الثورة – تحليل لميس عودة:
لم يرَ التاريخ القريب منه والبعيد، أكثر تشدقاً بالدواعي الإنسانية، واستثماراً بالحروب وتداعياتها، من الإدارات الأميركية المتعاقبة التي تمتهن العربدة والانتهازية طريقاً لبلوغ مقاصدها وتحقيق أجنداتها التخريبية على اتساع الرقعة الدولية.
فأميركا تستثمر بالأزمات وتمتهن صناعة الموت والخراب لتمرير صفقات السلاح، لا يهمها لو وضعت العالم بمجمله على فوهة بركان حروب وزعزعت استقراره، ولا يعنيها إن أصابت الاقتصاد الدولي عامة والأوروبي خاصة في مقتل الحاجة والعوز وشح المواردْ، فغايات الهيمنة وفرض السطوة وغوايات توسيع النفوذ الاستعماري وحصار من يقفون في وجه مخططاتها التخريبية تبيح لحكامها اتباع كل الأساليب والوسائل المخالفة لقوانين الشرعية الدولية.
فتكثيف ضخ أسلحة عسكرية فتاكة وذخائر حربية لنظام كييف وموافقة الكونغرس الأمريكي على حزمة مساعدات إضافية بقيمة غير مسبوقة تقارب 40 مليار دولار يفضح مآرب واشنطن المستمرة بجر أوروبا للمصيدة الأميركية لتسدد عنها فاتورة جنوحها الهيستيري للهيمنة وعدائها لروسيا، وتحمّلها أثمان مغامرات الحماقة السياسية والعسكرية.
حتى اللحظة الراهنة ومن خلال ما نلاحظه من إمعان في تعكير أجواء الحلول السياسية، واعتماد سياسة التهديدات والضخ العسكري لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا من قبل أميركا ودول الغرب التابعة لها، ندرك أن جو بايدن, الذي يهيمن على السياسيات الخارجية للدول الغربية المنقادة بحبال التبعية الأميركية, لا يرغب بنزع فتيل الحرب التي ترمي بكل حطبها فيها لضمان بقائها مستعرة توهماً منه ومن الناتو أنهم يدفعون موسكو إلى حرب استنزاف وإنهاك جيشها.
السخاء الأميركي العسكري لا يكون إلا في غايات الشر الإرهابي والهبات العسكرية التي تفتح خزائن أسلحتها على مصراعيها من أجل إيصالها للنظام الأوكراني، وتضع من خلالها أمن وسلامة الشعب الأوكراني على شفا هاوية مقامراتها الشيطانية، بات واضحاً ولا لبس فيه أنه خدمة لأجندات سطوتها وتمدد نفوذها في البحر الأسود وحصار موسكو وتهديد الأمن الاستراتيجي الروسي.
وما إعلان بايدن مؤخراً عن عزم بلاده تقديم أموال إضافية إلى سلطات كييف ودعوته المشرعين إلى الموافقة على تزويد أوكرانيا بمبلغ 33 مليار دولار إضافية، وتوصل قادة الكونغرس إلى اتفاق بشأن تخصيص 39.8 مليار دولار لزيادة تسليح كييف، كل ذلك يؤكد استماتة الإدارة الأميركية بصب الزيت على نار الأحداث المفتعلة أميركيا ومنع إنهاء الحرب بطرق الحلول الموضوعية والضمانات الروسية المشروعة.
والجدير بالذكر أن المتحدث باسم وزارة الحرب الأميركية جون كيربي، أقر لقناة فوكس نيوز، بأن الولايات المتحدة زودت أوكرانيا بالأسلحة قبل وقت طويل من بدء العملية الدفاعية الروسية ما يفضح الأجندات الأميركية غير المعلنة للملأ الدولي.
كل الضخ العسكري السابق لكييف لم يغير شيئاً بالخرائط الميدانية ولم يحل دون توسيع جغرافيا ضمان الأمن الاستراتيجي الروسي، ولن يغير هذا الضخ العسكري من معادلة توسيع الجغرافيا السياسية والعسكرية لضمان عدم تهديد الأمن القومي الروسي.