في كتابه الذي جاء بعنوان (ما الأمور التي على المحك)، يجيب المؤرخ الألماني فيليب بلوم في آخر جُمل كتابه على سؤال العنوان بقوله: كل شيء.
سؤال مبعث بحث حول الكارثة المناخية.. وإذا تمّ سحبه على الكوارث التي تسبّبها الحروب وأزماتها سيكون جوابه أيضاً: كل شيء.. وأول شيء من هذه ال(كل شيء) هو الأخلاق..
فالأخلاق هي أولى ضحايا الحروب والأزمات.
لعل الأغلبية منا كانت تعتقد أن اهتمامات المرء تتعاظم في أثناء الحرب..
ينسى أحدنا أو يتغافل عن صغائر الأمور والتفاصيل البسيطة..
ما حصل أن هذه التفاصيل هي التي تمنح يومياتنا لونها وطعمها.. تفاصيل صغيرة قادرة على إحداث الفرق.
لحظاتنا فعلياً تقتات على هذه التفاصيل التي تكشف داخلنا إمكانية تبرع بخلقها أحياناً وتقينا مواجهة السؤال: ما الحياة الحقّة؟
وهل، بالفعل، كنّا نحيا طوال السنوات الماضية؟
حين تواجهنا هذه التساؤلات ستعود إلى أذهاننا عبارة فيليب بلوم: (كل شيء على المحك).. لكن من يكترث..!
اكتظاظ وتراكم اللاممكنات، يُعيد مرّات ومرّات السؤال عن إمكانية الحياة الحقّة في هذه البقعة الجغرافية.
تتصاعد نغمة الـ(ربما) في أحد فصول كتاب فرانسوا جوليان “الحياة الحقّة”، حين يتم التساؤل عن معناها أو ماهيتها..
فربما لم نحيَ هذه الحياة بعد..
وربما نحن نحيا نوعاً من شبه حياة..
وربما “ثالثة” ترى أننا عشناها وأكثر..
وربما أخرى تذهب إلى أن ما هو ماثل بين أيدينا من حياة ليس إلا حياة زائفة..
وبين الشبه والزيف والحقيقي تتماوج يومياتنا.
فليست كلّ لحظاتنا زائفة.. كما ليست كلّها حقيقية..
وكأنما حبلٌ من (الممكن) تم شدّ طرفيه بين تلك الزائفة والحقيقية.
وما نفعله أننا نُظهر مهاراتنا في التراقص عليه.