الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
ليس من المستغرب أن تركيا رفعت يوم الثلاثاء الماضي، حق النقض (الفيتو) ضد محاولة فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو بعد أن وقعت الدول الثلاث اتفاقية، وفي خطابه بعد وصوله إلى مدريد لحضور قمة الناتو، شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن على وحدة المنظمة، قائلاً إن الناتو “متحمس جداً كما أعتقد أكثر من قبل”.
سيؤدي انضمام هاتين الدولتين المحايدتين إلى الناتو إلى زيادة عضوية المنظمة إلى 32 دولة، ولم يكن المقصود من حلف الناتو بأنه منظمة للأمن الإقليمي، بل كان القصد أن يكون كتلة عسكرية وأداة سياسية عدوانية أقيمت في أوروبا للمساعدة في الحفاظ على الهيمنة الأمريكية العالمية.
على الرغم مما تريده الولايات المتحدة، تعتقد أوروبا بشكل أساسي أن الناتو يجب أن يكون مجموعة دفاعية لأمنها، والناتو هو الرمح في يد واشنطن وفي نظر الأوروبيين فهو بمثابة الدرع. ومع استمرار توسع الناتو، ستؤدي الاختلافات المكشوفة تدريجياً في مصالح أعضاء الناتو إلى مزيد من الخلافات والصراعات داخل الحلف.
ويثير التوسع مشكلة معضلة أمنية، حيث يزداد عدم ارتياح الدول المجاورة لحلف الناتو، ما يؤدي بدوره إلى دفع المنطقة بأكملها وحتى العالم إلى سباق تسلح وتغيير المشهد الجيوسياسي بشكل جدي وخطير.
كما يتزايد انعدام الثقة وخطر الحرب، ما يجعل المنطقة والعالم أقل أمناً. قال سونغ تشونغ بينغ، الخبير العسكري الصيني لصحيفة غلوبال تايمز إن الناتو مجرد منظمة عفا عليها الزمن في الحرب الباردة وقد فقدت منذ فترة طويلة ما يسمى بوحدتها أو تماسكها.
وكان التحول في موقف تركيا بسبب صفقة حيث تريد أنقرة الحصول على تأكيدات بأن دول الشمال الأوروبي مستعدة للتعامل مع دعم الجماعات الكردية التي تصنفها تركيا على أنها منظمات إرهابية، ولاسيما حزب العمال الكردستاني.
اليوم تبرز حقيقة أن الناتو مشتت داخلياً، حيث تتزايد الانقسامات داخله مع جر المزيد من الدول، وتأمل الولايات المتحدة في سد هذه الانقسامات، لكن من الصعب تلبية جميع الاحتياجات.
فيما يتعلق بقضية الصراع الروسي الأوكراني، هناك مطالب مختلفة بين الدول الغربية، حيث تريد ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وقف الحرب في أسرع وقت ممكن، والولايات المتحدة تدعو جميع دول الناتو لمواجهة مشتركة ضد روسيا.
يعتقد وانغ شو، الأستاذ بكلية العلاقات الدولية بجامعة بكين للدراسات الخارجية، أنه في ظل هذا الوضع، تتساءل العديد من الدول الأوروبية عما إذا كان الناتو قادراً على حل الأزمة في أوكرانيا.
إذا لم ينجح، فما الهدف من وجوده؟ في الوقت الذي يعتقد فيه الأوروبيون أن الناتو بحاجة إلى لعب دور، إلا أنه أثبت أنه غير موحد وغير كفؤ، وهي علامة أخرى على أزمة الناتو الوجودية.
لكن انضمام البلدين الاسكندنافيين إلى الناتو هو استفزاز لروسيا، وسوف يزرع عداء جديداً بعمق، ولن تصبح أوروبا أكثر أماناً مع هذا التوسع الكبير.
وأشار وانغ إلى أن الانضمام إلى الناتو يشبه شراء التأمين الطبي للأمراض الخطيرة، وهو راحة نفسية للعديد من الدول الأوروبية: قد يكون التأمين مفيداً، لكن الجميع يريد تجنب أن يكون في متناول اليد، إن الانضمام إلى حلف الناتو ليس ميزة مجانية؛ قد يتم “ابتزاز” البلدان من قبل الناتو، “شركة التأمين”، لأن الأخيرة تجلب مشاكل أكثر بكثير من الفوائد.
سواء أكان ذلك ضجيجاً حول “التهديد الروسي” أم التأكيد على الاتفاقية بين تركيا ودولتي الشمال الأوروبي، فإنه لا علاقة له بما يسمى “وحدة” الناتو، ولكنه مجرد قشة تنقذ الأرواح لإطالة عمر الناتو.
المصدر: Global Times