للأسف الشديد وفي كلّ موسم تعود الحرائق لتخرب الحجر والشجر والتراب، وبالتالي البيئة التي لا تحتاج إلى عناصر إضافية لتلوثها وتخريبها.
عادت الحرائق لينتشر اليباس بدلاً من الاخضرار، وتذهب مواسم الحقول والأشجار المثمرة والكرمة وغيرها أدراج الرياح، والعبث البشري واللامبالاة يجعلاننا نضغط على زناد المحاسبة إلى الذروة وانتهاج سياسة الوقاية وتطبيقها مهما كان الأمر.
عادت الحرائق ونحن مازلنا في بداية الصيف، ومازال الجو معتدلاً فكيف في ذروة ارتفاع درجات الحرارة..؟!
عادت الحرائق وبنفس الأسباب لتلتهم قمحاً وشعيراً وزيتوناً وأحراجاً أوتقتل أرواحاً احتاجت للكثير من الجهد والتعب ودفع من أجلها المليارات لتصل إلى ما هي عليه وبرمشة عين تصبح هباءً يباساً..!!
خلال الأيام القليلة الماضية عشرات الحرائق اشتعلت في أكثر من مكان ومحافظة وامتدت على مساحات لا بأس بها من حقول قمح لفلاحين وبساتين لمزارعين لا يملكون سواها وهي جني عمرهم، ومهما تعددت الأسباب فإن النتيجة واحدة بخسارة الإنتاج الزراعي أو الغطاء النباتي واللافت في الأمر ظهور سبب آخر في هذا النوع من الحرائق وهو الماس الكهربائي الذي كان يحدث في المنازل والمستودعات وبعض المؤسسات والمحال التجارية، فمثلاً في قريتي الريحانية وزاهد في طرطوس ماس كهربائي يقضي على 24 دونماً من القمح حيث تسببت أسلاك كهربائية متدلية من خط متوسط في حقول المزارعين بحدوث الحريق ومثلها احتراق 1,5 دونم في قرية دير الحجر.
شاءت الأقدار ألا تمتد وتنتشر هذه الحرائق إلى مساحات كبيرة وساهمت جهود فرق الإطفاء وكوادر مديريات الزراعة والأحراج والمجتمع الأهلي في ذلك على الرغم من الإمكانات المتواضعة جداً التي بحوزتها ونبهنا مرات عديدة إلى ضرورة وأهمية دعم مديريات الزراعة والأحراج وفرق الإطفاء بالمستلزمات والمعدات اللازمة سواء الوقائية منها او الإجرائية من آليات وكوادر بشرية ونقاط مراقبة وإنذار ودعمها مادياً ومتابعة تجهيزها كي تكون قادرة على القيام بمهامها وليس تركها لقدرها على مبدأ (دبر حالك).
الحرائق أصبحت ظاهرة وكابوساً آثارها المدمرة تصيب الجميع وهي في المحصلة خطراً اقتصادياً واجتماعياً وبيئياًوعلى الأرواح ووجودياً سواء أكانت في الغابات أو البساتين أو المزارع والأراضي والحقول أو تلك التي تقع في المنازل والمحلات والمكاتب والمشافي وغيرها ،وبالتالي لابدّ من مواجهتها أولاً وقبل أي شيء بالوقاية التي هي العلاج الشافي الكافي بجميع الوسائل ،ومن ثم الاستعداد اللوجستي والمادي وفي الحالتين “علاج “لكن شتان ما بين العلاج بالوقاية والعلاج بالآلة..!