الثورة- أسماء الفريح:
أكد نقيب المهندسين الأردنيين عبدالله غوشة، أن إعادة إعمار سوريا تشكل استحقاقاً إنسانياً وتاريخياً يتطلب تضافر الجهود العربية والدولية، ضمن رؤية تنموية شاملة تُراعي الواقع المعقد الذي خلّفته الحرب، مبيناً أن الأردن قادرعلى لعب دور محوري في هذه العملية.
وفي دراسة موسعة أطلقتها نقابة المهندسين بعنوان “دور القطاع الهندسي الأردني في إعادة إعمار سوريا: الإمكانيات، التحديات، والفرص المستقبلية”، نقلت قناة المملكة عن غوشة قوله:
إن النقابة أعدّت هذه الدراسة استشعاراً منها بأهمية الانخراط الأردني الفاعل في إعادة بناء سوريا، ليس فقط من منطلق الجوار الجغرافي والروابط الاجتماعية والتاريخية، وإنما أيضاً من باب الالتزام المهني تجاه شعب عربي شقيق، عانى من دمار هائل طال كل مناحي الحياة، من بنية تحتية وخدمات عامة واقتصاد ومؤسسات وإنتاج.
وأشار إلى أن الدراسة خلصت إلى ضرورة وجود خارطة طريق وطنية شاملة لإعادة الإعمار في سوريا تمتد لعقدين، تبدأ بمرحلة الإغاثة الطارئة، مروراً بالتعافي المبكر، وانتهاءً بمرحلة التنمية الشاملة طويلة الأمد.
وشددت الدراسة على أهمية إشراك السوريين في التخطيط والتنفيذ، والاستفادة من طاقاتهم البشرية والمهنية، سواء داخل البلاد أو في دول المهجر، ووفق ما أكد غوشة فإن الرهان الأكبر في أي عملية تعافٍ هو على الإنسان السوري وإرادته، دون أن يُعفي ذلك المجتمع الدولي من مسؤولياته الأخلاقية والمادية في تقديم الدعم والمساندة.
وبين غوشة أن فتح المعابر الحدودية، وتشغيل خطوط النقل، وتفعيل مجلس التنسيق الأعلى الأردني السوري، كلها مؤشرات إيجابية على وجود إرادة سياسية حقيقية لدفع عجلة التعاون بين سوريا والأردن، لكنه دعا إلى مزيد من الدعم والتحصين لبلاده في مواجهة ما وصفها بـ”المنافسة الإقليمية والدولية التي تشتد يوماً بعد يوم، من دول تتمتع بامتيازات سياسية وتمويلية في المشهد السوري.
“وأشار إلى أن الدراسة رصدت جملة من المعوقات التي قد تعرقل انخراط الأردن في عملية إعادة الإعمار في سوريا، منها استمرار العقوبات، وغياب بيئة تشريعية واضحة تحكم الاستثمار وإعادة الملكية، فضلاً عن غياب قاعدة بيانات دقيقة حول الأضرار، وتضارب المصالح الدولية والإقليمية إلى جانب ضعف التنسيق بين الجهات المانحة وغيرها.
ورأى أن هذه التحديات تستدعي جهداً دبلوماسياً ومهنياً مكثفاً من الأردن، لصياغة آلية مرنة للتعامل مع الجانب السوري، وتوقيع اتفاقيات تعاون واضحة، كما دعا إلى تقديم حوافز ضريبية وتشريعية لجذب رؤوس الأموال السورية المستثمرة في الخارج، واستثمارها في الداخل، باعتبارها مورداً محلياً محتملاً يمكن أن يسهم في تقليص فجوة التمويل الهائلة التي تُقدر بما لا يقل عن 800 مليار دولار.
وأوضح غوشة أن قطاع الطاقة يشكل أحد أبرز الفرص المتاحة للأردن، نظراً لوجود فائض في إنتاج الكهرباء يمكن تصديره إلى الأراضي السورية القريبة من الحدود، بتكاليف منخفضة نسبياً وباستمرارية مضمونة، ما يعزز من مكانة بلاده كمزود طاقة إقليمي، ويتيح للشركات الأردنية موطئ قدم ثابت في السوق السورية.
وتابع..باعتبار أنه يوجد في الأردن أكثر من 200 ألف مهندس في مختلف التخصصات، وما يزيد عن 1400 مكتب هندسي، إضافة إلى أكثر من 3000 شركة مقاولات مصنفة ومؤهلة، فإن ذلك يشكل فرصة حقيقية لتصدير هذه الكفاءات والخبرات إلى السوق السورية، خاصة في قطاعات حيوية مثل البناء، والطاقة، والمياه، والنقل، وتقييم وتأهيل المباني المتضررة، وتكنولوجيا المعلومات، وإدارة المشاريع والحوكمة.
وأشار إلى أن هذه الدراسة هي الثانية من نوعها؛ فقد أعدت النقابة سابقاً دراسة لإعادة إعمار قطاع غزة وأولويات الإغاثة فيها بعد الحرب على القطاع التي امتدت منذ عامين وحتى اليوم.
وبين أن الدراسة انطلقت من قاعدة معرفية ومهنية، وجرى إعدادها عبر فريق متخصص من المهندسين والخبراء، واستندت إلى مراجعة الأدبيات الدولية والدراسات المقارنة لتجارب إعادة الإعمار في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ورواندا بعد الإبادة الجماعية، والبوسنة بعد اتفاق دايتون، والعراق بعد عام 2003، موضحاً أن الدراسة استفادت من هذه النماذج في صياغة رؤية قابلة للتطبيق في السياق السوري، مع مراعاة الخصوصية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد.