الثورة – عبد الحميد غانم:
يوم تحرير القنيطرة من رجس الاحتلال الإسرائيلي يوم أغر وخالد في نفوس السوريين والعرب وفي تاريخ سورية والمنطقة بما يحمله من معان ودلالات سطرها جيشنا السوري الباسل بتضحياته الجسام في حرب تشرين التحريرية عام 1973، فكان القطاف تحرير جزء من الجولان لاسيما تحرير مدينة القنيطرة والتأكيد بأن الجولان عائد وأن المقاومة هي الخيار الوحيد لاستعادة الحق المغتصب.
تمر الذكرى الثامنة والأربعون لتحرير القنيطرة في وقت تتعافى فيه سورية من الإرهاب وتتواصل عملية البناء والتطوير وتطهير الوطن من رجس الإرهاب وما خلفه من تدمير وتخريب.
هذا في الوقت الذي نرى فيه الأزمات المتعدِّدة التي يمرّ الكيان فيها ويعج بها وتتقاذفه يمنة ويسرى، في أكثر من صعيد. وبينها على سبيل المثال لا الحصر، أزماته السياسية، وأبرزها الاستعصاء الحكومي الممتد منذ شهور وسنوات.
فالكيان الغاصب الذي يعد في أصل وجوده جيشاً استيطانيّاً وكياناً احتلالياً يواجه أزمة وجود وأزمة هوية، فلم تستطع قوة الاحتلال أن تخلق حالة الانسجام والتوافق لدى المهاجرين اليهود الذين جمعتهم في كيان غاصب على أرض فلسطين، وفشلت في صهرهم ضمن بوتقة واحدة، فلا يزال الانقسام والتشتت والفرقة تنخر في ظهراني المستوطنين الذين أجبروا على الهجرة إلى فلسطين، ونلاحظ اليوم تصاعد وتيرة الهجرة المعاكسة من الكيان إلى البلدان التي هاجروا منها في القرن السابق، ولم يعد هناك ما يربط يهود العالم بالكيان سوى الدعاية الصهيونية التي لم تقنع هؤلاء بالمجيء إلى ما كان يعرف بالـ”وطن الجنة” لليهود.
كما أن هذا الكيان الذي فرض وجوده بقوة السلاح ودعم قوى الاستعمار القديم والجديد، غير قادر على البقاء والاستمرار مع زوال الدوافع الاستعمارية لقيامه قبل خمسة وسبعين سنة على قيامه، وقد فقد مبررات وجوده في التفكير الاستراتيجي الاستعماري بعد ظهور بدائل استعمارية كثيرة تأخذ بعين الاهتمام استخدام القوة الناعمة في الهيمنة والسيطرة أمام الفشل الذريع لسياسات العدوان والاحتلال بأشكاله المختلفة.
فضلاً على ظهور عجز الكيان في قدرات قواته المحتلة في البر والبحر والجو وفقدان عامل التفوق العسكري النوعي خاصة أمام المقاومة البطلة في فلسطين ولبنان وكذلك في الجولان المحتل وأمام الجيش السوري الباسل.
إلى جانب حالة الذعر والخوف التي تصيب جنود العدو الإسرائيلي والتي تسببت لهم بحالات مرضية مقلقة تؤكد أنهم مرتزقة لا يقاتلون على عقيدة دفاعاً عن حقوق عادلة كما يفعل جيشنا ومقاومتنا، بل أدركوا أنهم مرتزقة يحاربون من أجل أهواء شخصية مصلحية، ما يجعل العدو يعيد النظر في قراراته قبل أي مغامرة عسكرية أو عدوان واسع النطاق ضد أي بلد عربي كما كان يفعل في السابق، حتى أنه لم يفكر بأي مجازفة تدخله في حرب مع المقاومة سواء في جنوب لبنان أم فلسطين.
إن ذكرى تحرير القنيطرة تشكل حافزاً للسوريين دولة وجيشاً وشعباً لمواصلة النهج والموقف الثابت المتمسك بالحقوق والأرض وعدم التنازل عنها لأنها كما أكد السيد الرئيس بشار الأسد في حديثه مؤخراً لقناة روسيا اليوم أنه “لن نتنازل عن الأراضي المحتلة لإسرائيل، هذا الموضوع يحاسب عليه القانون، هذا موضوع وطني وليس سياسياً”.
إن كيان الاحتلال مهما حاول من عدوان وسياسات تهويدية واحتلالية لن يستطيع الإبقاء على احتلاله للأراضي المحتلة واغتصاب الحقوق.. وستعود إلى أصحابها الحقيقيين طال الزمن أو قصر.