من هذا الفضاء الأزرق الذي ما إن يتعطل لثوان حتى نشعر أن كل المساحات الكونية على اتساعها حولنا قد ضاقت ..وعلى الرغم من أننا أيضاً لا نترك مناسبة إلا ونشير إلى ما يحمله ويسببه لنا من متاعب ..لكننا متحمسون ومنغمسون فيه وفيه شذرات جميلة منها كما تقول بعض الصفحات إن أحدهم جلس قرب الفنان العالمي بيكاسو وكان بيكاسو قد بلغ مجده فقال الرجل لبيكاسو لا أراك تجيد إلا رسم الخطوط والشخبرات غير المفهومة أنت لا تعرف الرسم ..
فما كان من الفنان العالمي إلا أن رسم حبة قمح على الأرض ظنها الجميع حقيقية حتى الدجاج حاول التقاطها ..
دهش الرجل وقال لبيكاسو : لماذا لا ترسم هكذا …ضحك الفنان وقال : أنا لا أرسم للدجاج ….اليوم في المشهد الثقافي والإعلامي والفكري وحتى الاجتماعي ثمة من يقفز إلى مكان ليس له في العمل الإبداعي يكتب شعراً كما يدعي وهو لا يعرف ألف باء التفعيلة ولا الوزن ولا الإيقاع.
ومن يكتب رواية فإذا هي أكوام من الثرثرة التي تندم أنك أضعت وقتاً حتى في قراءة عنوانها .
والمشهد الإعلامي ليس بأفضل مما سبق الكل إعلامي والكل نال شهادات تقدير فيسبوكية ..والكل يكتب إلى من يهمه الأمر ويوجه النقد والانتقاد ..
وغدا التسطيح سيد المشهد…
عدونا بلا عمق معرفي حقيقي نريد أن نتحدث عن الحداثة وما بعدها ونحن لما نصل إلى قراءة عتبات ألف باء اي عمل من أعمالنا..
وقس ذلك على الكثير من قضايانا الاجتماعية وحتى بوجهها التقني …نريد أن نستخدم آخر الإنجازات ونرسم دروباً لها ولكن حتى أدنى مقوماتها لا تتوفر ….ولئلا نبتعد عن الواقع مثلاً كانت آخر القفزات في أسعار الاتصالات والانترنت تحت مسوغ واحد للاستمرار بالعمل وتحسين الجودة وعدم الخسارة …
لكن ما حدث بعد ذلك أن الخدمة قد ساءت أكثر في الاتصالات والانترنت وهذا ما يبدو بعد انقطاع التيار الكهربائي الذي يطول ساعات وساعات .
ومع ذلك ثمة من يحلق بعيداً بأجنحة الوهم ويتحدث عن قفزات ليست إلا في الخيال ..لكننا ندفع ثمنها مالياً واجتماعياً وإحباطاً وعدم ثقة.
بكل بساطة : من يريد أن يهرول ويعدو يجب أن تكون قدماه قويتين وعلى الأقل يجب أن يحسن الإحماء التدريجي للوصول إلى الهرولة والعدو سريعاً.
ربما يظننا الكثيرون أننا دجاج ويعملون كما قال بشار بن برد …
ربابة ربة البيت تصب الخل بالزيت ..
لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت .