطيعين أن تجبريهم على الابتسامة والفرح.
في لبنان يحاول البعض تحوير بعض الحقائق خارج إطار المنطق.. أي أن الخلاف في الرأي شيء وقلة الأخلاق في التعاطي شيء آخر.
سؤال: لم نتعود في سورية أن نرى ظاهرة وحفاوة دينية.. أكانت مسيحية أم مسلمة.. على اعتبار انكم دولة علمانية ..ولذلك كان مفاجئاً إعطاء الطابع المسيحي المشرقي للزيارة… الرئيس الأسد.. هذا فهم خاطئ للمصطلحات.. لأن العلمانية لا تعني استبعاد الأديان بل تعني حرية الأديان.
حرية الأديان جزء من علمانيتنا
ونحن أردنا أن نظهر حرية الأديان كجزء من علمانيتنا وليس العكس.
ما رأيتيه هو تماماً جزء من علمانيتنا وليس العكس.. فلذلك نحن نختلف مع الكثيرين في تفسير المصطلحات . بالنسبة لنا هذه هي علمانيتنا. لكن لا يهم أن يكون هذا مفاجئاً أم لا.. المهم أن هذه هي الرسائل التي أرادت سورية أن تنقلها وأولها التقدير للعماد ميشال عون للأشياء التي قام بها تمهيداً لاتفاق الدوحة.. ونحن لم نكن نعرف العماد ميشال عون.. ولذلك نستطيع أن نكرمه بدون أن يدعي أي شخص بأن العماد ميشال عون هو دمية سورية.. أو أنه يقوم بتنفيذ أجندة سورية.
ونحن كنا على خلاف معه.. وهو أكثر شخص اختلف مع سورية.
سؤال: ولكن أيضاً حول هذا التكريم.. البعض اعتبر أن هذا استمرار في ما كانت تقوم به سورية من إعطاء دور لمعارضين داخل كل الطوائف.. أي أنكم بكل طائفة وفي كل حزب شجعتم أن تكون هناك عدة أطراف.. أنتم لستم مع زعامة مطلقة.. أو هكذا فسر على الأقل في بيروت.. أنه للمسيحيين أكثر من رئيس جمهورية.. زعيم حزب… الرئيس الأسد.. لو لعب أي واحد من هذه الزعامات.. وأغلبهم له علاقات جيدة مع سورية.. نفس الدور الذي لعبه العماد ميشال عون في مرحلة اتفاق الدوحة.. لقمنا بنفس الشيء.
نحن لا توجد لدينا مشكلة..وكنا أحراراً مع العماد ميشال عون لأننا كنا على خلاف معه.. لو قمنا بهذا الشيء لشخص قريب من سورية، لاتهم بشتى الاتهامات. لكن العماد ميشال عون لا يستطيعون اتهامه.
سؤال: تم اتهامه.. بكل الأحوال.
الرئيس الأسد: في لبنان يحصل كل شيء. ولكن أنا أتحدث عن الاتهام المنطقي وليس أي اتهام.
سؤال: قلتم أنه في التسعينيات كان هناك تراكم أخطاء.
هل نستطيع أن نعدد هذه الأخطاء التي حدثت حتى عام 2004… قلتم إن أحدها هو التعاطي مع المسيحيين.
الرئيس الأسد: لا.. أنا قلت بالمبدأ العام.. بأننا بنينا علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى ..ثانياً غرقنا في التفاصيل اللبنانية أكثر مما يجب…ثالثاً الطائف كان يتحدث عن إلغاء الطائفية.. كان من المفترض أن يكون أساس علاقتنا مع لبنان هو تنفيذ المراحل المطلوبة بعد الطائف.. بدل الغرق في تقاسم الحصص بين اللبنانيين.
سؤال: قلتم سيادتكم بنينا علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى.. البعض يأخذ عليكم حتى اليوم في الموضوع المسيحي أن هذه المعادلة تتكرر.. أي بناء علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى.. مثلاً العلاقة مع العماد عون.. هناك شخصيات وطنية مسيحية.. لم تخل في يوم من الأيام في العناوين الكبرى لها علاقة بلبنان وسورية والمنطقة.
أبوابنا مفتوحة لجميع اللبنانيين
الرئيس الأسد: لا..هناك فرق كبير في المقارنة.. في ذلك الوقت كنا موجودين في لبنان.. وكان بيدنا مبادرة أكبر.. وهامش مناورة أكثر لكي ننفتح على كل القوى.. وحاولنا ذلك.. ولكن كان هناك بعض الأبواب تفتح وتغلق وكانت هناك حالة تردد.. أي كان هناك وضع مسيحي معين كان يؤدي إلى أن العلاقة مع سورية فيها تهمة.
الآن أصبحت سورية خارجاً.. والمبادرة أقل.. ولكن بنفس الوقت نحن أبوابنا مفتوحة.. الآن مطلوب من الجانب اللبناني الذي يريد أن يفتح علاقات مع سورية أن يتحرك..لأن سورية أبوابها مفتوحة..أي الفرق كبير بين أن تكون موجوداً في لبنان أو بين ألا تكون موجوداً.
سؤال: الأبواب مفتوحة بدون تحفظ لأي شخصية لبنانية ..
أسس علاقتنا مع أي لبناني الايمان بلبنان عربي وأن إسرائيل عدو ودعم المقاومة
الرئيس الأسد: نحن لدينا أسس في العلاقات.. أن يكون الشخص مثلاً لا يؤمن بلبنان عربي.. أو أن إسرائيل ليست عدواً… أو لا يدعم المقاومة… لا.. لا نتعامل معه.
نحن مواقفنا واضحة.. كل شخص يشاركنا المواقف المعلنة لسورية سياسياً.. لا توجد لدينا مشكلة معه.
كل شخص نختلف معه.. ربما يكون هناك حوار بهدف إقناعه بما نعتقد.. هذا بديهي.
سؤال: هل تسري قاعدة الأبواب المفتوحة مثلاً على النائب وليد جنبلاط..وهل من محاولة إعادة نظر بين الجانبين بالعلاقة التي مرت خلال السنوات الأخيرة…
الرئيس الأسد: نحن نتحدث عن مبادئ، والمبادئ تقول إن أي شخص يشارك سورية مبادئها ويؤمن بالعلاقة السورية اللبنانية وليس العلاقة المصلحية.. العلاقة الثابتة وليس المتذبذبة..المبنية على أسس معينة.. دعم المقاومة وليس ضرب المقاومة..الوقوف ضد إسرائيل..أي شخص يؤمن بشكل فعلي بهذه المواضيع.. يسري عليه هذا الموضوع.. وبغض النظر عن الأسماء لا يوجد استثناء. هذه هي المعايير.. إذا كانت تنطبق عليه فالأبواب مفتوحة.. وإذا كانت لا تنطبق عليه فالأبواب مغلقة.
سؤال: في الفترة الأخيرة هو يبعث رسائل شبه يومية ابتداء من سورية وصولاً إلى إيران.. طبعاً ناهيك عن المقاومة..
الرئيس الأسد: أنا أعطيتكم المعايير وأترك القياس لكم.
والبوابة الحقيقية هي المبادئ والأسس التي نعمل وفقها.. نحن لا نعمل وفق مزاجيات.. لا مزاجياتنا ولا مزاجيات غيرنا.
