لم يعد التفوق ولا الجهد البدنيان وحدهما كافيين لإحراز النصر في كرة القدم، فاللعبة شهدت تطوراً هائلاً خلال السنوات الماضية على كافة المستويات وعلى رأسها الخطط والتكتيك.
يستطيع فريق متذيل للترتيب أن يهزم المتصدر في نتيجة غير متوقعة، ولا يمكن هنا استخدام العذر المأثور والخاطئ أن هذا عائد للحظ، بل إن العامل النفسي هو الأساس هنا، فقد تخسر أقوى الفرق في العالم إذا لم يكن الاستعداد النفسي موجوداً.
لقد بات الصراع داخل الملاعب مختلفاً عن الماضي، فالقدرة البدنية على الصمود مدة المباراة وأشواطها الإضافية لم تعد القول الفصل، ونشأت في أوروبا والدول المتطورة رياضياً مدارس لعلم النفس الرياضي الذي بات علماً قائماً بذاته له مختصوه الذين يستطيعون استحداث الوسائل التي تعين اللاعب على الصمود وتقبل الصدمات ومعالجتها، والتكيف مع كافة الظروف، كما أنهم قادرون على قراءة الصفات النفسية لكل لاعب ويلعبون دوراً مهماً وناجعاً في تطورها بحيث يصبح أكثر أهمية وفاعلية في إحداث التفوق المنشود.
تجمع المدارس الحديثة على أن التحضير النفسي مهم ومطلوب وضروري في أي مجال، سواء بالرياضة أو بخلافها، على أن يكون لساعة ونصف الساعة على الأقل لأنه لا يقل أهمية عن الإعداد البدني، بل هو مكمل له، وفي عدم وجوده ربما انعدمت فعالية اللاعب مهما كانت حالته البدنية جيدة، والدراسات الحديثة أثبتت أهمية علم النفس بنسبة 90% للرياضة وخاصة رياضيي كرة القدم على وجه الخصوص ويبدأ الإعداد النفسي في قارة أوروبا للاعب في عمر الـ 11 عاماً فما فوق، ويستمر التدرج في الإعداد النفسي للاعب حتى يصل الفريق الأول وهناك أيضاً برنامج “الصلابة العقلية” و الذي يبدأ في عمر 17 سنة.
في دورينا كان الوثبة متصدراً وصاعداً بقوة، ثم هزت لاعبيه العاصفة التحكيمية أمام أهلي حلب وخسر في الإعادة ليهزم بعد ذلك من نادٍ مهدد بالهبوط، كل هذا سببه عدم الدعم النفسي، فالدعم لا يكون بالتشجيع البسيط المجرد، بل ضمن برنامج مدروس يقوم عليه مختصون، فحتى لو كان الوثبة نادياً يمتلك الروح القتالية العالية، واللاعبين المهاريين فإن عدم وجود مختصين نفسيين على كفاءة عالية يدعمون الجهد البدني والمهارة، سيجعل مردود الفريق في مهب الريح.
خلاصة القول: إن التطور الكروي بات معقداً اليوم ويعتمد على العلوم المختلفة، ومنها علم النفس الذي يعد أحد أهم دعائم الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، ونحن حالياً في غياب تام عن هذا الجانب شديد الأهمية، فلماذا نبتعد كثيراً عن جانب لن يكلفنا ثمناً باهظاً ولم يعد من الترف والكماليات؟!
مابين السطور -سومر حنيش