الملحق الثقافي:
برعاية الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة وبالتعاون بين الهيئة العامة السورية للكتاب، واتحاد الكتّاب العرب/جمعية الترجمة، أقيمت في المركز الثقافي العربي في طرطوس ندوة تكريمية بعنوان (وجيه أسعد كاتباً ومترجماً)، بمشاركة السادة الأدباء والمترجمين: د. ثائر زين الدين، ود. باسل المسالمة، وأ. حسام الدين خضور، ود. ممدوح أبو الوي، وأ. شاهر نصر، وابنة المترجم المهندسة مها أسعد.
وقد رأى د. ثائر زين الدين في افتتاح هذه الندوة:أن “اللغاتُ أبوابُ ثقافات الأمم، والترجمةُ مفاتيحُ تلكَ الأبواب”، وقد أدركتِ الشعوبُ ذلكَ منذُ القدم، فكانت في مراحلِ نهوضها وانطلاقها لبناء حضاراتها الخاصة تُترِجمُ معارفَ الأمم الأخرى وعلومَها وآدابَها، وتجعلُها أساساً للبناءِ عليه، وتقديم إضافاتها الخاصة، وهذا ما فعلناهُ نحن العرب ذات يوم.
الترجمةُ هي القناةُ الأهم التي تجري عَبْرَها التأثيراتُ المتبادلةُ بين الشعوب وليس بإمكانِ أحدٍ هذهِ الأيام أن يُنكرَ الدور العظيم الذي تضطلع به الترجمة في وجوهِ حياتنا المختلفة: العلميّة والفكريّة والإقتصاديّة والثقافيّة، وليسَ أدلّ على ذلك من حجم الأعمالِ المختلفة التي تُترجَمُ إلى لُغَتِنا من اللغاتِ الأخرى، وحجمِ الدراسات والمقالات والمواد الصحفيّة التي تنتشر في كثيرٍ من الدوريات، وتُبثُّ في وسائل الإعلام.
والمُترجمونَ – هؤلاء الجنود المجهولون في بلادنا – هم فُرسانُ هذا الميدان، هُم “خيولُ بريدِ التنوير”، كما وصفهم ألكسندر بوشكين ذات يوم، وهم أربابُ هذا الفن التطبيقي، والعلم التجريبي والحرفة التي لا تتأتّى إلّا بالدُربةِ والمِران والمُمارسة إذا ما امتلكَ صاحبُها الموهبةَ أولّاً والمعارفَ والأدواتِ اللازمة ثانياً.
ونحن اليوم وفي حضرةِ هذهِ الوجوه الكريمة ممثلينَ لوزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب إنّما نحتفي باسمٍ بارزٍ وسامقٍ في سماءِ الترجمةِ في بلادنا، اسمٍ رائدٍ في المجالِ الذي اختارَه، ووسمَ أعمالَهُ المنتقاة منه بذكاءٍ ودرايةٍ وفطنة، اسمٍ عاشَ في هذهِ الربوع وانطلقَ منها إلى فضاءاتٍ عربيّةٍ ودوليّة شاسعة؛ إنّه الأديب المترجم وجيه أسعد؛ الذي قدّم للثقافةِ العربيّة نحو ثلاثةٍ وستين كتاباً جُلُّها في مجالاتِ علم النفسِ وعلم الاجتماع والتربية لكبارِ علماءِ الغرب والشرق، فنهضَ بمشروعٍ تعجزُ عنهُ مؤسساتٌ ثقافيّة كاملة.
لقد أحصيتُ لهُ مالا يقل عن اثنين وثلاثينَ كتاباً من إصداراتِ وزارة الثقافة السوريّة وحدَها؛ بينها “المعجم الموسوعي في علم النفس” في ستةِ أجزاء، و”المعجم النقدي في علم الاجتماع” في جزأين.
ولقد امتازت ترجماتُ الرجل بجمال لُغتِها وسلامتِها وسلاسَتِها، ودقَّتِها في التعبير، وهي مسائلُ لا تتأتّى للمترجمِ إلّا إذا أتقنَ لُغتي: المنبع والمَصبّ إتقاناً جيّداً فكيفَ إذا أضفنا إلى ذلكَ امتلاكَ الاختصاص العلمي الذي يؤهّلُ صَاحِبَه أن يغوصَ عميقاً في النصوص التي يختارها، لقد كان الأستاذ وجيه أسعد مُجازاً في الفلسفةِ منذ عام 1953، وفي الحقوق منذ عام 1966، وعملَ مُدرِّساً لعلمِ النفس التربوي في دار المعلمين بحلب بينَ عامي 1954 – 1957، وفي دار المعلمين في اللاذقيّة، وفي ثانويّة جول جمّال في اللاذقية بين عامي 1968 – 1973.
إنَّ الحديثَ عن الأستاذ المُكرّم وجيه أسعد يطولُ كثيراً، وعلى قائمةِ المحدّثين نخبة من الأساتذة الذين بحثوا في أعمالِهِ الجليلة، ولابُدّ لي أن أفسَحَ في المجال لهم… حيّاكم الله”.
بدوره تحدث د. باسل المسالمة مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب عن وجيه أسعد بين أمانة الترجمة، وجمالية الأسلوب، في حين قدم د. ممدوح أبو الوي قراءة في إسهامات المترجم وجيه أسعد في ترجمة علم النفس، وعرض أ. شاهر نصر في ورقته للترجمة باعتبارها رافعة الأدب مُقدماً مدرسة وجيه أسعد في الترجمة أنموذجاً، أما أ. حسام الدين خضور فقد تناولت مداخلته كتاب وجيه أسعد (المعجم الموسوعي لعلم النفس) الذي يقع في ستة أجزاء، واختتمت الندوة بتقديم درع تكريمي لعائلة الأديب المكرّم تسلّمته ابنته المهندسة مها وجيه أسعد، وقدّمه لها د. ثائر زين الدين ممثل السيدة وزيرة الثقافة، ود. فاروق سليم، ود. رياض طبرة عضوا المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب؛ وحضر الحفل حشد كبير من جمهور ومثقفي مدينة طرطوس، وفي مقدمتهم نخبة من قيادة المحافظة السياسية والإدارية.
التاريخ:الثلاثاء17-5-2022
رقم العدد :1095