في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع لحظة إقلاع معمل سكر سحلب بعد سنوات من التوقف، وقد بُذلت جهود كبيرة منذ العام الماضي لصيانة الآلات لتكون جاهزة للدوران واستقبال محصول استراتيجي مهم من المزارعين الذين بدورهم عادوا للزراعة على أمل تسويق محصولهم.
يبدو أن الفرحة لن تكتمل مع التخوف من عدم قدرة المزارعين على إيصال محصولهم لأرض المعمل جراء الارتفاع الكبير في أسعار أجور النقل التي وصلت حسب تأكيدهم لـ 200 ألف ليرة لمسافة لا تزيد عن 3 كم، وهو مبلغ خارج قدرتهم وسيسهم في زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي عدم تحقيق الجدوى الاقتصادية وضياع تعب موسم زراعي ومعه آمال كبيرة، والأكثر أسفاً أن يقدم الشوندر كوجبة للمواشي لتجنب دفع أجور النقل واليد العاملة المرتفعة.
الترقب والتخوف من عدم استثمار محصول الشوندر المهم لا يقتصر على المزارعين، فالقائمون على شركة سكر سلحب دقوا بدورهم ناقوس الخطر وأعلنوا أن المعمل قد يعمل يوماً ويتوقف يوماً آخر جراء عدم انتظام التوريدات، ما يعني خسائر اقتصادية كبيرة بعد صرف الملايين على استيراد البذار وتكاليف المحروقات وغيرها، لذلك ناشدوا الجهات المعنية التدخل السريع لإنقاذ الموقف وتدارك تلك المعيقات ومعالجتها قبل وقوع الفأس بالرأس ونندم ساعة لا ينفع الندم.
واقع معمل سكر سلحب والصعوبات التي يواجهها لعودة دوران عجلته الإنتاجية هو نموذج آخر عن إجراءات وتوجهات قاصرة في معالجة وحل معيقات ومشكلات قطاع الزراعة بشكل عام وتوالي الفشل الحاصل فيه والتبعات السلبية الخطيرة لعوامل داخلية بالبيت الزراعي، أكثر منها عوامل فرضتها ظروف البلد والعقوبات الجائرة عليه والبون الشاسع بين تصريحات القائمين على هذا القطاع التي تحمل تأكيدات عن مواسم خيرة سنحصدها بعد دعم كبير قدم لها والنتائج المخيبة على الأرض، ولعل الأرقام المتداولة عن تدني الإنتاج بمحاصيل إستراتيجية واستمرار معاناة المزارعين وتعمق الصعوبات وعزوف العديد من المزارعين عن زراعة محاصيل اعتادوا على زراعتها من سنوات خير مثال هنا.
وصول محصول الشوندر لبطون المواشي لا سمح الله والفشل في تشغيل معمل سلحب بكامل طاقته والاستفادة من كل حبة سكر تنتج عنه لا تتحمل مسؤوليته وزارة الزراعة فقط رغم أنها الوزارة المعنية بشكل مباشر وإنما الحكومة ككل، ومقولة “حوالينا ومو علينا” التي يعتمدها بعض المسؤولين عند حصول أزمة بقطاع يجب التخلص منها ومطلوب استنفار جهود وإمكانات الجميع لتجاوز هذه المشكلة وحلها.
السابق