لا يخفى على أحد أن الحصار الجبان الذي تمارسه ميليشيا “قسد” ضد المواطنين في مدينتي الحسكة والقامشلي ومنع عنهم الخبز والوقود هو بإيحاء من المحتل الأمريكي الذي يعمل بشتى الوسائل لقطع سبل الحياة عن السوريين الذين يقاومون الاحتلال ويرفضون ممارسات الميليشيا الانفصالية.
فقد مرّ أسبوعان على الحصار الذي تفرضه الميليشيا المحمية من قوات الاحتلال الأمريكي على مناطق سيطرة الدولة في الحسكة والقامشلي مع توقف المخابز عن إنتاج الخبز بسبب منع دخول الطحين والوقود والقليل القليل من الماء في مشهد تكرر خلال السنوات الماضية عدة مرات من دون أن يحرك هذا الحصار على الحسكة وعلى سورية بشكل عام (ضمير العالم الحر) كما يسميه الغرب المشغول بالتكاذب واستغلال حقوق الإنسان وأوجاع اللاجئين!
الميليشيا تواصل ممارساتها الترهيبية بحق المواطنين في منطقة الجزيرة عبر فرض سياساتها الانفصالية من سطو على المدارس والمعاهد والجامعات وعلى المؤسسات الخدمية الطبية ومنع التعليم والخدمات فيها تنفيذاً لمخططات سيدها الأمريكي الإجرامية مستغلة حرص الدولة على الحفاظ على استقرار الأوضاع في المحافظة وعدم فتح المجال للاحتلال الأمريكي للتصيد وتوتير الأجواء بين السوريين.
إن هذا الحصار لا ينفصل إطلاقاً عن الحصار الغربي الأمريكي الذي تفرضه واشنطن على السوريين جميعاً، بل يشكل أحد وجوه الحصار القائم على سرقة موارد السوريين في منطقة الجزيرة من قمح ونفط وغاز وحرمانهم منها في وقت هم في أشد الحاجة إليها، بالتوازي مع فرض حصار خارجي أقل ما يقال فيه: إنه جريمة حرب ضد الإنسانية.
فواشنطن التي يتعرض مخططها للضرب في أوكرانيا من جهة، وتزداد وتيرة تصدي أهالي الجزيرة لقواتها المحتلة من جهة ثانية، بدأت تحريك أدواتها الانفصالية والإرهابية للضغط على الحلف السوري- الروسي وعلى الأهالي الرافضين للاحتلال لحملهم على تليين موقفهم والتخلي عن التمسك بدولتهم وخصوصاً بعد المصالحات والتسويات الكبيرة التي شهدتها المحافظات الشرقية كدير الزور والرقة.
بالتزامن، يصعّد النظام التركي ومرتزقته الإرهابيين اعتداءاتهم ضد أبناء مدينة أبو راسين شمال الحسكة بهدف تهجيرهم من منازلهم وأراضيهم والاستيلاء عليها، كما فعل مع سكان القرى والبلدات الحدودية بهدف إحلال الإرهابيين وعائلاتهم مكانهم وإحداث تغيير ديمغرافي يخدم سياساته التوسعية العدوانية ضد سورية.
لكن جرائم الاحتلالين الأمريكي والتركي وممارسات ميليشيا “قسد” الضاغطة على الأهالي في الجزيرة السورية وفي المناطق الشمالية لن تزيد السوريين إلا إصراراً على التمسك بدولتهم ومقاومة الاحتلال، وهذا الإصرار يزداد يوماً بعد يوم عبر عمليات الفصائل الشعبية التي تشن هجماتها على قواعد الاحتلال الأمريكي ودورياته ودوريات ميليشيا “قسد” المرتهنة له.
لقد برهنت الأيام أن الدولة السورية التي واجهت الإرهاب ورعاته على مدى 11 عاماً ودحرته من مساحات واسعة لن تتوقف عن مواجهة الاحتلال وأدواته الإرهابية والانفصالية، ولن تقبل إلا أن تستعيد كامل الجعرافيا السورية تحت السيادة الوطنية وتعيد الأمن والأمان لجميع أبناء الوطن، وسيكتشف المراهنون على الاحتلال الأمريكي قريباً أن الاحتلال إلى زوال، وأنهم يتعلقون بحبال الوهم والسراب.