سؤال: هناك موضوع خطير وحساس جداً هو ملف اغتيال رفيق الحريري.. وكل ما صدر عن سورية في هذا المجال مقتضب ومرتبك أحياناً وغير محدد تماماً. اليوم وبعد أربع سنوات من تلك الجريمة.. هل أصبح لديكم ملف واضح عن الجريمة وتفاصيلها… ومن وكيف والظروف… غيرالاستنتاجات السياسية…
الرئيس الأسد: من الناحية الأمنية لا يوجد لدينا أي معلومة عن الموضوع.. وكان هذا مجال التعاون بيننا وبين لجنة التحقيق.. طلبوا كل المعلومات ونحن تعاونا.. ولكن لا يوجد أي معلومة لها علاقة ..لأننا بالأساس نحن خرجنا مباشرة بعدها من لبنان.. وانقطعت العلاقات بيننا وبين كل الجهات اللبنانية رسمياً.. فلا تستطيع أن تقوم بعملية بحث عن المعلومات.. أو تحقيق مبدئي بدون علاقة مع أجهزة لبنانية. فعلياً لا.. لا يوجد لدينا أي شيء.. وأعتقد أنه حتى الأجهزة الصديقة والشقيقة لا يوجد لديها أي معلومات.
سؤال: عند اغتيال الحريري هل كان يجب إعلان مسؤولية معنوية عن الاغتيال باعتباركم كنتم سلطة موجودة..عسكراً وأمناً في لبنان…
الرئيس الأسد: لا..هذا الكلام خطأ.
مسؤولية القوات السورية كانت حماية لبنان من التقسيم
بأنه كان علينا أن نعلن المسؤولية..لا نعلن مسؤولية نحن لا نحملها.
مسؤوليتنا ليست حماية الشخصيات اللبنانية ولا الحفاظ على الأمن في لبنان.. وإنما مسؤولية القوات السورية كانت حماية لبنان من التقسيم ومن الحرب الأهلية ودعم الأجهزة اللبنانية الموجودة.. من جيش.. شرطة.. أمن.. كانت مهمتنا دعمها وليس الحلول محلها..فمن الخطأ أن نتحمل مسؤولية لا نحملها.
سؤال: ولا حتى معنوياً …
الرئيس الأسد: ولا معنوياً أبداً.. هناك مسؤولية حرفية.
ما المقصود بالمسؤولية المعنوية…ما هو تفسيرها قانونياً أو فعلياً…
سؤال: لأن الأمن السوري كان موجوداً في كل شيء في لبنان…
الرئيس الأسد: في سورية لا تعرف المخابرات كل شيء.. وقد حصلت اغتيالات وتفجيرات خلال السنوات الماضية.. لا يوجد جهاز أمن يعرف كل شيء في بلده.
فكيف في لبنان… كانت مهمة الأمن السوري حماية القوات السورية في لبنان التي كانت مهمتها كقوات مؤازرة الأجهزة المعنية وفعلياً الجيش اللبناني.
سؤال: هناك محكمة دولية أيضاً.. أنتم أبديتم استعداداً للتعاون ما بعد فترة ديتليف ميليس التي كانت لديكم ملاحظات عليها .. هل ترون اليوم أن المحكمة مازالت محكمة مسيسة وتخضع لاعتبارات سياسية…
الرئيس الأسد: لا توجد لدينا دلائل ..لا نستطيع أن نقول إنها مسيسة أم غير مسيسة.. ولكن نقول إنه لا توجد ضمانات في أي اتجاه.. لا توجد لدينا مؤشرات ..لابد من انتظار مؤشرات فعلية..حقيقية..لكي نحكم.. ولكن من المبكر أن نتحدث بذلك.
سؤال: إلى أين قد تصل حدود تعاونكم مع المحكمة…
الرئيس الأسد: حسب القانون السوري.. أي مواطن سوري يخضع لسلطة القضاء السوري. فأي تعاون بغض النظر عن حدوده يخضع لأي اتفاقية بين المحكمتين.. وأي اتفاقية يجب أن تأخذ بالاعتبار حقوق المواطن السوري بكل بساطة.. كيف… تقنياً هذا بحاجة لنقاش بين المختصين.. ولكن لم يطرح علينا هذا الموضوع حتى الآن.. أي نوع من التعاون لكي نقول ما هو من الناحية التقنية شكل التعاون.. ولكن هذه هي المبادئ العامة التي تحكم التعاون بين أي محكمة خارجية والقضاء السوري.. وهذا الشيء ينطبق على المحكمة الدولية.
سؤال: هل ستسهلون في هذا المجال…
الرئيس الأسد: لا توجد لدينا أي مشكلة. طبعا..، طالما أن حقوق المواطن السوري محفوظة بحسب الاتفاقية.. لا توجد لدينا مشكلة.
سؤال: نسبة كبيرة جداً من اللبنانيين تؤمن أن سورية قتلت الحريري.. حتى سعد الحريري أعلن أن سورية اغتالت رفيق الحريري.. وكل الناس يعتقدون أن المحكمة ذاهبة بهذا الاتجاه.. عندما قالوا..رؤساء الدول ومسؤولون.. من الواضح أنكم أنتم المعنيون.. ماذا تقولون لهؤلاء اللبنانيين… الرئيس الأسد: أولاً الاتهام يبنى إما على الدليل وإما على المؤشرات..فإذا لم يكن هناك دليل.. ننتظر التحقيق حتى يحضر دليلاً.. لكن المؤشرات.. ما هي المؤشرات… هل كان عدواً..هل كان خصماً..لماذا يقتل من قبل سورية…
سؤال: يقولون إنه القرار 1559…
الرئيس الأسد: أنا قلت لكم إن هذا القرار كان بين شيراك وبين بوش..أي أنه خيار دولي ولم يكن خياراً لبنانياً.. تماماً كهؤلاء الذين يقولون نحن كنا وراء قانون محاسبة سورية.
لم يكن أحد وراء هذا القانون ولو بذل مجهود.. لم يكن أحد وراءه.
فلا يأتي أحد ليقول إنه كان وراء القرار 1559.. هذا قرار دولي.. كان صراعاً دولياً.. فهذا الكلام غير صحيح.
يقولون إنه كان وراء 1559 وهذا يعتبر اتهاماً للحريري وذلك فيه إهانة له.
ليس لأحد علاقة بالقرار 1559 من الناحية الفعلية.. هو فكرة خارجية.
سؤال: أي أنه ليس لديكم سبب لقتل الحريري كما تقولون…
الرئيس الأسد: إذا كان أصعب شيء بالنسبة له هو التمديد.. فهل وقف هو ضد التمديد… بعد ذلك أصبح مع التمديد.. وكان يقول إن الرئيس شيراك غضب منه لأنه سار بالتمديد.. أي أنه مشى مع ما ترغب به سورية ضد إرادة القوى الأخرى.. فأين هو المنطق… يجب أن يكون هناك القليل من المنطق على الأقل.
سؤال: ماذا عما يحكى عن لقاء متوتر وأنه خرج من عندكم ..
الرئيس الأسد: لا.. كل ذلك غير صحيح.
