الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
وسط ارتفاع غير مسبوق في المخاطر الجيوسياسية العالمية، أصبح العالم يدرك بشكل متزايد حقيقة أن الهيكل الذي يدعم النظام العالمي القديم يفسح المجال لتشكيل جديد للعلاقات الدولية والتكتلات الإقليمية.
تقوم بلدان الجنوب العالمي بإنشاء مؤسساتها الخاصة، وتحالفات التكامل الإقليمي، وأنظمة الدفع، حيث تتحول إلى قوة حاسمة في الاقتصاد العالمي المتحول، وهنا يأتي دور الأسواق النامية، ولاسيما دول البريكس.
في آذار 2022، قال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف: “أعتقد أن دول البريكس التي يبلغ مجموع سكانها ما يقرب من نصف سكان العالم، وتمثل جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ستشكل أساساً لنظام عالمي جديد”.
ومع ذلك، لكي تتمكن بريكس من ذلك، يتعين على الكتلة أن تقدم لدول أخرى في الاقتصاد العالمي نماذج جديدة للتنمية على نطاق عالمي، وقد يشمل هذا المجالات إعادة إطلاق العولمة على منصة دول ومناطق جديدة، وإنشاء نظام مؤسسي جديد لتحديث الدول المشاركة في الاقتصاد العالمي، والاتفاق على مجمع احتياطي جديد للعملات مع عملات البلدان النامية، وإنشاء مسار تنموي بديل عن المسار الذي يروج له الغرب، وتشكيل تكتلات ومنصات إقليمية جديدة لتنسيق تلك الكتل وتنميتها.
عملياً، يمكن تنفيذ جميع النماذج العالمية الممكنة ضمن تنسيق” BRICS +” الواسع الذي يوفر لدول البريكس خيارات مختلفة للتعاون مع الدول الأخرى في الاقتصاد.
تشكل رئاسة الصين لبريكس 2022 أساساً ملائماً لتسهيل “بريكس+ “، حيث ذكر ممثلو الصين أنهم يدرسون خيارات تطوير مفهوم “بريكس +” ضمن التفاعلات بين تحالفات التكامل الإقليمي لبلدان الجنوب العالمي.
وفيما يتعلق بتنفيذ الفكرة، فإن “بريكس +” تتشكل من ثلاثة تحالفات قارية: الاتحاد الإفريقي، CELAC (مجتمع دول أمريكا اللاتينية)، و”SCO +” في أوراسيا، وهذا التحالف يمتد على أكبر عدد ممكن من البلدان في جنوب الكرة الأرضية، وهو يتيح فرصة لتنسيق التفاعل على المسرح الدولي، وتعزيز جدول أعمال الجنوب العالمي ذي الأولوية في التنمية المستدامة.
هذا العام، نشهد ظروفاً مواتية تماماً لظهور مثل هذه الدائرة الممتدة من التفاعلات بين الدول النامية، فقد كثفت الأرجنتين، التي تترأس حالياً مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، من جهودها لإقامة تفاعلات مع دول البريكس، لكن تعليق البرازيل مشاركتها في المجموعة عام 2020 كان عاملاً مقيداً، لكن من المرجح أن يكون مؤقتاً في الغالب.
تشارك أوزبكستان، التي تترأس الآن منظمة شنغهاي للتعاون طوال عام 2022، بشكل متزايد في عمليات التكامل في أوراسيا بعد فترة من إغلاقها، كما انتقلت رئاسة الاتحاد الإفريقي لعام 2022 إلى السنغال، وهي دولة تعمل بنشاط على تعزيز التنسيق والتعاون بين التحالفات التكاملية الإقليمية، وتبني تفاعلات ملموسة مع دول البريكس، ولاسيما مع الصين.
من المهم ملاحظة أن معظم دول البريكس تختار حالياً تشكيل سياساتها الخارجية في شكل تكتلات تكامل إقليمية (روسيا – الاتحاد الاقتصادي الأوروبي ، البرازيل – ميركوسور ، جنوب إفريقيا – اتحاد أمريكا الجنوبية)، وبالتالي، إن روح التعددية وبناء هيكل جديد يناسب مصالح الجنوب العالمي بأكمله أمر مهم في إنشاء مثل هذه المنصات.
قد تصبح منصة “تكامل التكامل” بين المجموعات الاقتصادية الإقليمية بقيادة دول البريكس مساراً آخر للتنمية “لبريكس +”.
هذا التنسيق هو انعكاس أفضل لمفهوم “بريكس + ” الروسي الذي أعلنه سيرغي ريابكوف في أوائل عام 2018 ، “نقترح أن يعتبر شركاؤنا “بريكس +” منصة لتطوير ما يمكن تسميته” تكامل التكامل “.
إذا كانت رؤية الصين لـبريكس + توفر أوسع نطاق أفقي للجنوب العالمي، فإن رؤية روسيا لـها تعطي الأولوية لعمق ومواءمة المشاريع الإقليمية ذات الأولوية لدول البريكس.
وعلى عكس النهج أحادي القطب للتكامل في الدول المتقدمة، قد تعمل مجموعة” بريكس +” كأساس لتنويع نماذج ومنصات التنمية والتكامل الاقتصادي، في هذا الصدد من المهم أيضاً أن تقدم الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا رؤاهم حول” بريكس +” والعولمة في الجنوب العالمي وخارجه ومن الممكن أن ترى البلدان الثلاثة خياراً أكثر جاذبية في توسيع العضوية في بنك التنمية الجديد لبريكس من خلال قبول شركاء إقليميين.
في هذه الحالة، ستصبح عملية إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي شاملة ومستقرة.
قد يصبح شكل “تكامل التكامل” الذي يتضمن التعاون بين كتل التكامل الإقليمي لجنوب الكرة الأرضية أداة مهمة في توسيع نطاق التحول الاقتصادي العالمي، كما أنه قد تمنح رئاسة الصين لمجموعة بريكس 2022 قوة دفع إضافية لبناء منصات للتفاعل بين المجموعات الإقليمية للدول النامية.
إن التقدم الذي أحرزته دول البريكس في التحرك نحو منصات جديدة للتعاون مع تحالفات الدول النامية قد يشكل الأساس لمنصة تعاون مشتركة لجميع دول الجنوب العالمي.
المصدر: RIAC