لا تزال الطريقة القديمة التقليدية هي المعتمدة في اختيار المفاصل الإدارية والاقتصادية والانتاجية في مؤسساتنا، ورغم كل ما مر بالبلاد من ويلات الحرب والحاجة لكفاءات استثنائية، إلا أن القناعة الشخصية لمن يقدم الاقتراح بالتكليف تلعب دورا رئيسي جدا في اختيار المكلف.
كثير من المؤسسات تراجعت وباتت على شفير الإفلاس إن لم تدخل هذا التصنيف حقا، ورغم وجود عشرات الكفاءات من أبنائها ممن قضوا عقوداً في عملهم ضمنها (وبغض النظر عن سيرهم الوظيفية) إلا أن المفاجأة في كثير من الأحيان تكون في استيراد مدير عام من جهة حكومية أخرى وتكليفه بالمؤسسة المضطربة، ما يعني نحو ستة أشهر إلى سنة حتى يتعلم المكلف ماهية المؤسسة التي كُلِّف بها وطبيعة عملها، حتى يتمكن من مباشرة التشخيص ومن ثم إيجاد الحل لها..!!.
أما الأخطر على مؤسساتنا فهو إعادة تدوير الشخص وتقديمه مجدداً على أنه الحل غير المسبوق لكل مشاكل المؤسسة، في حين كان لا بد من السؤال عن سبب عدم ظهور هذه المهارات الاستثنائية لديه قبل ترشيحه، بل وربما الدور السلبي الذي أدّاه خلال وجوده في مؤسسة ما في فترة ما..
لم يعد التدوير مجدياً، وكذلك إعادة التدوير، فبالمنطق وبعلم الاقتصاد التدوير يُفقد المنتج نحو 50% من قيمته وبالتالي من العائد المراد منه ناهيك عن عدم إمكانية التدوير مجدداً بعد المرة الأولى لكون المنتج يكون ساعتئذ قد أصبح مستهلَكاً، فإن كان الحال كذلك في سلعة أو منتج، فكيف هو الحال بالنسبة لإدارة معمل أو شركة أو مؤسسة، فإعادة تدوير إدارة ما او حتى تعويمها تمهيدا لتكليفها من جديد هما أمران من شأنهما تخفيض الثقل النوعي للمؤسسة التي يتولاها المدور أو المعاد تدويره..!!.
لعل القناعة الشخصية يجب أن تتراجع إلى المرتبة الثانية أو الثالثة على سلم الأولويات في كثير من التكليفات التي تصدر، فحتى الناجح في مؤسسة ما يكون ناجحا تبعا لتهيؤ ظروف معينة له ضمن مرحلة ما مع فريق معين حتى تمكن من النجاح، وليس بالضرورة أن يكون قادرا على خلق ذات الظروف وتجميع ذات الفريق لتحقيق نفس النتيجة المبهرة في مؤسسة جديدة..
هو مبدأ وليس فكرة وقد اجمعت عليه نظريات الاقتصاد في كل مدارسها وعبر مختلف الحقب، ولكن لعل القاعدة القائلة بأن ما من قاعدة محددة في حالات الحروب هي السبب في الابتعاد عن كل قاعدة..