أنا عندما ألتقي مع شخص بشكل رسمي أتعامل ضمن أسس رسمية.. لا أبني علاقاتي على الأساس الشخصي.. العلاقات الشخصية أدعها في المنزل.. فأنا أتعامل معه على أنه رئيس وزراء وأنا رئيس جمهورية..أتعامل بهذا المنطلق الرسمي.. لا توجد عواطف شخصية.. توتر أو عدم توتر.. هناك مواقف واضحة.. مواقفه من المقاومة كانت واضحة..هل وقف يوماً ضد المقاومة.. هل وقف ضد عروبة لبنان.. هل وقف ضد العلاقات السورية لا بد لهم أن يقدموا مؤشراً منطقياً.. هم يقولون سورية.. لماذا سورية.. لم يقدموا لنا أي مؤشر منطقي لهذا الموضوع ..لذلك نحن لم ندخل في جدال. سؤال: بالمقابل سورية لم تبرر نفسها كفاية باعتبار أن كل شيء كان من مسؤولية سورية.. وأنها كانت مسؤولة عن كل ما في لبنان ومن فيه…
الرئيس الأسد: هذا الكلام غير منطقي.. ولا يعني أن سورية تتحمل مسؤولية أمن كل شخص.. لماذا لم يتم تحميل سورية مسؤولية اغتيال إيلي حبيقة… هناك شخص من حزب الله وضعوا قنبلة بسيارته.. لماذا لم تتهمونا بقتله…
سؤال: من كان المستفيد من توظيف الاغتيال في وجهكم.. كيف انقلب الحلفاء فجأة وأصبحوا يستفيدون …
الرئيس الأسد: لا تنس أنه كان هناك جو يحضر.. الموضوع بدأ في 2003 كما قلت.. حتى الجو في لبنان بدأ بالتغير في نفس العام وليس بعد.. ليس بالقرار 1559.. كانت محضرة ومهيأة.. وكان هناك عمل مستمر.
سؤال:الاغتيال جاء كمحطة دفع لهذا الموضوع…
الرئيس الأسد: تماماً.. وتم تسويق الاغتيال خلال دقائق.. وخلال دقائق كانت سورية متهمة.
سؤال: هل لديكم تقدير في السياسة من قتل رفيق الحريري
الرئيس الأسد: لا.. هذا موضوع جنائي.
إذا لم يكن لديك دليل جنائي.. فالتقدير السياسي ليس له قيمة.. نحن لا نعرف خلفية العملية لكي نقدر سياسياً.
سؤال: تحدثتم عن هدفين لهما علاقة بوحدة لبنان وتحريره.. هل هناك مقاربة استراتيجية سورية للعلاقة مع لبنان اليوم وفي الغد… ما هي عناوين هذه الاستراتيجية… ثانياً هل موضوع سورية ووجودها العسكري في لبنان اليوم وغداً هو جزء من هذه الاستراتيجية…
الرئيس الأسد: لا.. بالعكس.. طالما بدأنا بالانسحاب قبل كل هذه الظروف فنحن مقتنعون بأن القوات السورية لا يجوز أن تبقى.. وأنا في أول مقابلة تلفزيونية لي بعد الرئاسة في عام 2001 قبل ذهابي إلى فرنسا مع التلفزيون الفرنسي.. سألني المذيع متى تنسحب القوات السورية من لبنان… فقلت له إن المكان الطبيعي لأي قوات عسكرية هو في أراضيها.
هذا الكلام كان في 2001 لم يكن هناك ضغط دولي.. وكنا في كل مؤتمر صحفي مع رئيس يقول إن الوجود السوري في لبنان ضروري.
فمع ذلك أنا كانت لدي قناعة بسحب القوات السورية من لبنان.
سؤال: الآن يمكن أن يبدؤوا بالقول ذات الشيء.. إنه ضروري…
الرئيس الأسد: لا.. وجود القوات العسكرية له ظرف مثل ظرف الحرب الأهلية.. أما الآن لا أرى في لبنان أي ظرف يستدعي وجود أي قوات عسكرية.. هناك جيش لبناني قادر.. هناك مؤسسات لبنانية قادرة ضمن حد معين أن تقوم بواجبها.. ولبنان تمكن في عام 2000 من تحرير نفسه.. فإذن لبنان نضج بهذا الاتجاه. الجيش اللبناني تمكن في مفاصل صعبة مر بها لبنان في السنوات الأخيرة.. من أن يكون على الأقل المؤسسة التي توحد اللبنانيين.
فإذن.. لبنان ليس بحاجة لقوات عسكرية.. فبالنسبة للبنان وبالنسبة لسورية لا داعي للتفكير بهذا الموضوع.
سؤال: والاستراتيجية…
الرئيس الأسد: أولاً طالما قلنا في الأخطاء بأننا دخلنا في التفاصيل اللبنانية أكثر من اللازم.. فمن البديهي ألا ندخل فيها.. ونترك للبنانيين الدخول في التفاصيل اليومية بأي موضوع. النقطة الثانية هي التعامل مع المؤسسات اللبنانية.. نحن الآن نتعامل مع كل المؤسسات اللبنانية.. وكما تلاحظون فإن العديد من الوزراء في الحكومة اللبنانية الذين ينتمون لتيارات مختلفة في لبنان أتوا إلى سورية.. وإن نظراءهم من السوريين الذين ذهبوا إلى لبنان التقوا بنظرائهم الذين ينتمون إلى قوى أخرى أيضاً متنوعة.. هذا الشيء مستمر.
نتعامل مع كل المؤسسات اللبنانية
نحن بالنسبة لنا في سورية اتخذنا قراراً بأن التعامل مع المؤسسات ليس له علاقة بالتفاصيل اللبنانية.. طالما أن هناك حكومة تسمى حكومة وحدة وطنية.. وهناك إجماع حول هذه الحكومة. فإذن.. التعامل أولاً مع المؤسسات اللبنانية هو مبدأ أساسي بالنسبة لنا.
سؤال: وجود السفارة بالمعنى المؤسساتي هل له دور…
الرئيس الأسد: طبعاً السفارة مؤسسة.. ومن الطبيعي أن تلعب دوراً.. ولكن علينا أن نضع كل نوع من أنواع العلاقة.. وكل مؤسسة في حجمها الطبيعي.. وفي إطارها. النقطة الثانية هي أن التعامل مع أي موضوع لبناني يمس سورية يكون من خلال الإجماع اللبناني.. أي موضوع لبناني سواء كنا نتفق معه أو نختلف معه.. لا يوجد حوله إجماع أو يوجد حوله انقسام.. لا تتعامل معه سورية.
ننتظر حوارا لبنانيا يؤدي إلى اجماع
ننتظر حواراً لبنانياً يؤدي إلى إجماع ويعلن ونتعامل معه. هذه هي المبادئ الأساسية الآن للعلاقة مع لبنان.
سؤال: بهذا المعنى لديكم تقدير خاص لدور الرئيس ميشال سليمان في مجال تعزيز الحوار والاندفاع به…
الرئيس الأسد: لا شك أن دور الرئيس أساسي.. ونحن بالنسبة لنا موقع رئاسة الجمهورية.. خاصة بعد الطائف وتراجع الصلاحيات.. لابد أن يأخذ بالمقابل دوراً معنوياً سياسياً أساسياً.. وهذا الدور خاصة في هذا الظرف.. هو دور توافقي.. فأي عملية توافق حول أي موضوع.. لرئاسة الجمهورية دور أساسي فيها. هذا كان الهدف من الدوحة.. أن يأتي رئيس توافقي يقوم بعملية مصالحة حول القضايا الخلافية.
سؤال: هل يلعب الرئيس ميشال سليمان بتقديركم..هذا الدور…
الرئيس الأسد: يلعب أو لا يلعب هذا تقدير لبناني. لا أستطيع أن أقدره من سورية.. ولكن نحن ندعمه في لعب هذا الدور. وقلت له منذ اليوم الأول.. نحن ندعم موقع رئاسة الجمهورية كما دعمناه سابقاً أيام الرئيس لحود وأيام الرئيس الياس الهراوي مع أن كل رئيس كانت لديه صفات مختلفة عن الآخر.. وربما توجهات مختلفة.. لكن نحن ندعم الموقع.. لأنه هو الأساس.. وإذا لم تتمكن رئاسة الجمهورية من لعب دور أساسي.. فهناك مشكلة في لبنان.
سؤال: إذن بهذا المعنى أنتم تدعمون طرح الرئيس بقيام كتلة وسطية في لبنان.
الرئيس الأسد:هذا موضوع يختلف.. هذا موضوع لبناني لبناني.. كتلة وسطية ومثل هذه التفاصيل نحن لا ندخل فيها.
سؤال: لا تتدخلون اليوم.. ولا حتى للتقريب في وجهات النظر بين حلفائكم …
الرئيس الأسد: إذا طلب منا الطرفان أن نقرب في وجهات النظر.. سنساهم. ولكن حتى الآن لم يطلب منا أي طرف أن نقرب وجهات نظره من الطرف الآخر.. وأعتقد بأن اللبنانيين أقدر على حل مثل هذه التفاصيل.. لذلك لن يطلب أحد من سورية.. بحسب توقعي.. أن تتدخل في هذا الموضوع .. وهذا أفضل لنا ولهم.
نحن نتحدث ولا نتدخل
سؤال: الشائعات في بيروت تقول إن بعض الاتفاقات مازالت تتم في سورية في الشأن الانتخابي.. وإن لسورية دوراً في الانتخابات في إنجاح فريق.. ولها مصلحة ربما استراتيجية في وصول المعارضة للأكثرية…
الرئيس الأسد: نحن نلتقي مع كل اللبنانيين ونتحدث معهم في كل شيء ونسمع آراءهم ونعطي آراءنا.. وهذا الشيء طبيعي بالحوار.. إلا إذا كان المطلوب من سورية أن يكون لها فقط آذان وفم مغلق . نحن نتحدث ولكن لا نتدخل. بكل الأحوال التفاصيل تغيرت في لبنان.. وهذه نقطة مهمة جداً.. اليوم الخريطة السياسية تختلف عن الوقت الذي كنا فيه.. ولو أردنا أن نتدخل في التفاصيل فلن يكون لدينا نفس القدرة على القيام بذلك كما لو كنا موجودين في لبنان.
سؤال: القدرة على التأثير…
الرئيس الأسد: لا.. ليس على التأثير.. بل على فهم التفاصيل بخريطتها الجديدة. هذه التفاصيل اللبنانية بحاجة إلى وجود يومي واحتكاك يومي وفي كل ساعة. الآن نحن نرى الخطوط العامة في لبنان.. ولكن لا نستطيع أن نرى نفس التفاصيل كما كانت بنفس الأسماء.. الأسماء تغيرت توجهاتها.. التحالفات تغيرت بتفاصيلها الدقيقة.. لا يمكن أن نفهمها ولسنا مضطرين إلى ذلك.. لم يعد لدينا نفس الاهتمام كما كان سابقاً.. وكما قلت إذا كان هذا جزءاً من الأخطاء.. فهل من الممكن أن نكرر نفس الأخطاء…
سؤال: هل من الممكن أن تستمر العلاقات على هذا النحو.. أي أن تتعاطوا مع لبنان فقط بالخطوط العريضة… خاصة أنه خاصرتكم…
الرئيس الأسد: لا.. نحن الآن.. كما قلت.. نتعامل مع لبنان الذي لم يندمل جرحه بشكل كامل.. هناك جهات لا تريد العلاقة مع سورية.. وهناك جهات تريد العلاقة مع سورية . فلا بد أن نترك مسافة بيننا وبين لبنان حتى يندمل هذا الجرح الذي هو جرح لبناني لبناني.. بين اللبنانيين.. ويتفقوا على شيء واضح.. عندها سنقترب أكثر من لبنان.. ولكن بالتوافق مع اللبنانيين. أما أن تبقى سورية بعيدة.. فلا يمكن.
سورية ولبنان بلدان متجاوران والتفاصيل يومية بينهما
فلبنان وسوريا بلدان متجاوران.. والتفاصيل يومية بينهما.. بالمحصلة لا بد أن يكون هناك تأثير متبادل بين البلدين والشيء نفسه بين سورية والعراق.
سؤال: هل يمكن تصور سورية بدون نفوذ في لبنان سياسياً…
الرئيس الأسد:لا.. لا يمكن أن تتصور بلدين بعلاقة طبيعية متجاورين بدون نفوذ متبادل.. هذا شيء بديهي ضمن العلاقات السياسية بين الدول. سورية والعراق.. سورية وتركيا.. سورية والأردن.. كل الدول تتأثر ببعضها. فعدم وجود نفوذ على الإطلاق يعني عدم وجود علاقة على الإطلاق . هذا الكلام غير منطقي.
سؤال: كيف تصفون النفوذ اللبناني في سورية… هل يوجد نفوذ لبناني في سورية…
الرئيس الأسد: عندما نقول إن الحرب الأهلية في لبنان قادرة على تفجير دول بعيدة.. ليس سورية فقط وإنما دول عربية بأكملها.. وهذه القناعة ليست في سورية فقط. أنا سألت أكثر من مسؤول في دول عربية بعيدة.. قلت له لو انفجر الوضع في لبنان في إحدى المرات.. كيف يكون الوضع عندكم… قال ينفجر الوضع لدينا . هذا بديهي. اليوم لماذا تخشى كل الدول العربية من انفجار الوضع في العراق… لأنه سيفجر المنطقة كلها معه.. ليس فقط الدول المجاورة.. فمن البديهي أن يكون هناك نفوذ متبادل . هذه النقطة الأولى. والنقطة الثانية.. هناك القربى والعلاقات الاجتماعية والعلاقات السياسية.. والوضع الأمني في لبنان الذي أثر ويؤثر. القضية واضحة.. فطبعاً نتأثر.. القضية ليس لها علاقة ببلد كبير وبلد صغير.. وليس لها علاقة بعدد سكان.. وليس لها علاقة بنوع النظام السياسي الموجود.. لها علاقة بالوضع الجيوبوليتيكي الطبيعي.
سؤال: هل تعتقدون أن المحطة التي أتت بعد حرب تموز 2006 إلى لحظة اتفاق الدوحة.. هل كان الخطر متصاعداً بحيث يكون لكم تدخل بشكل تصادمي…
سورية تستطيع أن تقترب أكثر من لبنان عندما يتوافق
الرئيس الأسد: لا.. بالعكس قبل اتفاق الدوحة كان الانقسام اللبناني اللبناني أكبر بكثير.. وكما قلت قبل قليل.. نحن اعتمدنا مبدأ بأنه عندما يكون الانقسام كبيراً نبتعد أكثر وليس العكس.. نحن نستطيع أن نقترب من لبنان أكثر عندما يتوافق لبنان على القضايا الخلافية.. فالعكس صحيح.. عندما يزداد الانقسام نحن نبتعد. سؤال: ولكن هل كان ذلك يشكل تهديداً عليكم … الرئيس الأسد: طبعاً.. إذا انقسم لبنان سيشكل تهديداً.. الوضع الأمني.. هذا الانقسام انعكس بخلل أمني في الشمال.. فدفعت سورية الثمن. بنفس الوقت كان المقر الأساسي للإرهابيين انتقل من العراق إلى شمال لبنان.. وبدأت سورية تعتبر ممراً لهؤلاء.. والهدف كان العراق بشكل أساسي.
