سباق تسلح جديد.. والعالم على فوهة بركان

الثورة- سامر البوظة:
على الرغم من دخول معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ في مطلع عام 2021 وتمديد معاهدة “ستارت” الجديدة الأميركية – الروسية 5 سنوات، إلا أن كل ذلك يبقى حبراً على ورق, فالعديد من الدول تسعى لامتلاك السلاح النووي أو تطوير ترسانتها ولو بطريقة سرية, وذلك لتعزيز استراتيجيتها الدفاعية في ظل تدهور الأوضاع والتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم على كافة الأصعدة, السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والأمنية, وما دامت بعض الدول المصنفة “عظمى” تواصل توسيع أو تحديث ترساناتها النووية وتعتمد على ذلك النوع من الأسلحة وتزيد من أهميتها في استراتيجياتها العسكرية بحجة حماية أمنها, فمن الطبيعي أن نشاهد الدول الأخرى تميل لمجاراتها.
فالساحة العالمية تشهد اليوم سباق تسلح جديد، تظهر ملامحه في زيادة الإنفاق العسكري لبعض الدول الكبرى, حيث سجل عام 2021 أكبر إنفاق عسكري في التاريخ تجاوز تريليوني دولار, إضافة إلى تشكل تحالفات عسكرية جديدة، رغم حالة عدم اليقين الصحي وحاجة العالم للتعافي الاقتصادي, وذلك وفقا للتقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي “سيبري” لبحوث السلام الذي نشر الاثنين الماضي, والرقم مرشح للزيادة في العقد المقبل وسط تفاقم التوترات العالمية, والمؤكد أن عام 2022 سوف يكون أكثر إنفاقا على السلاح بسبب تداعيات العملية الروسية لحماية المدنيين في أوكرانيا، التي أطلقت سباق تسلح في وسط وشرق أوروبا، الأمر الذي سيكون له تداعياته السلبية على اقتصادات العالم في ظل ارتفاع معدلات التضخم والضعف الواضح في سلاسل الإمداد.
وتيرة هذا السباق تصاعدت بشكل واضح في فترة الحرب الباردة، على خلفية الصراع الإيديولوجي بين الشرق والغرب، لكنه لم ينته بانتهائها، بل واصلت الولايات المتحدة سعيها في هذا المضمار، وبأشكال وطرق مختلفة من خلال الإنفاق العسكري الضخم وشركات السلاح، حتى وصلت إلى أرقام قياسية وغير مسبوقة, الأمر الذي ولد آثارا سياسية تمثلت في زيادة حدة التوتر بين الدول ووضع العالم على حافة الانفجار, كما أن بقية الدول الـ9 الكبرى المعروفة تمتلك هذه الأسلحة ومعظمها لايزال في حالة الاستعداد نفسها التي كانت سائدة أثناء الحرب الباردة, وهناك أكثر من 25 دولة أخرى أعضاء في تحالفات تعتمد على الأسلحة النووية كجزء من مكانتها العسكرية, هذا بالإضافة إلى أن بعض الدول الحائزة على الأسلحة النووية تخطط لتجديد مخزونها الاحتياطي من هذا السلاح أو تطويره.
وبحسب آخر تقرير للحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (آيكان) أصدرته الثلاثاء الماضي, فإن القوى النووية زادت نفقاتها لتحديث ترساناتها الذرية بحوالي 9بالمئة خلال العام 2021 وصولا إلى نفقات إجمالية قدرها 82,4 مليار دولار, والولايات المتحدة الأميركية وحدها أنفقت أكثر من 44,2 مليار دولار على برنامجها النووي العام الماضي، بزيادة 12,7بالمئة عن العام السابق، فيما خصصت الصين 11,7 مليار دولار بزيادة 10,4بالمئة لبرنامجها النووي, كما أن أموال دافعي الضرائب استخدمت لمنح عقود جديدة لشركات خاصة بلغت قيمتها الإجمالية 30,2 مليار دولار من أجل تحديث الترسانة النووية للقوى الكبرى.
