هل كانت ترتب مزاجها بهدوء.. أم تركّب مكوّنات طبختها القادمة..؟، قرأتْ الكثير من الوصفات، أخيراً اختارت طهي (مِكس) خضار بإضافة كريمة طبخ.
من عاداتها الحديثة إقحام نوع جديد من الخضروات، لم تعتد عليه سابقاً، أرادت تجريب مذاقات مُغايرة لِما طُبع بذاكرة الحُليمات الذوقية سلفاً، تجرأت وصنعت مزيجها الخاص، أحبّت الفكرة والخلاصة التي انتهت إليها ظاهرياً.. فالشكل جميل ومغرٍ..فماذا عن محاولة تجريب الطعم..؟ لم تستسغ المذاق النهائي لطبقها المختار.. وتساءلت عمّ أفسده.
يبدو أن المكوّن الذي أضافته بحماسةٍ زائدة لم يناسب قوام الكريمة، لسيولةٍ زائدة فيه.
لا تعلم لمَ ذكّرها (مِكس) الخضار الذي صنعته، بمزيج من نوع آخر.. بخليط المشاعر الذي حاولت تركيبه.. وبقي التحدي الأكثر جاذبيةً والأصعب بالنسبة لها.. وكأنها كانت تطبّق مقولة يونغ: “لقاء شخصيتين يشبه تماس مادتين كيميائيتين، إذا حصل تفاعل فإن كليهما يتغير”.
أحياناً (مِكس) بعض العلاقات يفرز (مِكس) مشاعر.. للوهلة الأولى نظنّ أن الشكل الخارجي والبريق الظاهري مقدّمات تمنح انطباعاً أولياً بقبولٍ مبدئي.. ثم وبعد أن تختلط مكوّنات كلا الطرفين، إما أن ينتج مزيجٌ متجانسٌ ذو طعم شهي، وإما أن يكون المزيج غير متناسق بمذاقات متنافرة.
رغم وضوح المؤشرات، أكملتْ واستمرتْ في تقليب (مشاعرها) لتناسب قواماً لم تختبره من قبل، كررت ما فعلته بخليط المشاعر.. وأعادت تجريبه في (مِكس) الخضار، كأنها تحاول رتق شعور واخز للتخلص من حيرة لازمتها بسبب اندفاعات “التجريب” التي أخذت ترافق يومياتها وتصبح إحدى عاداتها.
تجريب المختلف والمغاير لِما فيه من مغامرة إدراك لأشياء لم نختبرها سابقاً.. حتى لو كان بمجرد (طعم) في طبق خضار.. أو ما يوازيه بمذاق (مِكس) عاطفي بين مشاعرها ومشاعر آخر، مؤشرات المشتركات بينهما كانت لغزاً تسعى إلى حلّه.
ولتقتنع أخيراً.. أنه حتى بالمشاعر.. ثمة خلطات مؤقتة تُختبر سريعاً، لا يصلح معها التخزين.