الثورة – ميساء العلي:
من المصطلحات المالية التي نسمعها “قطع الحسابات “، والتي يعتبرها الكثير من الخبراء الماليين الموازنة الفعلية التي نفذت أي النفقات الحكومية التي تم إنفاقها خلال السنة المالية مقابل واردات الموازنة التي تم تحصيلها، وهي الوثيقة التي يستند عليها أعضاء مجلس الشعب لمواجهة الحكومة في حال مخالفتهم لما تم إقراره في المجلس من بنود الموازنة لكل سنة.
غياب قطع الحسابات عن الموازنات العامة في سورية منذ العام 2013 أرجعها المسؤولون عن القطاع المالي للأحداث وظروف التخريب والإرهاب التي طالت بعض الجهات العامة، وفقدان بعض البيانات المالية التي يتم الاعتماد عليها لقطع الحسابات.
اليوم تمت الموافقة على قطع حسابات العام 2019، بعد عمل مكثف ما بين وزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية.
* انتهينا من إنجاز قطع حساب 2018..
معاون وزير المالية لشؤون الإنفاق منهل هناوي بدأ حديثه لصحيفة الثورة بإيضاح معنى قطع الحسابات والذي اعتبره عملية تدقيق في الموازنة العامة من أرقام النفقات الحكومية، وأرقام واردات الموازنة التي تم تحصيلها، ومقارنة ما تم تطبيقه كل عام مع ما تم إقراره في موازنة كل سنة عن العام التالي.
وأضاف إن قطع الحسابات يعتبر وثيقة هامة وأساسية لقطع حسابات لسنة مالية من خلالها نصدر موازنة الدولة بنفقات تقديرية أو إيرادات تقديرية، وتخضع للمراقبة من قبل الجهاز المركزي للرقابة المالية ومحاسبي الإدارة في الجهات العامة، لأن قطع الحسابات يعطي الأرقام النهائية الحقيقية لما تم إنفاقه من قبل الجهات العامة، وما تم تحصيله من إيرادات لذلك هو يعد أساس ارتكاز لبناء الموازنات للسنوات القادمة.
وأشار إلى أن أخر قطع حساب صدر لعام 2010 كان في عام 2012، وكانت وزارة المالية بالتنسيق مع الجهاز المركزي تقدم قطع حسابات لكل سنة بسنتها، لكن ما حدث مع بداية الحرب على سورية في العام 2011 تدمير العديد من القطاعات، وحرق الأوراق والثبوتيات في بعض الماليات، وهذا ما أخر إنجاز قطع الحسابات ما أدى لتعثر جمع البيانات ما بين وزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية، لكن بتضافر الجهود استطعنا تصدير قطع حسابات في العام 2015 عن العام 2011، وتم إنجاز قطع حسابات العام 2012 في عام 2018، في حين تم إنجاز قطع حسابات العام 2013 في عام 2019، ليكون بذلك هو الأساس الذي انطلقنا منه لإنجاز قطع حسابات الأعوام التالية، أما الإنجاز الأهم فقد كان العام الماضي حيث تم إنجاز قطع حسابات الأعوام 2014 و2015 و2016، وخلال الربع الأول من العام الحالي صدر قطع حسابات للعامين 2017 و2018، واليوم تحديداً ناقش مجلس الوزراء قطع حسابات 2019 وأقره، وبالتالي لم يبق إلا قطع حسابات العام 2020 و2021.
وأوضح هناوي أن دورة موازنة قطع الحسابات لا تقل أهمية عن الموازنة العامة للدولة، لأن هناك أيضا بياناً حكومياً سيتلى من قبل وزير المالية حول النتائج النهائية لقطع الحسابات تحت قبة مجلس الشعب. علماً أن مشروع قطع الحسابات يأخذ أسبوعاً كاملاً من المداولة من قبل أعضاء مجلس الشعب، حيث يجيب وزير المالية على كافة التساؤلات، ومن ثم يتم إحالته إلى لجنة الموازنة والحسابات المؤلفة من 30 عضواً، تعقد اجتماعات على مدار شهر تقريباً يتم خلالها استدعاء كل وزارة مع كامل مؤسساتها وأجهزتها لمناقشة الأرقام الحقيقية لقطع الحسابات، ونسب الإنفاق، وتعطي ملاحظاتها وتوصياتها حول نسب التنفيذ والإنفاق لكل جهة ليصدر فيما بعد عن هذه اللجنة تقرير مشروع قطع الحسابات الذي يتلى تحت قبة مجلس الشعب، ويأخذ الكثير من النقاشات والتصويت على كل مادة ليصبح بعد ذلك قانوناً.
وأضاف “اليوم لا يوجد أي مبرر للتأخر بإعداد مشروع قطع الحسابات لوجود البيانات والوثائق، لكن المبرر نراه بالتنفيذ، فقد تواجه بعض الوزارات نسب تنفيذ متدنية حسب كل وزارة وظروفها، ولكن يبقى السبب بضعف التمويل من وزارة المالية لمحدودية الإيرادات وأولوياتها بالتمويل من جهة، ومن جهة أخرى الحصار الاقتصادي وتقلبات سعر الصرف.
* موازنة البرامج والأداء..
رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق قال: أهمية قطع الحسابات في هذه المرحلة ينجم من أن التراكم الذي كان سابقاً موجود بوزارة المالية بقطع الحسابات قد أنجز كاملاً، بمعنى سيتابع عمل الوزارات حالياً وفق أحكام الدستور، حيث تنص المادة 82 “أن قطع الحساب للسنة الحالية يقطع في الربع الأول من السنة الثانية، مشيراً إلى أن إقرار الموازنة بقانون، وقطع الحساب بقانون.
وأضاف أنه إذا تم الانتهاء من تراكم قطع الحسابات سنتمكن من مناقشة كل وزارة و ما أنجزت حالياً من المعنيين بالوزارة، أي من قاموا بالتنفيذ وأعدوا الموازنة، وبالتالي متابعة أعمال الوزارات على أرض الواقع، وليس من قبل أشخاص لم يكونوا متواجدين أثناء مناقشة قطع الحسابات نتيجة التأخير.
وأضاف: اليوم تم عرض موازنة 2019 وإقرارها، ونحن بانتظار جداول وزارة المالية للبدء بإنجاز قطع حساب العام 2020، وسيتم تفعيل كل العاملين بالجهاز حتى خارج أوقات الدوام لإنجاز القطع بأسرع ما يمكن، وحين تم إنجاز قطع حساب 2020 سننتقل لقطع حساب 2021 في هذا العام، وسنبدأ السنة الجديدة بتنفيذ قطع حساب العام الحالي وفق ما نص عليه الدستور.
وأشار إلى مشاركة الجهاز في جميع مناقشات قطع الحسابات في مجلس الشعب لجهة نسب التنفيذ بالشق الاستثماري، ومعرفة أسباب تدني بعض النسب إلى ما دون الـ 50% لكل وزارة.
ولفت إلى أن الجهاز يعد تقريراً كاملاً عن قطع الحسابات لكل وزارة مع توصيات لتدارك الأخطاء ومقترحات لتطوير الأداء، وملاحظات وتوصيات الجهاز ملزمة، ومنها على سبيل المثال ضرورة إمساك القطاع الإداري بنظام محاسبة مزدوج بدلاً من الفردي الذي يعمل عليه، مشيراً إلى أن الجهاز يعمل حالياً على منهجية جديدة لإعداد الموازنة على أساس البرامج والأداء، وهناك استجابة من قبل وزارة المالية، ونقوم حالياً بالتنسيق معها لتشكيل لجان مختصة للبدء بالعمل وفق القطاعات.
اجراء شكلي يتم لتغطية إجراء واجب الاتباع.
* محمد العموري دكتور القانون بجامعة دمشق قال: إن موضوع قطع الحسابات في الموازنة العامة هو التدقيق أو التقرير الذي يتضمن ما تم إنفاقه، وما تم جبايته فعلياً عن العام الذي تقطع حساباته، والغاية التأكد من أن السلطة التنفيذية قد التزمت بقانون الموازنة العامة للسنة التي يقطع حساباتها، ومن أرقام الصرف والجباية، ومدى التقييد بقانون الموازنة العامة، مشيراً هنا إلى الدور الهام الذي يجب أن تلعبه السلطة التشريعية في الرقابة على السلطة التنفيذية.
وأضاف أن الدستور السوري لعام 2012 ألزم الحكومة تقديم قطع حساب الموازنة خلال عام، ولكن لم يتم الالتزام حتى الأن منذ الـ 2012 بهذا النص الدستوري، حيث تم قطع الحسابات لغاية 2013، ونتيجة هذا التأخر أصبح من الصعوبة بمكان نتيجة العامل الزمني وتغير الأشخاص أن يكون هناك رقابة فاعلة. مشيراً إلى أن الدستور السابق لعام 1973 كان قد أعطى مدة لإنجاز قطع الحساب، وهي مدة فعلية حقيقية لأنه خلال سنة لا يمكن إنجاز حساب قطع الموازنة نتيجة انشغال وزارة المالية بإعداد الموازنة وأمور أخرى.
وبين أنه من المفروض إذا كان هناك عمل للسنوات الماضية فتغطيتها لا يعني أن العملية الرقابية تمت بالفعل على عمليات الصرف والجباية من السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية بل يعتبر ذلك إجراء شكلياً يتم لتغطية إجراء واجب الاتباع في السنوات الماضية، و يبقى الدور الرقابي للجهاز المركزي للرقابة المالية الذي يجب أن يقدم تقريراً عن قطع الحساب الختامي يعده بناء على مشروع القطع الذي تعده وزارة المالية ليكون بذلك وثيقة تساعد السلطة التشريعية بالتحقق من الأرقام التي ترد في مشروع قطع حساب الموازنة العامة للدولة، وهذا الإجراء هو الأكثر فائدة، ويتكامل مع عمل الجهاز المركزي للرقابة المالية كون التأخر يؤثر على قيمة مشروع قطع حساب الموازنة العامة للدولة.
وأمل العموري أن يتم الالتزام بالنص الدستوري، وإنجاز قطع الحساب خلال المدة المحددة، وألا يكون هناك بعد زمني حتى يكون التدقيق والرقابة على عمليات الصرف والجباية حقيقية.