كانت عبارة متداولة، بما يشير إلى احتمال أنها تؤرخ لمفترق حضارة في الحياة المعاصرة .. ترى قبل اعتماد زيت الكاز عندنا كمولد للحرارة والطاقة والإضاءة، على ماذا كانت تعتمد حياتنا “الطاقوية”..؟!
أسأل محاولاً استشراف احتمالات المستقبل في ظل ما أوصلتنا إليه حالتنا، أو ما أوصلنا حالتنا إليه..؟؟!
كثيرون في بلدنا سورية المنكوبة بالحرب الإرهابية والحصار يستخدمون اليوم وسائطَ لإنتاج الطاقة الحرارية وغيرها .. ما يفتقد مستوى زيت الكاز مما يجعلنا نتذكر تلك الأيام بكل خشوع !! على الرغم من يافطات الطاقة البديلة !!.. فشلنا في إدارة واستثمار الطاقة الكهربائية وحواملها وتسربت من حياتنا بما يشير إلى احتمالات أن عودتها لن تكون سهلة، هذا يجعلنا نشك بأن الذين حولوا إنتاج واستثمار الكهرباء إلى كارثة، قادرون أن يبدعوا في استثمار الطاقات البديلة .. مما يجعلنا ننتظر المستقبل بـ “يا ساتر” …
دعونا مع زيت الكاز بماضيه المشرق لدرجة أنهم يؤرخون به ” سنة طلوع زيت الكاز ” ..
كثيرون قد يكونون لم يتعرفوا على طائل استخدام زيت الكاز ..هؤلاء أفسدتهم الكهرباء .. ويحتاجون إلى تأهيل .. يجب أن يكون تأهيلاً صحيحاً دقيقاً .. وليس كتأهيل محطات إنتاج الكهرباء ..الذي كلما وضع في الاستثمار أطل منه العجز والفساد .. هؤلاء الذين يجهلون ثقافة الكاز تتحداهم ثقافة العتم والبرد والجوع والملابس غير المكوية .. ويتحداهم أيضاً .. أين الكاز..؟!
كان الكاز يشعل مصابيح الإنارة المنزلية.. وبفضله وعلى نوره درسنا وتعلمنا وكوينا البناطلين والفساتين .. والقمصان و التنانير .. واللفحات والمحارم والمناديل .. وإن ذكرت زيت الكاز يجب أن تذكر طباخ الكاز الشهير باسم “وابور الكاز ” .. يطبخ كل شيء ويشوي رؤوس الخواريف للتخلص من صوفها قبل الطبخ ..
“لعلمكم هذا الوابور رجع للاستخدام اليوم بمسخ عنه .. يعبأ بالمازوت ورشة بنزين …ولاقي هاد كي تلاقي الثاني” .. ولا يعطي الطاقة نفسها ولا يصلح للاستثمارات ذاتها … لكنه يغني عن أكل الطعام نيئاً..
بعد طلوع زيت الكاز .. انتشر على مهل بين الناس وخافوه وخافوا الوابور حتى كان الغاز والكهرباء .. واليوم لم يعودوا يخافون إلا البرد والجوع .. والباقي كله مفقود ولا يخيف .. إنما أنا أخاف الذي قد نضطر إلى استخدامه كمرحلة جديدة متقدمة في مسيرة التخلف.
زمن طلوع زيت الكاز .. كان في استخدامه “شوفة حال” .. و كان يشترى بالليتر من الدكاكين .. الليتر .. أو السوداية .. أو الشاويش .. أو القنينة .. لها عديد الأسماء والمسمى واحد .. وكانت تباع بعشرة قروش .. و كان يأتي إلينا بتنك أو صفائح مختومة .. عشرين ليتراً وكانت بعض الأسر تستطيع شراء تنكة ووضعها في خدمة الأسرة .. وكانوا قلة ..
كانت أياماً صعبة .. لكن لم نكن نبرد … !!!
اليوم أنا أخاف من البرد القادم ونحن بأول الصيف .. متأثراً بالشتاء الماضي .. وأخاف ما كان قبل طلوع زيت الكاز وقد نعود إليه .. !!
As.abboud@gmail.com