الثورة- ترجمة رشا غانم:
حذّر هنري غوينو – وهو الكاتب في صحيفة لو فيغارو ومن كبار مستشاري نيكولا ساركوزي -عندما كان رئيساً لفرنسا- من أن دول أوروبا تحت القيادة قصيرة النظر للولايات المتحدة كانت “تسير نائمة” في حرب مع روسيا، وكان غوينو قد استخدم استعارة سبقها إليه المؤرخ كريستوفر كلارك، لوصف أصول الحرب العالمية الأولى.
ويجادل غوينو بأنّ الولايات المتحدة ساعدت في تحويل ما يحدث إلى حريق عالمي محتمل، وأنّ الغرب- بقيادة بايدن- يعطي الصراع زخماً قد يكون من المستحيل إيقافه.
في عام 2014، دعمت الولايات المتحدة انتفاضة ضد الحكومة الأوكرانية المنتخبة شرعياً برئاسة فيكتور يانوكوفيتش، الموالية لروسيا.
يمكن للمرء أن يجادل في الأقاويل الروسية حول شبه جزيرة القرم، لكن الروس يأخذونها على محمل الجد، وفي السنوات الأخيرة، بدت السيطرة الروسية على شبه الجزيرة وكأنها توفر ترتيباً إقليمياً مستقراً.
ولكن وفي 10 تشرين الثاني 2021، وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا “ميثاق شراكة استراتيجية” ودعتها للانضمام إلى الناتو، وأدانت ما أسمته “العدوان الروسي المستمر” وأكدت “التزاماً ثابتاً” بإعادة دمج شبه جزيرة القرم في أوكرانيا.
حيث إنّ هذا الميثاق – وبرأيي غوينو- “أقنع روسيا بوجوب المهاجمة، قبل أن يتم الاعتداء عليها”، وقال: ” إنها العملية الحتمية لعام 1914 بكل نقاوتها المرعبة.”
هذا سرد صادق للحرب التي قال الرئيس فلاديمير بوتين بأنهم يخوضوها، حيث أثبت المسار الصعب للحرب في أوكرانيا، صحة تشخيص بوتين.
بحلول عام 2014 بدأت الولايات المتحدة في تسليح وتدريب الجيش الأوكراني بتردد في البداية في عهد الرئيس باراك أوباما، بينما أخذت الأجهزة الحديثة في التدفق خلال إدارة ترامب، واليوم أصبحت البلاد مدججة بالكامل.
ومنذ عام 2018 ، تلقت أوكرانيا صواريخ جافلين المضادة للدبابات من صنع الولايات المتحدة ، ومدفعية تشيكية وطائرات بدون طيار تركية، وغيرها من الأسلحة القابلة للتشغيل المتبادل لحلف الناتو، كما أرسلت الولايات المتحدة وكندا مؤخراً مدافع هاوتزر البريطانية الحديثة، وتمّ التوقيع حالياً على حزمة مساعدات عسكرية من قبل بايدن، بقيمة 40 مليار دولار.
وهذا ما يثبت صحة قول غوينو بأنّ الغربيين يسيرون أثناء نومهم حيث تحاول الولايات المتحدة إقناع نفسها بالوهم القائل بأن تسليح الحلفاء ليس مثل المشاركة في القتال.
وفي عصر المعلومات، يتزايد هذا التمييز المصطنع. حيث قدمت الولايات المتحدة معلومات استخبارية استخدمت لقتل الجنرالات الروس، وحصلت على معلومات الاستهداف التي ساعدت في إغراق طراد الصواريخ الروسي من البحر الأسود موسكوفا، وهو الحادث الذي راح ضحيته حوالي 40 بحاراً.
ولربما تلعب الولايات المتحدة دوراً مباشراً بدرجة أكبر، هناك الآلاف من المقاتلين الأجانب في أوكرانيا، حيث تحدث أحد المتطوعين إلى هيئة الإذاعة الكندية عن القتال إلى جانب “الأصدقاء” الذين “يأتون من مشاة البحرية، من الولايات المتحدة”، مثلما أنه من السهل تجاوز الخط الفاصل بين كونك مورداً للأسلحة وأن تكون مقاتلاً، فمن السهل تجاوز الخط من شن حرب بالوكالة إلى شن حرب سرية.
حتى لو لم نقبل تصريحات بوتين بأن تسليح أمريكا لأوكرانيا هو سبب اندلاع الحرب في المقام الأول، فمن المؤكد أن هذا هو السبب الذي جعل الحرب تتخذ الشكل الحركي والمتفجر والقاتل، دورنا في هذا ليس عرضياً، لقد قدمنا للأوكرانيين سبباً للاعتقاد بأنهم قادرون على الانتصار في حرب التصعيد.
ولأسباب مماثلة، فإن اقتراح بايدن بمحاكمة بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب يعد عملاً ينمّ عن عدم مسؤولية تامة، التهمة خطيرة لدرجة أنها لا تشجع على ضبط النفس، والنتيجة هي منع أي لجوء إلى مفاوضات السلام.
بقلم :كريستوفر كالدويل