افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
في رحاب الجلاء، وذكراه العظيمة، نستذكر بطولات الآباء والأجداد وتضحياتهم، ونعيش اللحظة ذاتها اليوم، ونحن نرى بواسل جيشنا الباسل، وشعبنا الأبي المقاوم، وهم يسطرون الملاحم ضد الغزاة والإرهابيين، ويقدمون قوافل الشهداء ليحيا أبناؤهم حياة حرة كريمة.
في رحاب الجلاء، وذكراه العظيمة، نستذكر أيضاً المستعمرين المعتدين ومخططاتهم، التي يستنسخونها مع كل عقد من الزمن، وما أشبه اليوم بالأمس، ففرنسا التي احتلت بالأمس بلدنا باسم “الانتداب” تتحالف مع أميركا وأدواتها في المنطقة والعالم لاحتلال أرضنا اليوم، وحصار شعبنا، وغزو بلادنا، بالشعارات الرنانة ذاتها.
ما أشبه أجنداتهم بالأمس بمخططاتهم اليوم، بل تكاد العناوين ذاتها، ولكن بأسماء ومسميات ومصطلحات جديدة، وتحت عباءات مزيفة، فقد كانوا يحتلون أوطاننا باسم “الانتداب” ومساعدة الشعوب على النهوض والازدهار، واليوم يحتلونها تحت ستارات الحرب المزعومة على الإرهاب، ونشر الديمقراطيات والحريات، وبمعنى آخر فإن مخططاتهم الآن مجرد نسخة “فوتوكوبي” عن كذبة “الانتداب” ومناصرة المضطهدين.
ما أشبه أساليبهم العدوانية بالأمس بخطواتهم الإرهابية اليوم، ففي ظل “الانتداب” ارتكبوا المجازر المروعة بحق أهلنا، وقصفت طائراتهم ودباباتهم مدننا وقرانا، وقتلوا الأبرياء، ودكت دباباتهم حتى مبنى البرلمان، ورصاصهم الغادر طال النواب وحاميته من الشرطة، وفي كذبة “محاربة الإرهاب” في أيامنا دمروا المدن والقرى، والرقة خير شاهد، حيث حولتها طائرات “تحالفهم الدولي” المزعوم لمكافحة الإرهاب إلى ركام بذريعة قصف “داعش والقاعدة”، وقتلوا الأطفال والشيوخ والنساء بحجة مطاردة الإرهابيين، وحاصروا شعبنا، ونهبوا ثرواتنا، وسرقوا نفطنا وقمحنا، ومنعوا حبّة الدواء ولقمة الخبز عن أهلنا، بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان.
ولكن كما نال السوريون استقلالهم بعد تضحيات كبيرة قدموها، وعقب سلسلة من الثورات التي فجروها ضد المستعمرين، فإنهم اليوم قادرون على طرد المحتلين ومرتزقتهم، فالأحفاد على خطا آبائهم وأجدادهم سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي وحسن الخراط وأحمد مريود ومحمد الأشمر، وقائمة أبطال لا تنتهي، فأولئك قهروا المستعمرين، وأجبروهم على الرحيل آنذاك، وحققوا حريتهم وأمنهم، وأنجزوا استقلالهم، وهؤلاء البواسل اليوم يجددون العهد على النصر، ويقدمون أرواحهم ليحيا أبناؤهم وأحفادهم حياةً حرةً كريمةً عزيزةً، لا تعيش سورية من دونها.