الثورة – غصون سليمان:
بين الماضي والحاضر ثمة دواوين تروي حكايات شاخصة في كل الصور والوجوه، حاضرة مابين البياض والسواد، بين النهار والليل، حيث لم يبق الوجع مكاناً للتفاصيل الحالكة إلا وله أثر فيها..
لعل سفاحو العصر لايختلفون كثيراً عن سفاحي الأمس.. فالطربوش واحد، والبطش متعدد القتل والأساليب سواء كان على رأس جمال باشا السفاح أم على رأس القاتل المجرم أردوغان وحاشيته.. هي حلقة الوصل التي لم يبرأ منها سلوك الشياطين
في السادس من أيار وقبل مائة وستة أعوام كان الحدث على مستوى التاريخ والجغرافية عاصفاً بكل المقاييس داخلياُ وخارجياً يستعيد النبض الوطني ألقه الذي لم يخمد يوماً رغم المسافة الزمنية الطويلة التي عبرت بكل ما فيها من خير وشر.
لقد كان لنضال الشعب العربي السوري وفي مقدمتهم النخب الوطنية الحقيقية التي دافعت عن الأرض والعرض زمن الاحتلال العثماني، عميق الأثر وهي تقارع فكره وسلوكه البغيض وحقده الأعمى، حيث تفنن عتاته بوسائل التنكيل والترهيب.. ورغم ذلك لم يرهب الأبطال من القادة والثوار الذين حاصروا المحتل البغيض في كل مكان بشرائكه الجهنمية وافشلوا مشاريعه على جميع المستويات الحياتية والوطنية.
لقد عانى الشعب السوري ماعاناه وهو يقارع المستعمر العثماني والفرنسي وملحقاتهما من تنظيمات إرهابية مجرمه ورجعية عربية عميلة، مقدماً التضحيات الجسام بالأرواح والأنفس والأرزاق، فنحن شعب لايدجن وعيه.. ومن الصعب قولبته.. لطالما رأس حربته قداسة وطن، ومساحة وعي وإدراك منقطع النظير.
لعل الذاكرة الشعبية لا تشيخ ولا يمكن لها أن تغيب عن حاضنة النضال العربي السوري الذي سطر أروع ملاحم البطولة والفداء وقدم على محراب الحرية والكرامة قصة شعب لا يقبل الضيم أبداً.
فعشر سنوات ويزيد من الحرب العدوانية الظالمة على سورية والسوريين هي كلها تمثل السادس من أيار الوفاء، والسادس من تشرين التحرير حيث واجه فيها هذا الشعب الأبي بجيشه وقيادته وعماله وموظفيه ومؤسساته، أعقد أنواع الحروب وأصعبها متحدياً دولاً وحكومات وبنوك مال داعمة للقتل والتخريب، وتنظيمات إرهابية عابرة للحدود من كل حدب وصوب نفذت ومازالت تنفذ إجرامها بحق أبناء الشعب السوري الذي لفظها قولاً وفعلاً.
وما بين ذكريات ووقائع ساحة المرجة عام ١٩١٦ التي تزينت بمنارات الشهداء الذين أعدموا في ذاك التاريخ، وبين مواكب وقوافل شهداء الجيش العربي السوري قرابين الحرية والكرامة، الذين رووا ترابها الطاهر وعطروا فضاءاتها بالدماء الزكية.. فبات كل بيت سوري مزاراً ومحجاً لروح شهيد وألم جريح.. فغدت صور الشهداء الأبطال في كل أركان الوطن مدارس نور وعلم لمعاني التضحية والكرامة والفداء.
كل عام وسورية المنتصرة بقناديلها وأنوارها بألف خير.
