خرجت قمة الناتو بنتائج وضعت العالم على حافة الهاوية بعد أن رفعت مستوى عدائيتها لروسيا والصين، وتبنت مواصلة نهجها التصعيدي ضد البلدين، وبشكل يكاد يكون الأكثر كارثية منذ الحرب العالمية الثانية.
فدول الحلف أعلنت الاستمرار بدعم النظام الأوكراني بمزيد من العتاد والأسلحة، وقررت دعوة السويد وفنلندا للانضمام إلى عضوية الحلف للتصديق عليها بشكل سريع، ليس هذا فحسب، بل وصل الأمر إلى وصف روسيا بأنها أكبر خطر على ” الناتو”، وأنها والصين باتتا تشكلان تهديداً مباشراً لأمنه، وهذا الأمر يعتبر تحولا جديداً في مسار المواجهة، بل أكثر من ذلك هو إيذان بالانتقال لمرحلة المواجهة المباشرة مع موسكو وبكين.
على هامش القمة أيضاً، وضمن هذا السياق التصعيدي، جاء إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن تعزيز بلاده وجودها العسكري في أوروبا- في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا – كي يتمكن الناتو حسب زعمه من الردّ على التهديدات الآتية من أي اتجاه، ومن أي نوع.
من المؤكد أن ” قمة مدريد ” هي القمة الأخطر للناتو منذ عقود، كونها فتحت حدود المواجهة ووضعت العالم على بركان متفجر، وهذا يعني أن المرحلة المقبلة سوف تكون متخمة بكل أنواع الاستفزاز والتصعيد ضد روسيا والصين وحلفائهما في المنطقة والعالم .
التصعيد الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة هو الأخطر على الإطلاق، كونه يستهدف زعزعة الاستقرار العالمي، ونسف كل المعادلات والقواعد الجديدة التي أطاحت بأركان القوة والهيمنة الأميركية، على نحو يحاكي الأهداف والطموحات الأميركية بالرجوع إلى زمن القطبية والهيمنة، في إصرار تام على تجاهل أن ذلك بات مستحيلاً ، وهذه حقيقة يجب على واشنطن ليس إدراكها وفهمها فحسب، بل الخضوع والتسليم بكل مخرجاتها وارتداداتها على الأرض، فالعالم سئم من الخراب والإرهاب الأميركي و لم يعد بمقدوره الاستمرار بالبقاء تحت نير الطغيان والغطرسة، لأنه بات بحاجة إلى نظام متعدد الاقطاب تسوده العدالة واحترام الشعوب، وليس نظام يقوم على الأحادية وازدواجية المعايير والسياسات الاستعمارية التي تنتهك الكرامات والحريات وتنهب الثروات والحقوق.