رقم مثير للانتباه تحدث عنه نائب رئيس جمعية حماية المستهلك الأسبوع الماضي عندما قال: إن 99 بالمئة من الألبان والأجبان الموجودة في دمشق وريفها غير مطابقة للمواصفة السورية، لا جودة ولا وزناً، فإن كنا قادرين على تخطي عامل الوزن والتلاعب به، فإن الوقوف عند عامل الجودة ومطابقة المواصفة السورية أمر لازم وضروري لما له من آثار على الصحة العامة لعموم المستهلكين.. وهو ما يستوجب تحرك المعنيين في الرقابة التموينية والصحية على حد سواء، في وقت بات فيه المستهلك عرضة للاستغلال والغش والتدليس بمستويات عالية من الكثير من المنتجين والباعة وتجار الجملة والموردين وكذلك السماسرة وشقّيعة الأسواق المحلية.
ولعل ما تحدث به عن الجبنة السائلة المصنعة محلياً لا يقل خطورة وحساسية عما أشار إليه بخصوص الألبان والأجبان، إذ يقول في تصريحه لصحيفة محلية: إن الجبنة السائلة المنتجة في كل المعامل في دمشق تدخل في تصنيعها الزيوت المهدرجة الممنوعة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية عدا معمل واحد ينتج الجبنة من الحليب الحيواني.
فأي غذاء يتناوله المستهلك وخاصة الأطفال الذين هم من يستهلكون هذا النوع من الأجبان سواء في فطور الصباح أم في (السندويش) اليومي الذي يرافقهم إلى مدارسهم..!!
كلام من هذا النوع يجب ألا يمر مرور الكرام، وألا يخرج علينا من يقدم المبررات له ويعود ليفنده مراعاة لبعض المنتجين الذين لطالما تحدثوا عن شعار (صنع في سورية) الذي يطلقونه ليمرروا تحته كل ألاعيبهم وغشهم بهدف جمع ثروات ملوثة ومتسخة بأنفاس لهاثهم المحموم نحو المال.
فمن جهة نجد أن دوائر التجارة الداخلية وحماية المستهلك تسير باتجاه التخفيف من حدة العوامل المؤثرة على المنتجين وتعمل على وضع تسعيرة منصفة ومشجعة تدفعهم للاستمرار بالعمل، على أن يلتزموا بالمواصفات ومستويات الجودة المحددة، لكن ما نراه أن العمل الرقابي يقع في جزء كبير منه على السعر دون ملاحظة الجودة والمواصفة وهذا أمر مهم جداً ولا يقبل النقاش لكونه يرتبط بالصحة العامة للمواطنين، ويجب ألا يكون محل تهاون ومهاودة مع منتجين سمحوا لأنفسهم التطاول على حياة الناس ليملؤوا خزائنهم بأموال ملوثة.
وإن كان الحديث هنا تناول جانب الألبان والأجبان إلا أن المشاهدات العامة في الأسواق المحلية تدلل على أن مختلف الأنواع والأصناف المنتجة محلياً يدخل فيها الغش بهذه النسبة أو تلك، ولا يمكننا أن نستثني نوعاً محدداً.
ولعل الذهاب باتجاه التدقيق على عمل المنتجين في منشآتهم يعتبر الحلقة الأهم في ضبط الكثير من حالات الغش والاستغلال التي نشاهدها، ويمكن أن يخفف كثيراً من الأعباء التي تتحملها دوائر الرقابة التموينية، فدائماً عندما تضبط المنبع يمكنك أن تتحكم بما يرد نحو المصب. وهو ما قد يخفف على المستهلكين الذين لم يفقدوا الثقة بالمنتج المحلي لكن ليس أمامهم بديل أفضل.