الثورة – تحليل لميس عودة:
ليست جريمة مقتل مواطن أميركي من ذوي البشرة الملونة ب60 رصاصة في ولاية أوهايو على أيدي الشرطة، هي الأولى من نوعها التي تعري قبح التمييز العنصري في أميركا، فالتاريخ الأميركي حافل بالتعديات والانتهاكات والممارسات الوحشية ضد المواطنين أصحاب البشرة السمراء, والعنصرية ليست حالة طارئة، بل هي في صلب التشريعات الناظمة لحياة الأميركيين وهي القاعدة التي تأسست عليها الهيكلية السياسية والتشريعية والقوانين النافذة منذ أن قامت هذه الدولة المارقة على أشلاء الهنود الحمر سكان البلاد الأصليين، فالتمييز العرقي والفرز الطبقي حسب اللون والأصل ضارب جذوره في الهيكلية البنيوية لقوة الشر العالمي الأولى في الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.
والتاريخ المعاصر للشرطة الأمريكية حافل بالاعتداءات على مواطنيهم من ذوي البشرة الملونة وليس آخرها مقتل مواطن في أوهايو، فقبلها قتل جورج فلويد ذو الأصل الإفريقي بطريقة شنيعة، ووفق معلومات جمعها موقع “خرائط الشرطة الأمريكية”، المتخصص برصد انتهاكات العنف للشرطة المحلية، أدى العنف الدموي الذي تستخدمه الشرطة الأمريكية لمقتل 7 آلاف و666 شخصاً ما بين 2013-2019.
وفي ظل تنامي الفظائع الوحشية ضد الأميركيين الملونين تأسست منظمة “حياة السود ذات قيمة” عام 2013 قادت مظاهرات احتجاجية في مدن أميركية ضد الممارسات العنصرية التي تقترفها أجهزة الشرطة، ووثقت المنظمة مقتل مواطن أسود يدعى إريك غارنر في نيويورك في 2014 بطريقة مشابهة لحادثة مقتل فلويد.
وحينها، قال جارنر- تماماً مثلما فعل فلويد- لرجال الشرطة إنه لا يستطيع التنفس، وتحولت كلماته الأخيرة “لا أستطيع التنفس”، لشعار في ذلك الوقت، هذه أمثلة من قوائم طويلة لضحايا العنف العنصري الكثيرة المتواصلة في أميركا.
المتمعن في التاريخ الأميركي يدرك أن الإجرام والدموية والعنصرية البغيضة هي أسس بنت أميركا عليها ركائز تعدياتها واستباحتها للحقوق وتطاولها العدواني على الدول، وهذا الشيء متأصل في ذهنية كل حكامها على تنوع أحزابهم، وإن حاولوا التعتيم على قبح ما يسود في المجتمع الأميركي من ممارسات وحشية وانتهاكات موثقة بحق فئات معينة من الشعب الأميركي وفي مقدمتهم أصحاب البشرة الملونة.
ومهما حاولت الإدارات الأميركية التستر على فظاعة التمييز العرقي الممارس ضد الأميركيين ذوي البشرة السمراء، فقباحة الأفعال الممارسة ضدهم في الواقع والفرز المقيت الذي يغربل مواطنتهم يفضحها، فالظلم الممنهج ضدهم والقمع والتعدي عليهم لا تحجبه ادعاءات المواطنة الواحدة، والشعارات الزائفة بأن أميركا لجميع مواطنيها.