الملحق الثقافي- ديب علي حسن :
كان ذلك منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً حين لقيتها بعد غياب أربعة أشهر بادرتني بالقول: لقد أرسلت لك رسالة بالبريد إلى قريتكم ..لماذا لم تجبني عليها..؟
يا…لما تصلني رسالتك بعد ..شغلني الأمر كثيراً وحين عدت إلى القرية صار هاجسي أن أعرف مصير الرسالة ..من الذي تسلمها من بريد الناحية..لماذا لم يقم بإيصالها لي..؟
لم يشغلني ما في الرسالة قط فليس معادلة نووية إنما أعرف أن ثمة مشاعر حب والكثير مما لا أعرف كيف أعبر عنه ..
ومازلت كلما قرأت رسالة أتلهف لمعرفة مصير تلك الرسالة ..والحلم أن تصلني يوماً ما مازال قائماً مع أن من كتبتها رفيقة العمر..
اليوم بلهفة المحب نفتح ملف أدب الرسائل بين المبدعين وأجمل الرسائل تلك التي تتقد حروفها وتشع من داخل مغلفها ..تحرق أنامل حتى ساعي البريد ..
من جبران إلى مي زيادة ومن غسان كنفاني إلى غادة السمان ومن ديزي الأمير إلى خليل حاوي ..ومن نزار قباني إلى سلمى الحفار الكزبري..
والملاحظ أن غادة السمان نشرت رسائل غسان كنفاني إليها وكذلك رسائل أنسي الحاج لكنها لم تنشر رسائلها إليهم..
قد يقول البعض: إنها لم تعد تمتلكها..ربما يكون ذلك..
مع أنها ذات يوم كانت قد كتبت أنها احرقت رسائل غسان كنفاني إليها…
صحيح أن نشر الرسائل آثار ضجة كبيرة ولاسيما إنها نشرت الكثير مما قاله غسان كنفاني بلحظة توق ..
ومن ألبير كامو إلى…ومن ماركيز إلى…
القائمة طويلة كنوز رأت النور وبعضها مازال حبيس عبقه ننتظر بلهفة أن يرى النور..
بين رسائل الأمس واليوم بون شاسع ..ولكل من ينتظر بريده العاجل …انتظر معك لست بعجلة من أمري …كل يوم أسأل من كتبت لي الرسالة: ما كتبت فيها..؟ بجواب موارب: حين تصلك ستعرف …
برأيكم هل سأعرف يوماً ما ..؟
العدد 1102 – 5-7-2022