بدلاً من أن تكون مكاناً للاستشفاء أصبحت مكاناً لكسر الخواطر، هكذا هي حال بعض المشافي الخاصة التي لم تعد تراعي أخلاق المهنة في قواعد التعامل مع مرتاديها من المرضى الذين يضطرون لأن يقبعوا تحت الديون بعد أن تفردت بوضع تسعيرة خاصة بها متناسية تماماً تسعيرة وزارة الصحة التي تقف متفرجة متكئة على قراراتها الخجولة لكف يد الاستغلال عن المرضى .
وبات دخول المشافي الخاصة بحق كدخول المنتجعات السياحية من فئة الخمس نجوم إلا أن الدخول هنا قسري ليس منه مهرب وليس ترفيهياً، ورغم أن القائمين على تلك المشافي يتذرعون بأن أسعار المستلزمات الطبية ارتفعت كثيراً إلا أن أسعار الاستشفاء تضاعفت بشكل غير معقول حتى إن تكلفة أقل عملية جراحية تتخطى حواجز الأصفار الستة، ناهيك عن هذا فإن الفاتورة تبقى مفتوحة على أمور قد لايتوقعها ذوو المريض أبداً، والأنكى من ذلك أن العملية الجراحية تختلف تسعيرتها من مشفى خاص إلى مشفى آخر وكيف يتم تحديد تحديد الأسعار وعلى أي أساس هذا ما لا يعلمه إلا محررو الفاتورة أنفسهم !!.
المشافي الخاصة في دمشق كانت المستفيد الأكبر من زيادة الضغط على عدد من المشافي في محافظة ريف دمشق، الأمر الذي حدا بها لأن تتبع سياسة من يدفع أكثر فهو الأجدر بأن يحظى بمكان على أحد أسرّتها بعيداً عن أي اعتبارات أخرى ضاربة بعرض الحائط قرارات وزارة الصحة غير الملزمة لها.
وزارة الصحة المعنية بمراقبة المشافي ووضع تسعيرة لها من حيث الإقامة والعمليات الجراحية وحسب عدد الأسرّة، دورها شبه غائب اللهم باستثناء بعض الجولات على تلك المشافي والاكتفاء بمعالجة الشكاوى وفي حال ثبوت الشكوى فإنها تبادر إلى إلزامها بتعويض المريض أو إعادة جزء من المبلغ المدفوع له في حين إن المطلوب هو إيجاد آلية حقيقة للرقابة على المشافي الخاصة.
مهنة الطب هي قبل كل شيء مهنة إنسانية لكنها على ما يبدو لدى البعض بدأت تتحول لمهنة تجارية في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المشافي الخاصة وعدم تناسبها مع جودة خدماتها والاكتفاء بمعالجة الشكاوى المقدمة من قبل وزارة الصحة يضعنا أمام تدهور يمكن أن يشهده القطاع الطبي في هذا المجال إن لم تبادر الوزارة إلى اتباع سياسة جدية وفعالة في ضبط أسعار القطاع الطبي الخاص والرقابة على جودة خدماته ليصل كل ذي حق إلى حقه.