فؤاد الوادي:
يغمرنا الجلاء بحضوره الآسر وإرثه الزاخر بالنضال والتضحيات والقصص المفعمة بالبطولات والانتصارات ودروس التاريخ العظيمة التي ما تزال تضفي حتى اللحظة على الإنسان والمكان والوجدان المزيد من الشموخ والإباء والعنفوان.
تَعود ذكرى الجلاء لتفرض حضورها التاريخي والمعنوي الطاغي على المشهد السوري، حيث العدو بأوجهه وأشكاله الاستعمارية المتعددة لا يزال يجهد ويستشرس ليضع يديه على هذه الأرض الطاهرة بشعبها العريق وجيشها المغوار وتاريخها الوضّاء.
يعود الجلاء ليلقي باستحقاقات التاريخ واللحظة التاريخية إلى واجهة المشهد، وقد وصلت المعركة ضد الإرهاب إلى خواتيمها، فيما يبدو أن النزال وهو نزال مصير ووجود، بات في أمس الحاجة إلى جرعات من الصفاء والنقاء والبقاء والحضور القوي الأخاذ الذي لم يغب يوماً عن مشاعر السوريين وصيرورة حياتهم، والذي لطالما كان الصانع الحقيقي لانتصاراتهم وأمجادهم التي يواصلون صنعها على ساحات وجبهات الوطن كافة.
في التوقيت الذي يستمد أهميته من حساسية ومفصلية اللحظة التاريخية واستثنائيتها، حيث الوطن يقبع وسط غابة من الوحوش والأعداء والمتصيدين والمتآمرين، فإننا كسوريين قد نكون في أمس الحاجة لاستحضار الجلاء برمزيته وأهميته الكبرى كحدث تاريخي يختزن كل معاني التضحية والعطاء والوفاء، ويختزل بين جناحيه كفاح ونضال وطن ضد المستعمرين، والأكثر من ذلك أنه يجسد حاجة الروح للجوء في زمن الخضوع والخنوع والردة والهوان، إلى أزمان النُبل والكرامة والعطاء والتي لا يمكن أن تجدها إلا في حدث كبير كحدث الجلاء.
يحتضننا الجلاء، ووطننا لا يزال في خضم المواجهة الكبرى مع دول الإرهاب وأدواته، يكافح ويناضل من أجل حريته وسيادته وتاريخه، وهذا ما يجعل من الجلاء ليس فسحة للأمل والتأمل ومراجعة الضمير، بقدر ما هو حاجة وضرورة لكل عربي لا يزال يؤمن بوطنه وعروبته وأمته.
يحتضننا الجلاء وتلفنا شمسه لتغمرنا مجدداً بدفئها وذاكرتها وذكرياتها المفعمة بمشاهد العزة والفخار، لتلتقي مع صور البطولة والانتصار التي رسمها شهداؤنا الأبرار بدمائهم الزكية في حربهم على الإرهاب، في مشهد يلتقي فيه أبطال الأمس مع أبطال اليوم، حيث المعركة مع قوى الشر والطغيان والاستعمار ما تزال تدور رحاها لإخضاع وتدمير وتقسيم ونهب وطننا الغالي وضرب وحدته وهويته وتاريخه ومستقبل أبنائه.
السابق
مدير الإدارة السياسية في حوار مع الثورة: إرادة السوريين العامل الأهم في تحقيق الجلاء وطرد المستعمر
التالي