سؤال: تحدثتم عن أخطاء ارتكبت في لبنان ومن بينها ربما المعتقلون في السجون السورية. متى سيقفل هذا الملف نهائياً بين لبنان وسورية.
الرئيس الأسد: ما هو تعريفك للمعتقل …
سؤال: الذي ربما سيق من لبنان إلى سورية بتهم…
الرئيس الأسد: لا لا يوجد لدينا أي شخص.. هؤلاء جميعاً خرجوا عام 2002. سؤال: أهالي المعتقلين يطالبون دائماً ويقولون بأن بعضهم رأى أو سمع أو أبلغ…
الرئيس الأسد: لماذا علينا أن نصدق من قال هذا الكلام… في الواقع لا يوجد . لماذا أخرجنا جزءاً منهم في الـ2002 وأبقينا الباقي… ماذا تفعل سورية بهؤلاء… نقايضكم… لا يوجد لديكم أسرى سوريون لكي نقوم بعملية مبادلة. سؤال منطقي. ماذا تفعل سورية بسجين لبناني موجود لديها… لدينا مساجين جنائيون.. شخص قام بعملية تهريب مخدرات.. وارتكب جريمة.. موجودون يخضعون للقانون السوري لديهم محام ومعلن عنهم.. ويمكن لأي قريب أن يزورهم ويتم التبادل حسب الاتفاقيات القضائية بين الدول.. ولكن أن يكون هناك شخص لا نعلن عنه ونعتقله لسبب ما ونخفيه لسبب ما.. ماذا نفعل به… هذا هو السؤال.
سؤال: أنتم تقولون لا يوجد لديكم معتقلون غير معلن عنهم الرئيس الأسد..تماماً.. بكل تأكيد. سؤال: كيف سيندمل هذا الجرح.. أهالي المعتقلين في لبنان في تظاهرة شبه دائمة مطالبين بمعرفة مصير أبنائهم.
الرئيس الأسد: هذه قضية لبنانية.. البعض يستخدمها للتحريض.. هذا موضوع آخر. ولكن بالنسبة لنا في سورية فنحن نتعامل مع الوقائع ..زارونا عدة مرات وهنالك لجنة سورية لبنانية تتحدث عن معتقلين سوريين أو مفقودين سوريين أكثر من اللبنانيين في سورية المدعي أو الذين يدعون أنهم موجودون في سورية. هذه القضية قانونية.. تحل بشكل قانوني.أما بالنسبة للجنة أهالي المفقودين فعليهم ألا يخضعوا لتجاذبات سياسية في لبنان. وهناك دولتان.. دولة سورية ودولة لبنانية.. وهناك لجنة مشتركة تشكلت عندما كان الرئيس ميقاتي رئيساً للحكومة وكانت تقوم بعملها. طبعاً توقف هذا العمل خلال فترة حكومة السنيورة الأولى قبل اتفاق الدوحة.. لا يوجد لدينا مصلحة في إبقاء أي شخص في السجن.
سؤال: هل يمكن أن يكون هؤلاء قد توفوا أو قتلوا في مرحلة من المراحل…
الرئيس الأسد: توفوا أو قتلوا أين… أولاً أتتنا لائحة بمئات الأسماء.. القسم الأكبر من هذه الأسماء.. أي المئات.. ليس لاسمه أي وجود على الحدود أنه دخل إلى سورية. ثانياً.. قتلوا أين… كانت هناك حرب أهلية.. ألم يكن هناك قتل على الهوية وإلخ… لا أحد يعرف أين هم.. أين قتلوا… أنت في حرب أهلية.. كيف تحمل سورية المشكلة.. والحرب الأهلية في لبنان… حتى لو كانت سورية موجودة. فأولا العمل المنطقي يبدأ بنفي وجود هؤلاء في لبنان.. وكل يوم تخرج مقابر تثبت أن جزءاً من هؤلاء موجود في لبنان.. واكتشفت جثثهم في لبنان.. ولكن كان يقال بأنهم معتقلون في سورية. الآن أعتقد بأن القضية هي حول بضع عشرات غير معروف عن مصيرهم شيء.. نحن نحاول أن نبحث.. هل دخل إلى سورية بطريقة ما ونحن لا نعرف… هل دخل باسم مزور مستعار… هل قتل في لبنان..
سؤال: يقال بأن بعضهم خطف خاصة في فترة ما سمي بحرب التحرير…
الرئيس الأسد: في الحرب تحصل أشياء كثيرة.. أي لا توجد لديك تفاصيل حول كل ما يحصل. في الحرب تحصل فوضى.. من يقتل من… من يخطف من… كيف تتم الأمور… لا أحد يعرف.. لا توجد سجلات.22 طياراً لطائرة المصالحة. سؤال: تحدثتم عن موضوع إقلاع طائرة المصالحة.. وأن هذه المرحلة حرجة.. هناك محطة ستمر فيها هذه الطائرة بعد الإقلاع هي الدوحة. إلى أين ستصل هذه الطائرة…
ما هو تصور سورية…
من حق الدول أن يكون لديها توجيهات مختلفة
الرئيس الأسد: تسألني عن طائرة فيها 22 طياراً.. لست أنا الطيار الوحيد لأقول لك تماماً أين ستصل.. ولكن دعني أقول لك النيات.. النيات أن ننتهي من الخلافات.. ليس بمعنى إلغاء الخلافات.. فكل يوم لديك موضوع جديد.. وكل يوم لديك خلاف.. هذا طبيعي.. وعلاقاتنا الجيدة مع بعض الدول العربية لا يعني أنه لا يوجد خلافات.. أو غيرها من الدول غير العربية .. لكن كيف تدير الخلاف… هذا المصطلح الذي طرحته.. وهذا المصطلح الذي ركزت عليه خلال القمة الرباعية في السعودية.. من حق الدول أن يكون لديها توجهات مختلفة.. طالما أن الظروف مختلفة فليس من المنطقي أن تكون لدينا رؤية أو رؤى متطابقة.. وليس من المنطق أن نكون متطابقين.. ولكن مشكلتنا كعرب كيف ندير الخلافات.. هل لك الحق في أن تختلف معي… لك الحق. إذا اتفقنا على هذا المبدأ يصبح الحوار سهلاً.. الحوار يستمر.. يطول.. ليس له علاقة بالقمم.. قد يصل إلى نتائج مبكرة.. وقد يصل إلى نتائج متأخرة.. وقد لا يصل إلى نتائج.. قد نبقى في مواقع مختلفة.. ولكن لماذا لا تستمر العلاقة بشكل جيد في القضايا الأخرى…
سؤال: هل إدارة الخلاف بمثابة إعلان اليأس من الوضع العربي…
الرئيس الأسد: بالعكس.. لوعدت إلى علاقات الدول مع بعضها.. أوروبا انقسمت حول حرب العراق وبقيت مختلفة حول الدور الأميركي والحرب نفسها ولكنها أعادت علاقاتها.. القضية أبداً ليست يأساً.. من غير المنطقي ألا يكون هناك خلاف.
بدأنا بتوصيف الخلاف
سؤال: كيف تصفون جوهر الخلاف العربي…
الرئيس الأسد: كنا نختلف مثلاً حول دولة.. الآن قل لنختلف حول قضية.. لنضع القضية.. ومن ثم لنر من هي القوى المؤثرة في هذه القضية.. ونختلف مع هذه القوى في هذه القضية.. فمثلاً.. أنا إذا أردت أن أختلف مع لبنان حول موضوع فربما اتفق معه حول موضوع آخر.. فلماذا أختلف معه كلياً..سيكون هناك تعاون في موضوع ويكون هناك اختلاف في موضوع.. هكذا بدأنا بتوصيف الخلاف.
سؤال:هل هناك خلاف أيضاً حول النهج .. مثلاً تجاه الموضوع الفلسطيني.. تجاه موضوع المقاومة في المنطقة…
الرئيس الأسد: هناك خلافات في المقاربة.. نحن نريد من الجميع ألاّ ندخل في التفاصيل الفلسطينية.. ألاّ ندخل في الأسماء.. هذا مبدأ نقوله للعرب ونقوله لغير العرب.. لماذا نقول نحن مع حماس أو مع فتح.. نحن مع الفلسطينيين.. نحن علينا أن نقوم بدور تسهيلي لعملية المصالحة..
عندما نصبح طرفا لانستطيع أن نقوم بدور في المصالحة الفلسطينية
لا أن نقول بأن هذا كان على حق وهذا كان على خطأ.. عندما تقول هذا على حق وهذا على خطأ فأنت أصبحت طرفاً وعندما تصبح طرفاً لا تستطيع أن تقوم بدور في المصالحة. هذا مثال عن كيف يكون هناك خلاف حول المقاربة نسميها منهجاً أو مقاربة.. لا يهم. نختلف مع دولة أخرى.. البعض يطرح إيران.. يختلف مع إيران في بعض القضايا.. لماذا لا يذهب إلى إيران ويقول لها نحن نختلف معك في الأمور التالية.. ويبرز أشياء تثبت وجهة نظره.
أعطي أمثلة.. موضوع لبنان.. يقول البعض ندعم حكومة فلان سابقاً.. أقول نحن ندعم الدولة اللبنانية لا ندعم حكومة… هل ندعم حكومة ولا ندعم مجلس النواب.. أو ندعم حكومة ومجلساً ولا ندعم رئاستيهما.. هذا خطأ.. كمنطق خطأ.. نقول ندعم الدولة اللبنانية.. ندعم الإجماع اللبناني.. أي نحاول أن نطرح مفاهيم توحدنا كعرب.. نختلف في التفاصيل لا يهم.. ولكن على الأقل نتفق في العناوين.
سؤال: الشيطان يكمن في التفاصيل أولاً.. ثانياً معظم قضايانا تفاصيل..مع الأسف القضايا الكبرى.. تناثرت فأصبحت تفاصيل كانت هناك قضية فلسطينية وكان هناك إجماع عليها.. القضية الفلسطينية أصبحت تنظيمات.. عبر الصراع مع إسرائيل انقسم العرب..وانقسم الفلسطينيون… لا يمكن أن تتعامل مع الموضوع بكليته.. وتهمل القوى المؤثرة فيه …
الرئيس الأسد: صحيح.. ولكن عندما نعود إلى التفاصيل القضية عائلية..والتفاصيل من مهام العائلة وليس من مهام الجيران.. نحن جيران ونحن أخوة ولكن إذا كانوا هم أخوة في المنزل الصغير ونحن أخوة في المنزل الكبير فالتفاصيل من مهامهم وليس من مهامنا.. نحن من مهامنا العناوين الكبرى ومن مهامهم التفاصيل. ولكن إذا كنا نحن سنتعامل مع هذه التفاصيل.. فما هو دور الفلسطينيين.. هذا هو السؤال.. فإذن.. نحن نترك التفاصيل للفلسطينيين.. ونحن نسهل عملهم.
سؤال:الفلسطينيون مختلفون في السياسة.. مثلما السوريون واللبنانيون مختلفون في السياسة.. والخليجيون والإيرانيون مختلفون في السياسة.. وبالتالي الخلاف سياسي وليس خلافاً شخصياً أو خلافاً حول التفاصيل.. منهج أبو مازن في اتجاه ومنهج حماس أو الجهاد الإسلامي في اتجاه آخر.. إذن هناك اتجاهات سياسة متعارضة…
مسؤوليتنا كعرب وضع منهجية للحوار الفلسطيني تساعدهم على التوافق
الرئيس الأسد: أنا اتفق معك.. ولكن هذا لا يعني أن أحل محلهم.. وهذه هي الفكرة.. إذن لماذا نطرح الحوار الفلسطيني.. لماذا لا نتحاور كعرب ونقول للفلسطينيين انتظروا الحوار العربي العربي.. ما هو الدور الفلسطيني… الدور الفلسطيني هو الحديث عن التفاصيل.. الدور العربي هو أن نضع منهجية للحوار الفلسطيني تساعد الفلسطينيين.. يوافق عليها الطرفان الفلسطينيان أو الأطراف.. ومن ثم يسير قطار المصالحة.. ولكن لا نستطيع أن نحل محلهم.
سؤال: انطلاقاًَ من المبادئ الأساسية لمنظمة التحرير.. الوحدة الوطنية الفلسطينية.. الاتفاق على الانتخابات…
الرئيس الأسد: هذا صحيح.. ولكن هل أحدد بدلاً منهم العناوين هم حددوا.. هم اختلفوا على العناوين وعليهم أن يحددوا كيف يسيرون.. إننا نساعدهم هذا الأمر طبعاً بحاجة إلى عناوين تحت عناوين نتحدث بها.. ولكن أقصد أن التفاصيل من واجب الفلسطينيين والا نحل محلهم وننقسم أكثر.. دخولنا في التفاصيل يجعلنا أكثر انقساماً من اليوم.
سؤال:هل من الممكن أن يصل الحوار الفلسطيني في القاهرة إلى إعادة صياغة الوضع السياسي الفلسطيني…
الرئيس الأسد: نحن ننتظر.. لا توجد لدينا معطيات.
سؤال: انسحاب العرب من التركيز على التفاصيل الداخلية.. سواء كانت في الملفات اللبنانية أم الملف الفلسطيني ألا يسمح لآخرين من قوى إقليمية أو دولية بالعمل على هذه التفاصيل…
الرئيس الأسد: النتيجة واحدة.. إذا كان هناك عمل لأي جهة تحل محل أصحاب العمل الأساسي فالنتيجة واحدة.. المطلوب منا هو أن نملأ الفراغ ليس في الحلول محلهم وإنما في مساعدتهم.. إذا قرر اللبناني أو الفلسطيني أو العراقي بأن التفاصيل تسلم لجهة أخرى فالنتيجة واحدة.. سواء سلمها للعرب أو لغير العرب.. المحصلة هي تخريب الوضع وتأزيمه.. أما إذا كان هناك قرار تحت عنوان الوطنية والقرار الوطني والاستقلال على مستوى هذه الدول الثلاث فلا بد أن يبدأ الموضوع من عندهم بمساعدتنا ولكن مع كل أسف البعض دائماً يربط هذه التفاصيل بالخارج وهذا خطأ.
الآن بدأت تتحسن العلاقات العربية
سؤال: وصفت العلاقات العربية العربية في المقدمة بالسيئة..
