” المدونون يفرضون.. “

 

منصات إلكترونية، وصنَّاع محتوى تزدحم منهم الأسماء، وتتكاثر فوق شبكة لم تعد واهية كما يسمونها بشبكة العنكبوت، بل إنها تحولت إلى شجرة ذات جذور عميقة، وهي تضربها في الاتجاهات الأربعة بعد أن انغرست في تربة المجتمعات، فأصبحت لها ثقافتها الخاصة بها التي تنشرها، ومصطلحاتها الأكثر خصوصية وهي تُنوعها وتضيف إليها بين حين وآخر، وقنواتها التي تتفرع وتنمو، وأصواتها التي تعلو ولا تخفت، وتطبيقاتها التي تتجدد على الدوام، وعوالمها الافتراضية التي تتكاثر دون توقف، وبالتالي روّادها ممَنْ يستخدمونها في تفاصيل حياتهم، بل في كل لحظة، حتى كادت أغصان تلك الشجرة التي اشتد عودها تظلل عالمنا بالكامل، وكلما رمت لنا بمزيد من ثمارها كلما ازداد الإقبال عليها، والارتباط بها.

لكن شجرة المعلومات هذه لم تعد تكتفي بما تمد به من علوم، ومعارف، وما تؤمنه من قنوات للتعارف، وتمازج للثقافات على اختلافها، وما غيّرته من سلوكيات في المجتمعات، بل أصبحت لها معادلاتها الاقتصادية، وقنواتها الربحية الهائلة التي قد تأتي بالمال لأتفه الأسباب، فموقع عرض أفلام الفيديو مثلاً يمكن أن يغدق الأموال على مَنْ يعرض بضاعته على منصته كلما كثر عدد زبائنه الذين يدخلون إلى مساحة ما يُعرض، وعندئذ لا أحد يناقش محتوى البضاعة، أو مضمونها المخفي والمعلن، وإنما المهم أن يذيع صيتها على منصتها، وهي تحصد الأرقام تلو الأرقام لأعداد المتابعين، وما يتناسب معها من أوراق النقد.

أما حسابات الربح دون الخسارة لدى تلك المواقع، والمنصات، ومَنْ يؤسسها من الشركات فذلك له سياساته الذكية التي تصيب على الدوام، ولا تخيب.. وها هي هذه الشركات أصبحت لا تكتفي بآحاد المليارات من الأرباح بل بالعشرات، وربما بالمئات منها بعد أن انهمرت عليها أعداد لا حصر لها من المستخدمين لمنصاتها ممن يحلمون بالوصول إلى الشهرة، والمال من أقرب السبل، وأسهلها، وباستغناء عن شهادات ممهورة باختصاصات الجامعات.

وشيئاً فشيئاً أخذ هذا الأمر يتحول إلى ظاهرة تنتشر بين الأجيال، ظاهرة صنَّاع المحتوى على مواقع التواصل ومنصاتها، وكلٌ يسابق الآخر في الحصول على المجد السريع، ولو كان سريع الذوبان، إلا أنه يظل مدخلاً إلى عالم الأحلام، ومجالاً مفتوحاً ليعبّر فيه المرء عن نفسه بكل ما يخطر على البال مما يستحق، وما لا يستحق أن يظهر إلى العلن، وما كانت له الفرصة ليتشكل قبل فجر (الإنترنيت).

إلا أن ما يستحق الوقوف عليه ليس نشاط المدونين، ولا مهارة صنَّاع المحتوى، ولا ما تستقطبه الشركات لتستغله في الدعاية، والإعلانات وتفرد له المساحات على الشبكة، بل إنه المضمون، والمضمر منه قبل المعلن، وكل ما من شأنه أن يغيّر في المعايير، وفي سلوك المجتمع وعاداته، فإذا بمنظومة جديدة من القيم تطفو على سطح العلاقات يتحكم بها، أو يصنعها المدونون، ومشرفو المنتديات وهم يفرضون أذواقهم على الناس كظاهرة ثقافية جديدة وتفاعلية لم تعد غير مألوفة، وباتت تتمدد وهي تحمل أفكار أبطال المنصات وهم يشاركون المحتوى الشخصي الذي يعبّر عن أفكارهم، وأذواقهم مهما تدنت قيمتها، كما اتجاهاتهم الفكرية، والثقافية، وهي في الوقت ذاته عنصر الجذب الذي يبني لهم قاعدة المتابعين من ذوي الاهتمامات المشتركة.

ليس مهماً أن يعبر المدونون عن أمزجتهم مهما تباينت في مستوياتها صعوداً أو هبوطاً لكن الأهم أن أذواقاً خاصة باتت مؤثرة في الجمهور الذي يتابع، وكما لو أن هؤلاء أصبحوا يفرضون معايير جديدة يتقبلها الملايين ربما من الناس، ويتأثرون بها، ويتكيّفون معها نظراً للعلاقة القوية التي يبنيها المدون مع متابعيه خاصة عندما يفرد مساحة كبيرة للقصص العاطفية، والأخرى الشخصية ذات الخصوصية، كأن يتحدث أحدهم عن مسكنه مثلاً، أو عن علاقته بأصدقائه، أو مع مَنْ هم في الدائرة القريبة منه، أو عن تجارب خاصة مرَّ بها، ليصبح كل ذلك عنصر جذب للآخرين تصعب مقاومته.

المدونون يعرضون بضاعتهم، والمتلقون يتأثرون.. فهل بعد كل هذا سنشك بأنهم لا يفرضون؟؟

* * *

(إضاءات) ـ لينــــــا كيـــــــلاني 

 

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة