عشرات المخططات التنظيمية لأحياء وقرى وبلدات وحتى مدن ما تزال تقبع في أدراج المعنيين دون أن تجد من يخرجها إلى الضوء، وعليه فقد بقيت تلك الوحدات الإدارية تنتظر وبقي معها عشرات المشاريع السكنية والاستثمارية وغيرها رهناًُ بصدور تلك المخططات..
وعلى مدى كل تلك السنوات نمت على تخوم المدن والقرى والبلدات الأبنية المخالفة والعشوائية بمختلف تصنيفاتها التجارية والسياحية والسكنية وغيرها، وأصبحت أمراً واقعاً بعد أن تم غض الطرف عنها، لكنها بقيت تتسم بالعشوائية وعدم الانتظام، ما يعني أن حالة البناء في بعض تلك البلدات أصبحت غير منتظمة وفوق كل هذا فقد ساهم وجود تلك العشوائيات مع تقادم الزمن عليها، حجر عثرة في اعتماد بعض المخططات التنظيمية لقرى وبلدات وأحياء، نظراً لأنه لم يعد من السهل إزالة تلك العشوائيات وخاصة السكنية منها، وأصبحت أمراً واقعاً يحتاج إلى النظر به ومراعاة السكان وخاصة في وقت تصاعد فيه مؤشر التضخم في سوق العقارات بشكل كبير، حتى بات امتلاك غرفة أمراً من سابع المستحيلات بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين.
إذاً نجد أن التأخير في إصدار المخططات التنظيمية أدى إلى ظهور مشكلات مركبة ومتشابكة ومعقدة في بعض الأحيان بحيث لم يعد بالإمكان اعتماد المخططات الموضوعة من عشرين عاماً دون العمل على إزالة وهدم وترحيل الكثير من الأبنية المشادة (سكنية وتجارية وسياحية وصناعية وغيرها)..
فمنذ أن بدأت بعض الوحدات الإدارية بترحيل مشاكلها التنظيمية إلى الأمام دون أن تجد لها حلولاً جذرية، بات من الصعب جداً اعتماد مخططات تنظيمية تنهي حالات الفوضى والعشوائية، وتضع الوحدات الإدارية على عتبات جديدة من التنظيم بدءاً من تنظيم الشوارع والأحياء وتحديد ضابطة البناء وأماكن توضع مراكز الخدمات والمرافق العامة كالحدائق والملاعب والمستوصفات و….
وحتى التنظيم على أرض الواقع وإن حدث فهو لن يكون الحل الأنسب، لأنه سيكرس التشوهات العمرانية والعشوائية والفوضى في البناء، وبالتالي ستبقى مشكلات كثيرة وربما ستتطور إلى غيرها من المشكلات كلها يتحملها السكان والأهالي القاطنين في تلك الوحدات الإدارية..
من هنا يبدو وجه آخر من أوجه الترهل والتراخي والتأجيل والتسويف وربما الفساد المبطن الذي ساهم على مدى عقود طويلة في تأجيل خطوات إيجابية كانت ستساهم في عمليات التنمية المستدامة للوحدات الإدارية الصغيرة منها والكبيرة..