الثورة- حسين صقر:
كثيرة هي المواد والمقالات التي كتبت عن سلبيات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما إذا كانت أهداف مستخدميها لأغراض دنيئة محورها الابتزاز بكل معانيه.
و ذلك الاستخدام يهيئ الأجواء المناسبة لما يسمى الابتزاز الالكتروني، والذي يعرف بأنه عملية تهديد وترهيب للضحية، بنشر صور أو مواد فلمية أو تسريب معلومات سرية تخصها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلالها للقيام بأعمال غير مشروعة، كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية، أو تحقيق الغايات الشخصية.
وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الالكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ الفيس بوك و تويتر، وانستغرام وغيرها، نتيجة الانتشار الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع، حيث مع العالم الرقمي أصبحت الحياة الشخصية معروفة بكافة تفاصيلها وتحولاتها، و متاحة كي يعرفها الجميع، منذ اللحظة التي يقرر فيها بث هذا المحتوى على الانترنت، وبمجرد أن تتصل لحظتك وذاكرتك بالشبكة العنكبوتية، فأنت تفقد السيطرة على ما تبثه، وقد لا تستطيع إلغاءه أو شطبه، حتى وإن رغبت، بل ويمكن لماضي الساعات المنصرمة أن يرسم معالم مستقبلك القادم، ولعل هذا ما جعل “الابتزاز الالكتروني” ظاهرة خطيرة أكثر مما نتصور، و في هذا الجانب يمكن الحديث عن ابتزاز الجنسين لبعضهما، حيث لن يتوقف على طرف واحد، ومن المعروف أن تلك الظاهرة زادت أضعافاً عما كانت عليه نتيجة التحول الرقمي، والذي لم يستخدمه البعض لغايات نبيلة.
وأصبحت الكثيرات من الفتيات والفتية المراهقين عرضة للاستغلال المادي والمعنوي والتشهير والفضائح بكافة أشكالها، وبعضهم أقدم على التخلص من حياته خوفاً من تلك العواقب.
* تشديد الرقابة الأبوية
ويقول المرشد الاجتماعي محمد العسراوي: إن وسائل التواصل الاجتماعي كسرت جميع الحواجز الاجتماعية والجغرافية، وتسللت إلى غرف النوم، وإلى دقائق الحياة الشخصية، ومع الانبهار بتلك التكنولوجيا، والرغبة في تحصيل أكبر قدر من الإعجاب، انهدمت جدران الخصوصية، وحلت مكانها الرغبة في الشهرة، ومع ذلك الجموح ظهرت القدرة على التصيد والتشهير والابتزاز، ولهذا لابد من تفعيل ما يسمى الرقابة الأبوية على الهواتف النقالة والحواسيب، خوفاً من وقوع جرائم مركبة، تتسع دائرتها غصباً، ودون سابق إنذار.
وأضاف العسراوي، في كل مجتمعات العالم، ترصد أجهزة التحقيق الكثير من الشكاوى والبلاغات عن تنامي الظاهرة، وبدلا من أن تعزز الرقمية قيم التواصل، فإنها كانت مدخلا للحصول على المعلومات؛ بل واختراق أجهزة “الموبايل والكمبيوتر” والقرصنة على محتوياتها، واستغلالها للضغط على الضحايا للانصياع للرغبات الآثمة، موضحاً أن تجارب الحياة، تؤكد أنه لن يتمكن من ابتزازك إلا من شاركته خصوصياتك بغض النظر عن طبيعة العلاقة بينكما، لذلك أطلب الحرص كل الحرص أثناء الدردشات والتحسب لكل تفصيل تقني صغير مهما كان.
* حبس وغرامة
بدوره أكد المحامي حسن الرفاعي أنه مع تطور العالم الرقمي ألغيت المسافات، و أصبحت أيدي المبتزين قريبة جداُ من ضحاياهم، ومكنتهم منهم بدرجة كبيرة.
و أوضح يُعرف الابتزاز الالكتروني بأنه تهديد بالتشهير بمشاركة معلومات تخص شخص ما، بما في ذلك الصور والفيديو، على الانترنت، مالم يستجيب لمطالب المُبَتز، والتي تكاد تنحصر في طلب المال أو الاستغلال الجنسي.
وقد يحدث الابتزاز نتيجة اختراق أو قرصنة للهاتف أو للكمبيوتر الخاص بالشخص، أو حتى استغلال صور عادية والتلاعب فيها من خلال البرامج الحديثة في المونتاج والجرافيك ليظهر ذلك الشخص في شكل مخز وفاضح، واستغلال هذا للضغط على الضحية وابتزازها، وأشار تكون عقوبة الابتزاز بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية إذا قام الفاعل بنسخ البيانات أو المعلومات أو التصاميم التي وصل إليها أو إلغائها أو تغييرها أو تشويهها أو تزييفها أو استخدامها أو إفشائها .
كما نصت المادة ٣٦٣ عقوبات عام على
مايلي: أن كل من هدد شخصاً بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه أو من قدر أحد أقاربه أو شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له أو لغيره غير مشروعة عوقب بالحبس حتى سنتين وبالغرامة حتى خمسمئة ألف ليرة.
وبذلك يمكن تقديم شكاية للنيابة العامة بجرم التهويل وتحريك الدعوى العامة بحقه وإثبات التهديد والابتزاز بالطرق القانونية.
وأضاف يتعرض العديد من المواطنين، يوما بعد يوم، ويتساءلون عن طبيعة جريمة الابتزاز الالكتروني، في وقت وتتزايد فيه تلك العمليات.
كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز ٣ سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوباً بطلب أموال أما إذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس ٧ سنوات.
* آثار نفسية
هذا ويؤكد علماء النفس أن الابتزاز الالكتروني يتسبب في مشكلات نفسية وسلوكية للضحايا، وقد يدفعهم إلى الانزواء أو يصيبهم بالاكتئاب، وقد يضطرهم إلى ارتكاب الجرائم، وهذا يتطلب الإحاطة ببعض القواعد للتعامل في حال التعرض للابتزاز، كذلك على الأسرة أن تتفهم الموقف إذا تعرض أحد أفرادها للابتزاز بسبب أخطاء ارتكبها، واستطاع شخص آخر أن يساومه عليها أو يهدده بنشرها والتشهير به مالم يستجب لمطالبه.
ولعل من أهم تلك القواعد، هي أن يميز الشخص بين ما ينشره على الانترنت، وبين ما يحتفظ به لنفسه بعيداً عن الشبكة، كذلك ألا يسمح لحياته وخصوصياته أن تكون نهباً على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا تُستغل ضده، وهذا يفرض أن يكون حذراُ في نشر صوره.