قيل الكثير في معاني الأعياد وأهميتها ودورها في صناعة الفرح تارة وتارات أخرى بأنها تلك القوة التي تخلق في نفوسنا روحاً جديدة، وتبث فيها من المعاني الإنسانية ما يجعلنا نجدد العهد مع الآخرين بعقود من المحبة والتسامح والغيرية.
وفي زحمة تلك التحديات الضاغطة لابد لنا من فسحة روحانية جميلة نلجأ إليها لنريح النفس من أعبائها الثقيلات، في أعياد سخرها الله لنا لنعيد بناء الروح قبل الجسد، وكم هي سعادتنا عندما تتوالى الأعياد لشرائح المجتمع كافة وعلى اختلاف مذاهبهم وإيمانهم، لتضفي على المجتمع ذاك الشعور بالتآخي والتضامن ومشاركة بعضنا بعضاً معاني العيد وقدسيته وروحانيته الإنسانية.
وهنا أستحضر قول الرافعي في مقولته الشهيرة” إن العيد إثبات الأمة وجودها الروحاني في أجمل معانيه” وهذا ما يتضح لنا في لقاء أفراد المجتمع في تلك المناسبات، سواء في دور العبادة، أو في ممارساتهم لطقوس العيد من صلة الأرحام ولقاء الأصدقاء وتحقيق التكافل الاجتماعي، ليعم الفرح قلوب الناس كافة.
وما أحوجنا اليوم إلى تلك الروح اليقظة والوعي الإنساني لإحياء القيم والعادات الإنسانية التي تعد من أبجديات العيد وأهدافه، وأولها الانتصار على النفس الملوثة بالأحقاد، والحاجة إلى نبذ كل ما يشوه إنسانيتنا، والارتقاء بمعاني العيد لتسمو في قلوبنا مشاعر السلام والأمن والتفاؤل.
وأظن أننا سنخالف شاعرنا المتنبي في تشاؤمه عندما كان يردد” عيد .. بأي حال عدت يا عيد” لنكرس معاً مفاهيم جديدة للعيد فيه من المحبة والأمل بأن القادم لابد أن يكون أجمل، وأن الحياة مهما قست، لابد ستحمل في جعبتها مزيداً من الفرح لأرواح أتعبتها عثرات الحياة، وأنهكتها ظروف الحياة الصعبة.
واليوم ونحن نحتفي بأيام عيد الفطر السعيد، مدعوون إلى مائدة الفرح وتقصي معاني العيد الروحية والاجتماعية، لنتشارك جميعا أجمل الأيام وأصدقها.
كل عام وأنتم العيد وبهجته، ولقلوبكم السكينة والسلام.
رؤية- فاتن أحمد دعبول