الثورة – ترجمة رشا غانم:
بعد انتخاب يون سوك يول، رئيساً لكوريا الجنوبية، كان من المتوقع أن تتغيّر سياسة بلده تجاه كوريا الشمالية بشكلٍ جوهري، على خلاف، مون جاي إن، حيث حاول الأخير إشراك بيونغ يانغ خلال فترة حكمه، ما أسفر عن عدّة اجتماعات قمة بين الكوريتين والولايات المتحدّة.
على الرغم من أنّها لم تستطع أن توقف تجاربها الصّاروخية، إلا أنّ بيونغ يانغ لم تقم بتجارب نووية منذ أيلول 2017، ويمكن أن يعزى ذلك لسياسة الاشتباك في سيؤول، وبشكلٍ عام، كان هناك تحسن في العلاقات بين الكوريتين في عهد مون، ولكنها لا تزال غير مرضية.
ولقد أوضح الرئيس يون منذ البداية بأنّ كوريا الجنوبية لن تنخرط مع كوريا الشمالية بشكل غير مشروط ومن جانب واحد، مبيّناً أنّ العلاقات تحتاج إلى “تبادلية مشتركة”.
لقد كان مون منفتحاً على الحوار، ولكن إذا لم يقدم نتائج وكان بمثابة عرضٍ دبلوماسي بدون التوصل إلى نتائج تقضي بنزع السّلاح النّووي، فكان يون مؤمناً بأنّ ذلك لن يساعد العلاقات بين الكوريتين.
وفي خطابه الافتتاحي، تحدّث يون عن عرض خطة على كوريا الشمالية، تتضمن المساعدة الاقتصادية، مقابل نزع السلاح النّووي، مؤكداً بأنّ الخطة من شأنها أن تقوي اقتصاد كوريا الشمالية، وتحسّن من جودة الحياة لشعبها.
ومن المثير للاهتمام، بأنّ نهج حكومة يون يشبه سياسة الصفقة الكبرى للرئيس لي ميونغ باك لعام 2009، وبالمناسبة، أدى ذلك إلى تدهور العلاقات بين الكوريتين.
كان جوهر سياسة الصفقة الكبرى هو أنه إذا تخلت كوريا الشمالية عن برامجها النووية والصاروخية، فإنّ سيؤول ستساعد بيونغ يانغ في بلوغ دخل الفرد البالغ 3000 دولار أمريكي في السنوات الخمس المقبلة.
كما قدمت السياسة ضمانة أمنية لكوريا الشمالية وتطبيع العلاقات بين الكوريتين. ولكن، لم تقبل بيونغ يانغ بشروط السياسة التي أدت إلى طريق مسدود في العلاقات الثنائية.
وبعد فوات الأوان، فإنّ فشل سياسة لي ميونغ باك تجاه كوريا الشمالية يسلط الضوء على تحديات السياسة الحالية، أولاً، يقوم على افتراض أن بيونغ يانغ في وضع صعب ولن ترفض عرضاً يتضمن حوافز اقتصادية.
ومع ذلك، تظهر التجربة أن بيونغ يانغ لم تنجذب بشكل عام إلى مثل هذه الحوافز في الماضي، ثانياً، يبدو أن سياسة كوريا الجنوبية ليس لديها أي مسار بديل للعمل.
إذا رفضت كوريا الشمالية العرض، فستصبح السياسة غير ذات صلة، ثالثاً، تفترض السياسة بأنّ المزيد من المشاركة العسكرية مع الولايات المتحدة، مثل التدريبات المشتركة، جنباً إلى جنب مع التعاون الأمني مع اليابان، ستحل المشكلة بين الكوريتين.
وأخيراً، تتبنى السياسة نهجاً “متوازناً” يحتوي على كل من العقاب والحافز، ففي 15 حزيران 2022، قال وزير الوحدة في كوريا الجنوبية – كوون يونغ سيه- بأنّ بلاده ستحاول الحفاظ على “المرونة التي أظهرتها الإدارات الليبرالية السابقة” لكنّها لن تتنازل عن “الموقف المستقر للإدارات المحافظة” التي أظهرتها في الماضي. المشكلة هي أنّ مثل هذه الصرامة لم يكن لها أي تأثير على كوريا الشمالية حتى الآن بحيث تجعل إمكانية الحوار غير محتملة.
هذا وتفترض السياسة الجديدة بشأن كوريا الشمالية أن مزيجاً من الحوافز والمطالبة بالمعاملة بالمثل مع تعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة سيكون مثمراً، هذا يعني أنه لم يتم تعلم أي شيء من الماضي. يجب على إدارة يون تجنب هذه الحماقة.