انفرط عقد شجاعتها.. للحظاتٍ لم تحسبها في عدّاد زمنها الواقعي..
في مناسباتٍ قليلة جداً احتاجت قدرةً وطاقةً عالية لفضّ اشتباك متصاعدٍ بين شجاعة عقلها وعاطفة قلبها..
فصولٌ.. مراحل.. وجولات يستهلكها الأمر وربما استنزفها وأشعرها أنها تقف على تخوم اللاعودة والهزيمة مرّات عديدات..
“الهزيمة”..!
تستنكر الكلمة..
لم تكن حساباتها يوماً ضمن هذا المنطق.
بالنسبة لها عيش كل الأشياء الجميلة والإيجابية يتطلب شجاعة من نوع خاص..
تماماً نحتاج ذلك النوع من الشجاعة الذي قصده (سِنيكا) حين تحدث عن “أولئك الذين لا يريدون أن يعيشوا ولا يعرفون كيف يموتون”..
لدى البعض، الحالة لا تتعلق بإرادة العيش مقدار ما ترتبط بمعرفة كيفية العيش..
والمشكلة في اختلاف النسب من كل شيء ولكل شيء.
مساحة الوجود تلك التي نخلقها لدى الآخر هي التي تتطلب شجاعة من عيار باهظ..
كانت تنقصه شجاعة أن يكون موجوداً..
أن يكون شجاعاً للوجود.. مرئياً وملحوظاً من قلبها قبل بصرها..
ما فعله أنه طبّق رأي فلاسفة جعلوا (شجاعة الوجود) تعبيراً عن (تأكيد الذات).. طبّقه حرفياً.. ليؤكّد ذاته وشجاعة وجوده نفياً لوجود الآخر..
ما فائدة كل أنواع الشجاعة حين يُنفى وجود الآخر من محيطنا..؟
وكيف نؤكّد ذواتنا حين لا توجد ذاتٌ أخرى ندٌّ لها تكمّلها..؟
أما هي..
فنقصتها شجاعة إبصار الحقيقة.. حقيقة الآخر مجرّداً من أسلحة شجاعته الظاهرية.
دائماً ستقتنع أن شجاعة الوجود هي شجاعة العيش والقدرة على ملء فراغات “الداخل”، كما شجاعة تظهير التقاطعات مع الآخر.. تكبيرها.. وربما اختراعها لتغدو مساحاتٍ أكثر من ملحوظة يعوّل عليها..
هي ذاك النوع من الشجاعة الذي يطفو على سطح يومياتها بعد كل خسارة ومرارة تحياها.. النوع الذي تقطفه من كل الخيبات متماهياً والعثور على كنز ذاتي نفيس يُخبّئ الأجمل.
الشجاعة هي أن تمتلك جرأة الوجود بعيني الآخر.. فتتجلّى ذاتك بأبهى هيئاتها.. وينعكس حضورك بهاءً ولا أروع.