الرئيس الأسد: قلت قبل الحرب على غزة.. الآن بدأت تتحسن.
سؤال: هل لب الصراع هو الموقف من المقاومة في المطلق.. من مقاومة إسرائيل أو الموقف من إسرائيل …
الرئيس الأسد: لا.. الغريب أن القضية هي مأسسة الخلاف ومقاربة الخلاف.. لأنه لو وصلنا إلى الجوهر الكل معاد لإسرائيل.. الكل يعتبر إسرائيل عدواً.
سؤال: لكنهم اتخذوا مواقف معادية للمقاومة خلال 2006.. وفي غزة ..
الرئيس الأسد: هذه هي المقاربة.. مقاربة الموضوع.
سؤال: هل يكرهون إسرائيل والمقاومة معاً …
الرئيس الأسد: قد تستطيع أن تنظر إلى المقاومة كمقاومة وتستطيع أن تنظر إليها بأوجه أخرى.. لذلك حسب النظرة التي تنظر من خلالها إلى المقاومة.
المقاومة وشعبها هي الأقدر على تحديد آلية العمل وكيفيته
كمبدأ لا أعتقد بأن أحداً ضد المقاومة.. ربما يحصل أيضاً خلاف في التفاصيل.. انه يجب أن تقوم المقاومة بهذا العمل أو يجب ألا تقوم به.. هنا نعود إلى نفس النقطة.. نحن لا نحل محل المقاومة.. المقاومة وشعبها هما الأقدر على أن يحددا آلية العمل وكيفيته وهذه نقطة. المشكلة بالمنطق العربي.. نحن ندخل في التفاصيل ونضع أنفسنا محل أصحاب العلاقة. عندما ندخل في التفاصيل هناك خلاف.. أنا أعتقد بأن المقاربة يجب أن تكون بهذا الشكل وبلد آخر يعتقد بشكل آخر.. نختلف ونختلف مع المقاومة وحول المقاومة.. أما عندما نبقي المبدأ فقط ونقول القضية هي قضية أصحابها.. ونحن علينا فقط أن نقف معهم.. لا يوجد خلاف. وأعود لأقول دائماً إن المشكلة هي الدخول في التفاصيل.. والحلول محل الآخرين .
سؤال: هل يمكن أن نصف المشهد وأنتم داخلون إلى القمة.. هل مصر ستذهب…
الرئيس الأسد: لا أعرف.. لا توجد معلومات.
سؤال:هل تم حل الإشكال بين مصر وقطر…
الرئيس الأسد: خلال وجودنا في قمة الرياض لم نتمكن من حله وخاصة أن قطر لم تكن موجودة.
سؤال: كان هناك فيتو مصري على وجودها…
الرئيس الأسد: هذا الموضوع طرح مع السعودية ولم يطرح مع سورية.. أنا.. كسورية تحدثت في ضرورة تحسين العلاقة بين مصر وقطر .
سؤال:إذن كنت وسيطاً…
الرئيس الأسد:عندما تستطيع لا بد من أن تلعب دور الوسيط وهذا جيد.. ولكن أنا لست وسيطاًً.
نحاول دفع هذا الموضوع.. الحقيقة.. السعودية لعبت دوراً في هذا الموضوع.. والكويت كانت موجودة ..والكل يريد أن يلعب دوراً في هذا الاتجاه وهذا شيء جيد..ولكن الموضوع بحاجة لوقت.. أن نتحدث عن هذا الموضوع قبل قمة الدوحة فيه شيء من عدم الواقعية.
سؤال: ألهذه الدرجة الخلاف كبير…
الرئيس الأسد: ليس لأنه كبير.. ولكن نحن كعرب بحاجة إلى وقت.. طالما أن الموضوع غير ممؤسس فنحن بحاجة لوقت.
سؤال: أي الجانب الشخصي هو الأساس..
الرئيس الأسد:لا.. ليس جانباً شخصياً.. أحياناً سوء تفاهم حول عدد من القضايا.. ولكن لا أريد أن أتحدث نيابة عن المصريين وعن القطريين عن موضوع الخلاف.. الأفضل أن يتحدثوا هم .. ولكن أنا أتحدث بصورة عامة.
سؤال: هل كانت مبادرة الملك عبد الله في الكويت مفاجأة بالنسبة إليكم…
الرئيس الأسد: لم تكن لدينا أي معطيات بأن هناك مبادرة ستطرح.. ولكن بنفس الوقت كانت هناك جهود تبذل قبل القمة بأشهر خاصة من قبل الكويت.. وكانت هناك محاولات للقيام بشيء خلال القمة… لقاء ما.. كان هناك حوار بين سورية والكويت.. أو في الحقيقة الكويت طرحت مع سورية هذا الموضوع قبل أشهر من القمة.. فقلنا نحن سنكون متجاوبين مع أي مبادرة بهذا الاتجاه.. هذا كان جواب سورية الدائم.. ولكن الكلمة بحد ذاتها كانت مفاجأة لأنها لم تكن موجودة على جدول الكلمات.. فتم الإعلان بشكل مفاجئ أن الملك يريد أن يلقي كلمة.. وتم إلقاء الكلمة واعتبرناها مبادرة.. وتجاوبت سورية معها.. كنت أجلس بقرب الأمير فقال لي لنتحرك.. فقلت له نحن مستعدون وبعد انتهاء الكلمة تحرك أمير الكويت مع الملك عبدالله وتحدث معه ومع الرئيس المصري.. ومباشرة انتقلنا من القاعة إلى الغداء وتحدثنا وبدأت عملية المصالحة.
سؤال: هل تنتظرون مبادرة شخصية مماثلة من الرئيس مبارك…
الرئيس الأسد: الحقيقة.. نحن بادرنا بطريقة مختلفة.. نحن بادرنا مع كل العرب ..كانت المبادرة من خلال موقف سوري.. نحن مع أي مصالحة.. أنا شخصياً قمت بالمشاركة في قمة الرياض في ظرف لم تكن فيه العلاقات جيدة في عام 2007 .. فأنا بادرت وكان هناك لقاء بيني وبين الملك.. فسورية بادرت.. والسعودية بادرت في قمة الكويت.. والكويت بادرت عدة مبادرات سابقاً.. وهناك دول عربية أخرى بادرت.. عمان بادرت بشكل مباشر.. وعمان لا تحب أن تلعب دوراً إعلامياً.. ولكن الآن عندما نتحدث لا بد من أن نذكر الدول التي بادرت.
سؤال:هل هناك احتمال أن تطير إلى القاهرة وتأخذ معك الرئيس مبارك إلى الدوحة…
الرئيس الأسد: القضية ليست على طريقة العواطف العربية.. أنا أريد أن أنتقل بهذه الحالة من الحالة العاطفية إلى الحالة العقلانية في التعاطي الآن قد بدأنا.. وجودنا في الرياض كان مبنياً على هذا الأساس.. كانت قد حصلت عدة لقاءات بيننا وبين السعوديين.. وكان هناك اتفاق على قضايا معينة.. لم نتفق حول كل شيء.. وهذا طبيعي.. ولكن اتفقنا على أننا اخوة.. وعلى أن الخلاف لا يحولنا إلى خصوم وأعداء.. هذا شيء أساسي.
