العفو في فكر الرئيس الأسد.. معانٍ ودلالات

عبد الحليم سعود:

لا يختلف اثنان في أن العفو والتسامح هما من الصفات والْأَخلاقِ النبيلة والرفيعة التي حضّت عليها الأديان السماوية ولاسيما الدين الإسلامي الحنيف، لأن العفو والتسامح عن المسيئين والمخطئين بحق المجتمع والدولة والنظام العام يتيحان الفرصة من جديد لمن أخطأ وأساء وارتكب بأن يعود إلى ممارسة حياته الطبيعية بذهنية الإصلاح وبأخلاق جديدة تنسجم مع قيم وأخلاق المجتمع وتحت سقف القوانين السائدة فيه، ولا يكون للعفو أو التسامح أي قيمة حقيقية إلا إذا صدرا عمن يملك القدرة على المعاقبة والحساب.
وهذا ما ينطبق تماماً على مراسيم العفو الكثيرة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد في العقدين الماضيين ولاسيما خلال سنوات الحرب الإرهابية الظالمة على سورية، وذلك من موقع المنتصر القادر على العفو والمسامحة، والراغب بتضافر جميع جهود وسواعد السوريين في عملية الإعمار والبناء التي تحتاجها بلدنا.
وقد تزامن مرسوم العفو رقم (7) عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل 30 نيسان الماضي مع نهاية شهر رمضان المبارك والاحتفال بعيد الفطر السعيد في انسجام مع أخلاقيات الشهر الكريم، وقد أراد الرئيس الأسد بأخلاقه الرفيعة أن يسعد قلوب ذوي وأسر وعائلات المطلوبين والمحكومين والمتوارين بمعايدة من نوع خاص، كما أراد لهؤلاء أن يقضوا هذا العيد برفقة عائلاتهم وأحبائهم، وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية أسوة بباقي السوريين ليساهموا معهم في طي ملف الحرب والتخلص من آثارها وتداعياتها.
وتأتي أهمية هذا العفو العام من كونه يتزامن مع إجراء مصالحات وتسويات وطنية في مناطق عديدة لعشرات الآلاف من المواطنين الذين تم التغرير بهم خلال فترة الحرب، وعملوا ضمن أجندات تضر بمصالح شعبهم ودولتهم ووطنهم، وهو ملف مفتوح منذ بداية الأزمة المفتعلة من أجل إعادة هؤلاء إلى وعيهم وإفساح المجال أمام انخراطهم من جديد في الحياة العامة بكامل حقوقهم وواجباتهم المنصوص عنها في الدستور والقوانين السورية.
مسار العفو والمسامحة لم يبدأ بالعفو الأخير بل بدأ هذا المسار منذ الأيام الأولى للأزمة عام 2011 حيث أصدر الرئيس الأسد العديد من مراسيم العفو التي شملت عشرات الآلاف من المحكومين والمطلوبين والمخالفين للقانون والنظام العام، ولكن هذا المرسوم يعتبر منعطفاً قانونياً جريئاً في تاريخ الحياة القانونية السورية، وصفحة جديدة في حياة سورية المستقبلية، وقد أراد الرئيس الأسد من خلاله أن يرسل رسالة للجميع بأن الدولة هي أم للجميع، وهي تسامح وتغفر وتتجاوز عن الأخطاء من موقع القوة والرغبة بالحل السياسي وعدم الرغبة بالانتقام ممن أخطأ بحقها، وهو بذلك يريد انتشال المعنيين بالعفو من الجرائم “الإرهابية” التي تورطوا بها والانتقال بهم من مسارات الهدم والتخريب إلى مسارات العلم والبناء وإعادة إعمار البلد، دون أن يؤثر ذلك على الحق الشخصي المصان.
ليس سراً أن مرسوم العفو الجديد يؤسس إلى مرحلة جديدة من التعافي الاجتماعي في سورية، وقد أراده الرئيس الأسد كذلك من أجل لمّ شمل العائلات السورية التي سُجن أو فرّ بعض أفرادها بسبب تورطهم بجرائم لها علاقة بالإرهاب وطي هذا الملف نهائياً، من أجل إعادة زجهم في الحياة العامة بعيداً عن الأجندات الأجنبية التي أخذتهم بعيداً عن مصلحة وطنهم وشعبهم.
وفي مرسوم العفو رسائل كثيرة منها التأكيد على نزع الأحقاد والكراهية من النفوس والحض على التسامح والمصالحة والغفران والتلاقي بين السوريين، وتشجيع من يعنيهم الأمر على التخلي عن رهاناتهم الخاطئة على الآخرين، فسورية تُبنى وتُحمى بأيدي أبنائها وحدهم وبجهودهم فقط بعيداً عن أجندات القوى المعادية.
لقد أراد الرئيس الأسد من العفو إغلاق الأبواب أمام ضعاف النفوس والمحتالين والفاسدين ممن كانوا يستغلون ظروف عائلات المحكومين والمطلوبين ويستدرجون بعض المطلوبين أو الملاحقين من أجل ابتزازهم بدفع المال، وقد كان لافتاً عدم شمول المرسوم على عفو عن جرائم الخطف كي يتوقف هذا الملف نهائياً.
لا جدال في أن مرسوم العفو غير مسبوق لناحية تخصصه بجرائم الإرهاب، وهو يدل على رغبة حقيقية بإنهاء هذه الحرب الإرهابية والنهوض بسورية من جديد، وقطع الطريق على كل الجهات التي تريد الاستثمار بملف المحكومين والمطلوبين من أجل عرقلة عودة اللاجئين والمهجرين بسبب الحرب.

آخر الأخبار
وثيقة أوروبية تقترح تخفيفاً آخر للعقوبات على سوريا واشنطن تؤكد قرب إبرام الاتفاق.. وطهران تلوح بالتخلي عن اليورانيوم  تطوير البنية التنظيمية للبريد بدعم أكاديمي بيان أممي: رفع العقوبات فرصة لإعادة بناء سوريا واستقرارها  التربية تبحث خطط ترميم المدارس في حماة "الغارديان" تنتقد الرواية الإسرائيلية حول تكذيب المجاعة في غزة.. ماذا قالت؟  إعلام أميركي: دبلوماسية ترامب تحقق نتائج ملموسة في "الشرق الأوسط"  The Associated Press: ماذا يعني رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟ نحتاج إلى عملية بناء داخلية.. خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": رفع العقوبات نقطة بدء لمرحلة جديدة   العراق والإمارات: ندعم تحقيق الاستقرار في سوريا ورفع العقوبات يعزز ازدهارها بين المنزل والعمل.. صحفيات يكسرن الصورة النمطية ويحققن التوازن "الهجرة الدولية": سوريا بحاجة ماسة للدعم من أجل تعافيها ما بين "بيت أبو احمد" و" ماكدونالدز".. المساكن المسبقة الصنع تنهي عقوداً من الانتظار الخبير شعبو لـ"الثورة": انخفاض سعر الصرف وهمي لا يسهم بتخفيض الأسعار أهالٍ من طرطوس: بعد رفع العقوبات.. الحلم يتحقق والأمل بمستقبل زاهر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: قريباً.. هيئة للعدالة الانتقالية ومنصة لسوق العمل الدولار يتراقص على إيقاع السياسة جيب المواطن على المحك... هل تنقذنا الليرة؟ الأصول المجمدة.. كيف سيستعيدها المركزي بعد رفع العقوبات؟  مدير نقل دمشق: رفع العقوبات سينهض بالقطاع إلى مستويات جيدة د. أيوب لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة "ذهبية" لاستعادة العافية