تتعد قواميس لغة الزهور وتتنوع، ولكلّ دولة رموزها ومعتقداتها فيما يخص تلك اللغة، ولكنّها جميعاً تتفق على أنها هي أقوى مفردات الطبيعة تعبيراً عن المشاعر والعلاقات الإنسانية، وقد أهدت إلينا الكتب والحضارات الكثير من حكايات العشاق ودور الورود في خلق عالم من المحبة والوفاء، كما سجّلت بعض الدول في أسفارها اعتمادها واحدة من الزهور شعاراً لدولتها ورمزاً لوجودها، كما اليونان عندما اختاروا زهرة البنفسج زهرة وطنية، واتخذ الألمان الريحان، وفي لبنان شجرة الأرز، ونفخر نحن بوردتنا الشامية وياسمين دمشق في بلد الياسمين.
واليوم إذ نشهد معرض الزهور في دورته 42، الذي تحتضنه حديقة تشرين، نقف عند تلك المعاني التي يحملها عالم الزهور من المحبّة والجمال، سياحة بين بساتين الأمل وعبق الأزهار التي تستصرخ فينا النقاء والعطاء وتوقظ فينا الإحساس بالحياة بمفهوم جديد.
ولابدّ أن نتوقف عند تلك الفعاليات والنشاطات الثقافية والفنية التي ترافق هذه الدورة من عمر معرض الزهور، فقد اشتغلت وزارة الثقافة في مديرياتها أغلبها أن تكون حاضرة في عروض للأطفال عبر مسرحيات وبرامج ترفيهية، وعروض فلكلورية تحيي تراثنا العريق، في محاولة لربط الفرد ببيئته وحضارته والتمتع بجمال منتجها الطبيعي والثقافي في الآن نفسه.
ومن يتابع هذه الحشود على مدرج المسرح الروماني، لابدّ أن يؤكد أن هذه الجهود تؤتي أكلها، فالجميع متعطش لمساحات من الجمال تسكن إليها الروح، وتزهر بها المشاعر، وتغتني بها النفوس، وقبل ذلك كلّه، هذا الاجتماع الحميمي بين أفراد المجتمع بشرائحه كافة، كما كان دائما فسيفساء منوعاً متماسكاً لا تفصم عراه عاديات الزمن وتحديات وقائع الأيام وأحداثها الآثمات. .
ومعرض الزهور يعود في كلّ عام بحلّة جديدة، يقدم فيها إنتاجه من عالم الزهور، ويرسل رسائله إلى العالم، يهدي أزهار السلام من بلد السلام، ووردة واحدة تكفي لكسر جليد العالم جميعه.