سؤال: ومع مصر…
الرئيس الأسد: مع مصر نفس الطريقة ولكن متى وكيف… أنا لا أربط المصالحة بقمة.. أي لا يهم إن كنا ذهبنا إلى مصر قبل القمة ومن ثم ذهبنا في نفس الطائرة.. هذا شكل إعلامي جميل.. ولكن نحن الآن نتعامل مع واقع.. يجب أن نوجد طريقة لمقاربة الخلافات.
سؤال: كنت رئيساً للقمة لمدة سنة.. تجربتك لرئاسة القمة هل أضافت إليك وأعطتك أبعاداً أخرى…
الرئيس الأسد:الحقيقة لا.. لسبب بسيط وهذا ليس مفاجئاً..لأن مؤسسة الجامعة العربية لم تمؤسس بكل بساطة.. وهنا نعود لنفس المشكلة.
سؤال: لماذا لم تحاول مأسستها وأنت كنت رئيساً للقمة لمدة سنة ..
الرئيس الأسد: لأنه لا يوجد لدي صلاحيات.. كيف يكون لديك صلاحيات بدون مؤسسة.. لا بد من وجود مؤسسة لوجود صلاحيات.. فحقيقة كنت أتحرك بصفتي رئيساً لسورية بالدرجة الأولى.. بصفة سورية لاعباً أساسياً في القضايا المختلفة.
سؤال:نحن ندور في دائرة مفرغة.. الرئيس يضع المؤسسات أم المؤسسات تعطي صلاحيات للرئيس…
الرئيس الأسد: في هذا الموضوع مؤسسة القمة هي مؤسسة كل الرؤساء وليست مؤسسة الرئيس..البداية تبدأ من كل الرؤساء الذين هم رؤساء الدول.. هم يحددون الصلاحيات المطلوبة للرئيس والأمين العام.. أي عملية إصلاح تنطلق من القمة ومن ثم تنتقل للمستويات الأخرى.. ولذلك أنا كرئيس للقمة لا أستطيع القيام بالإصلاح ..الإصلاح جماعي وليس فردياً.. الرئاسة هنا تكون بناء على الصلاحيات التي تعطى من القمة للمؤسسات.. أنا أو الأمين العام للجامعة العربية.. فالبداية تكون من القمة.. هذا شيء أكيد.
سؤال:هل يمكن القول إن ملف الخلافات السياسية والالتباسات الشخصية مع السعوديين قد طويت…
الرئيس الأسد:هي عملية مستمرة.. ولكن قطعت خطوات جيدة.. كما قلت طالما أن هناك مقاربة صحيحة للخلافات لا توجد مشكلة..علينا ألا نقلق كعرب من وجود خلاف.. علينا أن نقلق من عدم وجود آلية للتعامل مع هذا الخلاف أو من التعامل الخاطئ مع هذا الخلاف وتحويله إلى عداء.. فأنا مطمئن بأننا الآن اتفقنا في الرياض على أن الخلافات لن تحولنا إلى خصوم وأعداء.. هذا أهم شيء.
سؤال:ما هي توقعاتك حول طريقة انطلاقة أوباما الجديدة وتعاطيه مع قضايا المنطقة… وهل لديك وساطة بينه وبين إيران…
الرئيس الأسد:أنا لا أحب كلمة وسيط .. نحن نحاول أن نلعب دوراً للتخفيف من المشاكل الكثيرة في المنطقة.. نحن مستفيدون مباشرة.. نحن لا نلعب دور وسيط.. لسنا بحاجة لأدوار.
سؤال:هل تعتبر نفسك مؤهلاً للعب هذا الدور مع الجانب الأميركي الذي يوجد هناك ما يشبه الخصومة على الأقل من طرفه…
الرئيس الأسد: لا أستطيع أن أقول إنني في الوسط بين الولايات المتحدة وإيران.. نحن علاقاتنا مع إيران علاقات استراتيجية.. إيران تقف معنا بينما علاقاتنا مع أميركا ليست استراتيجية وأميركا لا تقف مع سورية إنما تقف مع إسرائيل.. فلا نستطيع أن نتصور كلمة وسيط وكلمة وسيط تقف في الوسط.. وأنا لا أقف في الوسط.. ولكن أن تساهم.. أن تلعب دوراً ما في المنطقة.. هذا هو الهدف وليس دور الوسيط. وفيما يتعلق بالرئيس أوباما.. فقد سهل علينا الأمر كثيراً لأنه أعلن موقفه من العراق ومن أفغانستان.. أي فكر بالانسحاب من الأولى ومن الثانية.. فهذا سهل علينا الكثير من الأمور التي توقعناها.. نحن توقعنا أن تكون أولوية أوباما في هاتين المنطقتين قبل عملية السلام.. لأنه يوجد هناك رأي عام أميركي يرى بأن هناك مشكلة بالنسبة لهذين البلدين.. أو لهاتين المنطقتين.. التعاطي الأميركي معهما فيه خسائر وفيه فشل.. وهذا أصبح واضحاً.. فهذا يسهل على إدارة أوباما أن تتخذ قرارات جذرية في هذا الموضوع تتفق مع ما نقوله وهو الانسحاب. لكن لا نرى نفس الشيء بالنسبة لموضوع السلام من خلال الوضع الإسرائيلي واللوبي الصهيوني الداعم لإسرائيل.. والرأي العام في الكونغرس وما شابه.. فلا نتوقع الكثير على الأقل في المدى المنظور في هذا الإطار.. خاصة أنه أعلن مواقف واضحة تجاه العراق وتجاه أفغانستان..ولكن حتى الآن لم نسمع موقفاً أميركياً تجاه عملية السلام.. هذا يؤكد هذه الرؤية.
سؤال: خصوصاً أن من سيتولى الحكم في إسرائيل أكثر حكومة يمينية وعنصرية في تاريخها..
الرئيس الأسد: بغض النظر عن إسرائيل.. أنا لا أربط بهذا الموضوع.. هذا موضوع تكتيكي.. ولكن أنا أتحدث بالتراكمات الموجودة بالنسبة لإسرائيل في الولايات المتحدة.. وهي تراكمات مزمنة وليست طارئة.. أما قضية نتنياهو وغيرها فهي موضوع تكتيكي. مع ذلك من المبكر أن نحكم على هذه الإدارة في موضوع السلام.. لا بد من بعض الوقت لأنها الآن بحالة وضع تصورات حول آفاق التحرك الأميركي في عملية السلام. ونحن نفترض أن الوفود التي زارت سورية.. خاصة الوفد الذي أتى من وزارة الخارجية.. هي في إطار الاستماع لدول المنطقة حول تصوراتها للمساهمة في وضع تصور للسياسة الأميركية.. إذن علينا الانتظار قبل أن نحكم.
سؤال: هل كانت زيارتهم إيجابية برأيكم…
الرئيس الأسد: نعم.. الحقيقة على الأقل من خلال المقاربة.. لا توجد إملاءات.. وهذا مهم.. يوجد استعداد للاستماع بشكل كامل لكل ما لدينا وبنفس الوقت لا توجد إملاءات. وهذا ما نريده.. لذلك نستطيع أن نقول بأنها إيجابية.
سؤال: هل يمكن أن تكون هذه بداية نهاية ما بدأ عام 2003 عند دخول الأميركيين إلى العراق…
الرئيس الأسد: من خلال ما أعلنه.. نعم هذه بداية النهاية… طالما أعلن الانسحاب أو الرغبة بالانسحاب.. فهو بداية النهاية.. النهاية تكون بالانسحاب.
العملية السياسية في العراق هي الأساس
سؤال: ألا تتخوفون