هذه الأرقام الصادمة لها مسبباتها, ولعل أكثر الأسباب التي قادت إلى هذا الإنفاق التاريخي هو ضعف الثقة بالقانون الدولي وعدم وجود نية صادقة للمجتمع الدولي ومنظماته المعنية في إيجاد الحلول السياسية المناسبة والعادلة للتوترات والنزاعات حول العالم, ولم يحشد العزم اللازم لذلك, وهو ما دفع الدول لحماية نفسها بنفسها عبر شراء الأسلحة الحديثة والمتطورة وتعزيز أنظمتها الدفاعية والهجومية، خاصة مع ظهور أجيال جديدة من الأسلحة التي تتسابق على امتلاكها الدول الكبرى,هذا من جهة, ومن جهة أخرى أن هذا السباق المحموم على التسلح لا يمكن فصله عن التطورات الدولية والإقليمية وما رافقه من تغيير لقواعد ومعادلات الصراع والاشتباك بين الدول الكبرى, خاصة بعد فشل المشروع الأميركي لمحاولة استمرار الهيمنة على العالم، ونهاية حقبة “القطب الواحد” الذي ظلت تتفرد بها الولايات المتحدة لعقود, وصعود قوى إقليمية ودولية مؤثرة على المسرح الدولي, تسعى ليكون لها موطئ قدم في النظام العالمي الجديد الأمر الذي أفرز تشكيل تحالفات عسكرية جديدة, وشكل حافزا جديدا لشراء المزيد من السلاح.
في المحصلة، الأمور تبدو معقدة وآخذة بالتصاعد في ظل الرغبة الجامحة للدول في تعزيز قدراتها العسكرية وتطويرها حماية لمصالحها على اختلافها, وعدم القدرة على السيطرة على هذا الموضوع, لكن الأخطر من ذلك أن هذا السباق على التسلح يحدث والعالم يعيش عصر “الصناعات الذكية” وما يشكله ذلك من مخاطر من حيث إمكانية استثمار ذلك في إنتاج وصناعة أسلحة فتاكة و”ذكية”, الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا للأمن العالمي, ويضع العالم برمته على فوهة بركان لا أحد يمكنه التكهن متى وأين سينفجر.

آخر الأخبار
تعرفة الكهرباء .. ضرورات الإصلاح والواقع المعاش  فاتورة دعم الكهرباء كبيرة جداً ولا بد من تصحيحها رئيس الغرف الزراعية: إتاحة المجال لقطاع الأعمال للقيام بالاستثمار والتنمية إدارة منطقة منبج تنفي شرعية ما يسمى بـ " نقابة المعلمين الأحرار " انتهاكات "قسد" المستمرة تهدد بانهيار اجتماعي في الجزيرة السورية "التأمين والمعاش" بحمص ..طابق مرتفع وكهرباء بـ"القطارة" ..! رفع تعرفة الكهرباء بين ضرورات الاستدامة والضغوط المعيشة  مستشفى الصنمين... بين نبض الحياة وغياب القرار! "المستهلك المالي" يحتاج إجراءات مبسطة تناسب المواطن العادي الموجه الأول لمادتي الفيزياء والكيمياء: تفعيل المخبر المدرسي وإدخال "الافتراضي" خروقات "قسد" المستمرة.. انتهاكات بحق المدنيين تتجاوز اتفاق الـ10 من آذار  بعد رفع أسعار الكهرباء.. صناعيون يطالبون بالتشاركية لإنقاذ القطاع  التسوق الإلكتروني.. فرصة اقتصادية أم تهديد للمتاجر الصغيرة؟ تفعيل دور القضاء في السياسات التعليمية  الإصلاح والواقع المعيشي.. خياران أحلاهما مر  أمام  قرار رفع الكهرباء   الربط البري بين الرياض ودمشق..فرص وتحديات اقتصادية  في عالم الأطفال ..  عندما  تصبح الألعاب أصدقاء حقيقين   الأسعار الجديدة للكهرباء تشجع على الترشيد وتحسن جودة الخدمة  تعادل سلبي للازيو في السيرا (A) بايرن ميونيخ يشتري ملعباً لفريق السيدات