الثورة- ظافر أحمد أحمد
يتطلب فهم الواقع الحالي لمنطقة الجزيرة السورية والشمال السوري البحث في مكوّنات المرتزقة المنتشرين في المنطقة، قبل أي مكوّن آخر، وعلى الرغم من تبايناتهم فإنّ مواصفتهم الرئيسية هي أنّهم ”انفصاليون”..، والإرهاب هو وسيلتهم لتنفيذ نزعتهم الانفصالية.
فالمرتزقة ينقسمون إلى فئات ثلاث الأولى تتبع للاحتلال الأميركي أبرز تنظيماتها (قسد- وفصيل إرهابي يتمركز بشكل رئيس في منطقة التنف) يقدمهما الاحتلال على أنّهما شركاء محليون له، إضافة إلى فلول داعش التي يقدّمها الاحتلال على أنّها عدوّ له وأنّه يحاربها..
والثانية تتبع للاحتلال التركي، أبرزها ما كان يسمّى الجيش الحر، إضافة إلى كتائب ومجموعات وتنظيمات عديدة يرعاها الاحتلال التركي بشكل مباشر، ويستخدمها من أجل التغيير الديمغرافي وعمليات التتريك في مناطق انتشاره لتحويلها إلى جغرافيا مسلوبة، ولا تخفي تصريحات مسؤولي هذه الفئة من انخراطها في هذا المشروع..
والثالثة هي في حقيقة الأمر تتبع للاحتلالين معاً، وواجهتها تنظيم جبهة النصرة، الذي يقدّم الاحتلال التركي له الدعم والتسهيلات اللوجستية، ويتقاسم معه منطقة إدلب، وبذات الوقت يعمل الاحتلال الأميركي على تأهيله وتأمين الظروف كي يحوز صفة (معارضة سورية معتدلة) من أجل الاعتماد عليه في إدارة ذاتية تحوّل إدلب الخضراء إلى إدلب براية تنظيم القاعدة السوداء..
والاحتلالان متوافقان في الأسلوب والتحالف، ومتناقضان نسبيا في أدواتهما.. فالتحالف الأميركي والتركي وإن ظهرت خلافات بينهما لا تصل إلى حد الصدام إلاّ “بمناوشات” المرتزقة، فلا يتجاوز الاحتلال التركي دور الأداة الأميركية مهما حاول أردوغان النفخ في دوره وتقديم نفسه على أنّه لاعب كبير بين أقطاب الكرة الأرضية..!
ويحدد الاحتلال الأميركي شكل الصدامات بين شتى المرتزقة كما يحدد لمرتزقته خارطة التعارك مع الاحتلال التركي بما يخدم الخارطة الجغرافية التي ترسمها واشنطن لإدارات الحكم الذاتي والتنظيمات الانفصالية..، وسبق أن سمحت واشنطن لصراع المرتزقة والأدوات (قسد- وداعش)، ثمّ قسد وتنظيمات مرتزقة أردوغان، وقسد وجيش أردوغان نفسه، بشكل جعل من داعش في بداية الأمر السارق الأوّل للنفط السوري، ثمّ حلّ الاحتلال الأميركي مع مرتزقته محله في منطقة آبار النفط السورية ليصبح السارق الأكبر للنفط السوري.
ما من شأن يتعلق بالاحتلالين الأميركي والتركي يمكن استيعابه من دون الدور الكبير للمرتزقة، وهؤلاء مفتاح التعامل معهم في أيّ مشروع تحرري يتمثل في الدور الوطني المطلوب من سوريي منطقة الجزيرة، فكلّما تنبهوا أكثر إلى الدور الخطير للمرتزقة من متعددي الجنسيات ومرتزقة من بين ظهرانيهم كلّما أمسكوا بمفتاح حماية السيادة الوطنية، والارتباط العضوي بالدولة السورية..، لأنّ مشاريع الانفصال مهما تعددت أساليبها لن تجعل من أهالي منطقة الجزيرة والشمال السوري سوى أسرى لدى المرتزقة بينما مقاومتهم الشعبية هي التي تجعلهم سادة في زمن يعيبه أن تكون السيادة على الجغرافيا أحد الأحلام المعاصرة.