الثورة – محمود ديبو:
إلى اليوم تستمر المفاجآت غير السارة التي تواجه الفلاح وتدفع به إلى مزيد من المتاعب والعرقلة المؤدية بالنهاية إلى تراكم خسارات لم يعد يعرف كيف ينتهي من تبعاتها على مدى سنوات..
ومن ضمن هذه المفاجآت غير السارة تلك التي جاءت على شكل إنتاج سيىء لمحصول البطاطا في بعض مناطق ريف طرطوس تمثل بصغر حجم الحبة قياساً بالحجم الطبيعي لحبة البطاطا، وكذلك بضعف مردودية الإنتاج..
طبعاً هذا لا ينسحب على كل الإنتاج وينحصر فقط في المساحات المزروعة ببذار تم الحصول عليه من المؤسسة العامة للبذار نوع (أفاميا)، بحسب ما أشار بعض الفلاحين المتضررين.
أما باقي الإنتاج المستخدم فيه أنواع أخرى من البذار سواء المحلي أو الأجنبي فكانت النتيجة جيدة بالكم والنوع، إذاً نجد أن المشكلة تحددت ببذار المؤسسة العامة لإكثار البذار.. فما المشكلة ولماذا دائماً هناك أخطاء تقع ويتحملها الفلاح ويدفع ثمنها من جيبه وعرقه وجهده..ومن يعوض عليه خسارات كهذه..؟؟
اليوم نعلم حجم الإنفاق اللازم لتحضير الأرض وفلاحتها وتسميدها وبذرها، إلى جانب المعاناة في الحصول على السماد والبذار والأدوية الزراعية، ثم ننتقل لمرحلة السقاية والري وما يواجهه الفلاح لتأمين المياه بسبب ندرة المشتقات النفطية والكهرباء اللازمتين لتشغيل مضخات الآبار وسقاية المزروعات..
كل هذا يمثل كتلة مالية كبيرة يدفعها الفلاح قبل أن يبدأ بجني أي مردود وينتظر لأشهر حتى يتمكن من ذلك، إلا أن مثل هذه المفاجآت غير السارة من مثل سوء البذار وأخواتها تساهم في تخسير الفلاح ما يعيق تقدمه وجعله يندفع نحو المزيد من الزراعات والتوسع في المساحات..
طبعاً كل هذا يحدث دون أن ننطلق إلى الخطوة الأخيرة وهي عمليات البيع والتسويق التي هي أيضاً تشكل هاجساً يؤرق صاحب الأرض ويجعله يقبل بأضعف شروط التسويق نظراً لعدم امتلاكه القدرة لنقل محصوله وبيعه في أسواق الهال أو الأسواق المجاورة..
إذاً هي سلسلة من الحلقات تجتمع مع بعضها لتواكب عمل الفلاح لكنها تساهم في شده إلى الخلف بدلاً من دفعه إلى الأمام، وإلى الآن لم تجد الجهات المعنية حلولاً تفضي إلى فكفكة حلقات تلك السلسلة ونزع شوكها من طريق الفلاح، ليتمكن من (أخذ نفسه)..
وبالعودة إلى بذار مؤسسة إكثار البذار والمشاهدات التي نقلها الفلاحون من حقولهم عن واقع سيىء لإنتاج البطاطا، مقابل نتائج إيجابية جيدة جداً لمحصول البطاطا بنفس الأرض لكن ببذار أجنبي أو محلي ليس مصدره (إكثار البذار)، يمكننا أن نسأل ألم يتم اختبار هذا النوع من البذار قبل تسليمه للفلاح، وألم يكن من الواجب عدم طرح بذار للفلاحين قبل التأكد من أنه سيعطي نتائج جيدة أو على الأقل لا يتسبب بخسارات للمزارعين..؟؟
ما يجري حتى اليوم في القطاع الزراعي عموماً يحتاج إلى التأكد من وجود تنسيق بين من يرسم السياسات الزراعية ويخطط لها ويصرح بدعمها، وبين من ينفذ تلك السياسات، وهل تأتي الأمور في سياقها أم أن هناك من يعمل على حرف البوصلة بقصد أو بغير قصد..؟؟؟؟