بأثمان وأجور بخسة مرضية أو غير مرضية، قبلوا بها شاؤوا ذلك أم لم يشاؤوا، بحكم القلة والحاجة الماسة لعمل افتقد لأي أشكال ومواصفات العمل اللائق ولجميع الشروط اللازمة، من حيث توفير بيئة عمل مناسبة وبشروط أقل ما يقال عنها إنها مقبولة بأدنى درجات ونسب هذا القبول، حيث العمال هم شريحة أطفال لم تسعفها ظروفها العيش كبقية الأقران من الأطفال الآخرين.
فعمالة الأطفال بعنوانها العريض لم تعد مجرد موضوع عادي يثار في الاجتماعات وورشات العمل، مع كل ما يتضمنه من تشعبات تحدث الكثير من النتائج والآثار السلبية على أعداد من الأطفال في أعمار متفاوتة، من المفروض وهم بهذه المرحلة الهامة أن يعيشوا متعتها وتفاصيلها بعيداً عن حمل المسؤوليات والعمل في عمر طفولي مبكر.
إذ أصبح عمل الأطفال واقعاً يومياً مفروضاً غير مرتبط بتوقيت معين أو فترة زمنية محددة ينتهي بانتهائها، ومشاهد هذا العمل بأشكالها المختلفة شواهد تثبت زيادة نسب الأطفال ممن يزجون في سوق العمل، ويعيشون أصعب الظروف للحصول على دخل مادي بعد أن فقدوا السند أو المعيل لأسباب وظروف مختلفة منها طارئة ومنها ما هو مفروض بحكم الضغوطات والتحديات المعيشية الصعبة.
والوجع الأكبر لهؤلاء الأطفال قد لا يكون في مجرد انخراطهم في أعمال ومهن صعبة وشاقة، بل أيضاً في ما يرافق ذلك من استغلال من قبل كثيرين من أصحاب العمل للأطفال لناحية الأجور القليلة قياساً بصعوبة العمل، أو لعدم تأمين شروط العمل المناسبة في مكان العمل، ومنها الأعمال الخطيرة وما تحدثه من خطورة صحية لاحقاً.
والملفت في الأمر هو تعدد أسباب عمل الأطفال حتى في أسوأ أشكاله، وتحوله لظاهرة، ولاسيما خلال ظروف الحرب العدوانية على سورية، وما سببته من خسائر على جوانب مختلفة، وتحديات صعبة في الحياة المعيشية عموماً.
ولعل التسرب المدرسي أبرز أسباب ارتفاع نسبة الأطفال العاملين، ما يدعو لمزيد من القلق والخطورة، وضرورة البحث والتقصي في أمر مهم للغاية، وتضافر العمل للجهات المسؤولة للحد من الظاهرة بحلول وإجراءات من شأنها أن تسهم في التخفيف من سلبيات وخطر هذه العمالة التي لن تنعكس على الطفل فقط، بل على الأسرة والمجتمع بشكل عام.